الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإهمال والتجاهل والأنامالية والخلاص من الحياة


شهدت مصر فى الشهور الماضية حالات انتحار متعاقبة لعدد من الشباب فى أعمار متقاربة من حيث السن والمستوى التعليمى، ما جعل قضية الانتحار الشغل الشاغل للمصريين على مواقع التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع.

ومن الناحية العلمية والدراسات النفسية نجد أن المنتحر تظهر لديه أعراض أهمها الاكتئاب وفقدان القدرة على التوجيه والرعونة والتبرم ، ومما يساعد أيضًا على الةنتحار أو الشروع فيه : حالات الفصام العقلى ، واضطرابات الشخصية والحالة المزاجية السيئة ونزعة تدمير الذات والغضب الجامح والشك والاتكالية والاندفاعية والبصيرة القاصرة والتورط فى المسائل الجنسية والاغتصاب.
 
وعلى الأساس الديموجرافى السكانى نرى انه من الثابت علميا أن الانتحار أو محاولات الانتحار ظواهر متباينة كثيرًا والواجب ان نتعامل معها كل على حدة فمسالة الانتحار ومحاولات الانتحار لديها من التعقيدات المثيره
على الرغم من أن العلاقة بين الانتحار والاضطرابات النفسية (خاصة الاكتئاب والاضطرابات الناجمة عن تعاطي الكحول) معلومة تماما في البلدان المرتفعة الدخل، إلا أن هناك العديد من حالات الانتحار التي تحدث فجأة في لحظات الأزمة نتيجة انهيار القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة، مثل المشاكل المالية، أو انهيار علاقة ما أو غيرها من الآلام والأمراض المزمنة.

والانتحار لا يحدث في البلدان المرتفعة الدخل فحسب، بل هو ظاهرة عالمية في جميع أقاليم العالم. وفي حقيقة الأمر، إن أكثر من 79% من حالات الانتحار العالمية في عام 2016 حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

هذا ويعتبر اليأس من اهم العوامل الكامنه وراء الانتحار ، فهناك علاقة مؤكدة بين اليأس والانتحار ، وكلما كان اليأس ملازمًا للاكتئاب الذى يشعر به الفرد فإنه من شأنه ان يزيد درجة الانتحار ، ويعتبر اليأس من أكثر العوامل تأثيرًا في الفرد للإقدام على الانتحار .

ونجد فى الفترة الراهنة مع تسارع عجلة الحياه وضغوط الحياه وانشغال الأفراد بالسعى وراء لقمة العيش والضغوطات الاقتصاديه والاجتماعيه والتغييرات التى طرأت على شكل الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعيه وانعكاس تلك الأوضاع على الحاله النفسيه والاجتماعية للأفراد نجد ان شكل العلاقه بيننا أصبح أكثر تعقيدًا عن ذى قبل ، فأصبحت الأسره المصريه لديها فى المرتبه الاولى من الأولويات الماده وتوفير المال اللازم لحياة أفرادها، فزادت نسبة الطلاق والتفكك الأسرى والصراعات المنزلية وعدم التفاهم بين الزوجين والاولاد ، أصبحت الاسرة مختله وظيفيا عما سبق لا تهتم بالجانب الوجدانى والعاطفى للابناء بل تهتم بالجانب التعليمى فقط لا تشترك مع الابناء فى اعمال مشتركه كما عهدنا عليه اسرنا فيما مضى ، أصبح لدى بعض الأبناء الأكثر حساسيه أو هشاشه فى البناء النفسي مشاكل فى المدرسه أو فى الجامعه او العمل أصبح الابن العاطل عن العمل يبحث عن معنى لحياته ، لديه مشاكل عاطفيه او جنسيه مشاكل تتعلق بهويته ووجوده ، يبحث عن حل لأزماته يعبر عن إحباطه ويأسه تارة بالكلام وتارة بسلوكيات الرفض والتبرم والضجر والانسحاب والانطواء على الذات.
 
الشخص الذى يفكر فى الانتحار او من ينوى الإقدام على الانتحار او من قام بالفعل بالانتحار سبق وان اعطى بعض العلامات المنذره بقدومه على ارتكابه لهذا الفعل ، وغالبية من حوله قد غض الطرف او تجاهل او شعر بقلة الحيله أو فقدان السيطره للتعامل مع أنينه وصراخه وشكواه وتبرمه ويأسه .

نحن أصبحنا مشاركين بشكل مباشر أو غير مباشر فى مساعدة الشخص المقبل على الانتحار أو المنتحر بالفعل من خلال تجاهلنا لصرخاته المستمرة أصبحنا نتجاهل بقصد او بدون قصد متاعب الآخر وجراحاته النفسيه أصبح لدينا لامبالاة وأنامالية تجاه الآخر.
 
وأرى اننا بحاجة لتفعيل جهاز الإرسال والاستقبال العاطفى لدينا نحتاج لتلبية نداء من يعانى من مشكلة نفسية بارشاده لاهل الاختصاص ومتابعة حالته بشكل مستمر ، نحتاج لتدعيم بعضنا البعض اجتماعيا بالمسانده والتعاطف، نحتاج للسؤال عن بعضنا البعض والاهتمام بالامور التى تخص الاخر وإعطاء الخبرة والمشوره، 
نحن بحاجه الى تكافل اجتماعى ونفسي حقيقى لمن يقع فى مشكلة أو ضائقه ، لانتجاهل أوجاع وأنات الأخرين ، لا نعيش فى جزر منعزلة عن بعضنا البعض.
 
نحن فى حاجة لوعى مجتمعى حقيقى بأهمية العناية بالجوانب النفسية والصحية والنفسية للشباب وطبيعة الأمراض النفسيه وتأثيرها على مجريات حياتنا ، نحتاج للقرب من الشباب والتعرف على طموحاتهم وأهدافهم وسقف توقاعاتهم ، نحتاج للتعرف على التمنى وكيفية التخطيط له للوصول للأهداف المرجوة ، وللحديث بقية.  
.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط