الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم كروم أشهر فتوات السبتية.. حاول استقبال عبد الناصر بالأسد ولجأ فريد شوقي اليه .. فيديو

الفتوة إبراهيم كروم
الفتوة إبراهيم كروم بصحبة الرئيس الراحل محمد نجيب





الحاج "إبراهيم كروم"، أحد أشهر الفتوات بمنطقة بولاق والسبتية، وربما بربوع مصر كلها خلال فترة ثلاثينيات حتى بدايات ستينيات القرن الماضي، عرف عنه شهامته وشجاعته وحمايته لأهل منطقته التي لا تزال الأجيال السابقة والحالية تذكرها وتحكي عن سيرته وقصصه المثيرة، لينبت حبه في قلوب أهالي السبتية، بالرغم من رحيله منذ عشرات العقود ولكن تبقى فحوى سيرته على أفواه وألسنة محبيه وأسرته.

لينفض موقع "صدى البلد" الغبار عن قصة الحاج "إبراهيم كروم"، ويتوجه إلى منطقة السبتية لمعرفة كواليس حياة الفتوة الأشهر بقاهرة المعز العتيقة، و الاستماع إلى قصصه التي حملت الكثير من المفاجآت ربما لن يتخيلها البعض.

داخل حارة منزوية بشارع "حوض الزهور" بمنطقة بولاق الجديدة، يقبع منزل عتيق مكون من 4 طوابق، يتخلله شرفات خشبية ذات طراز ستيني، يعيش به الحاج "مصطفى كروم" الابن الأوسط للفتوة الشهير" إبراهيم كروم" حاملًا معه ذكريات والده وهو متكئ وشارد على أريكته وتعلو وجهه ابتسامة تظهر زهوه بماضي والده " كروم".

يروي " مصطفى" السبعيني أن والده إبراهيم ولد عام 1909 في عصر الخديوي عباس حلمي الثاني، ونشأ بمنطقة الوراق قبل أن يفد مع والده راعي الأغنام إلى منطقة حوض الزهور ببولاق أبو العلا للبحث عن رزقه، وحين وصل "كروم" إلى عمر الـ 17 عامًا بدءا في العمل مع معسكرات الإنجليز في رصف الطرق بيومية تقدر بـ5 مليمات، حاملًا قصعته بحثًاَ عن لقمة العيش.

وبعد تخطيه الـ17 عامًا اصبح عود "إبراهيم" يافعا وشديدا متسمًا بالقوة، لتذاع شهرته كفتوة حين داخل في مشاجرة كبيرة ضمت عددا من الفتوات انتصر عليهم بنبوته مصيبًا قرابة الثمانية أشخاص في معركة تحاكى بها أهالي السبتية آنذاك، ومن هنا بات "كروم" صاحب كلمة على قاطني المنطقة الذين لجأوا إليه لحمايتهم وحل مشاكلهم الواقعة بينهم، وفقا لتعبير " مصطفى " ابن الحاج ابراهيم.

منذ عام 1936 حتى 1944 خلال الحرب العالمية الثانية حقق الفتوة " كروم"، ثروة كبيرة من بيع السكر حيث شهدت تلك الفترة شحا كبيرا فيه، وذلك من خلال صرف حصص كبيرة من السكر لبيعها إلى أهالي السبتية والمناطق المجاورة لها.

وبحسب رواية الابن تمكن " إبراهيم " من خلال تجارته الرائجة آنذاك من شراء العديد من المنازل والمحلات ليغدو تاجرًا كبيرًا ويتخلى عن الفتونة التي اعتبرها مرحلة في حياته، إلا أن هذا التحول جعل منه رجلا ذي شأن و مقربا من رجال الثورة والوسط الفني وغيرهم من شخصيات عامة.

وعن مواقف وذكريات الحاج "إبراهيم" روى مصطفى الابن ويعلو وجهه ابتسامة رضا وفخر، أن والده التقى برجال مجلس الثورة عام 1952 وكان محبوبا لديهم حيث استقبله محمد نجيب في إحدى المرات، لجسارته ومواقفه الشجاعة تجاه ثورة يوليو.

عرف عن "كروم" ايضًا وطنيته الشديدة وذلك بمساندته للجيش المصري والرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال العدوان الثلاثي الذي وقع عام 1956 عبر منح الدعم المادي واللوجيستي من سلاح ومؤن للمقاومة الشعبية بمدينة السويس لمواجهة العدوان بعد تأميم القناة .

وفي عام 1960 حاول "إبراهيم" فتوة السبتية، استقبال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعد عودته من الهند وهو يمتطي أسدا أو فيلا، إلا ان هذا الأمر باء بالفشل بعد أن رفض صديقه "محمد الحلو" مؤسس السيرك القومي منحه أيا من تلك الحيوانات، حتى لا يلحق الأذى بالمحتشدين لاستقبال الرئيس، ليجهز "ركوم"، أفضل حصان لديه بأحد الاسطبلات التي كان يملكها حينها، ويجمع الآلاف من الأهالي لإلقاء التحية على جمال عبد الناصر، بميدان عابدين، في مراسم احتفالية مهيبة ، حيث أصر ابراهيم مصافحة الرئيس بنفسه وقد كان، وفقًا لروية "مصطفى كروم".

كان الحاج ابراهيم" شخصية مثيرة للجدل بسبب افعاله غير المتوقعة، والتي برزت حين عقد قرانه على زوجته الثانية الممرضة أثناء حجزه بمستشفى القصر العيني القديم، في زفة ضمت رقصات وفرقا غنائية داخل أروقة المستشفى، ليتسبب بهذا الأمر في فصل مديرها، لاقامة عرسه بالقصر العيني وسط ذهول الأطباء والمرضى.

وفي إحدى المرات لجأ النجم فريد شوقي إلى الحاج "ابراهيم"، لتمثيل أحد الأدوار بفيلم فتوات الحسينية، إلا أنه رفض بسبب أداء دور أحد صبيان فريد، مبلغًا إياه أن جميع فتوات مصر صبيانه فكيف له ان يكون واحدا من صبيانه بالفيلم المعروض عليه.

بحسب وصف مصطفى ، كان "إبراهيم كروم" طويل القامة وعريض المنكبين وذا شارب كثيف، وكان لديه قرابة 108 جلاليب من أفخم الأقمشة الإنجليزية وغيرها من ماركات شهيرة، حيث كان يحب الاهتمام بشكله ومظهره أمام الناس، كما كان يحمل نبتوًا تميز به عن باقي الفتوات آنذاك.

وبالرغم من قوة شخصيته وشدته، إلا أنه كان حنونا على أولاده وأسرته ولم يبخل عليهم بأي شيء وحرص على تعليم أبنائه وأدخلهم أفضل المدارس القومية، وكان عطوفًا مع الفقراء ويقوم بمساعدتهم في أي شيء وكانت الحكومة تطلبه لحل أقوى النزاعات العائلية للفصل بينها وحلها حين كان يعجز المسؤولون عن إنهائها.

وفي عام 1963 أسدل الستار على حياة أشهر فتوة بالسبتية " إبراهيم كروم" عن عمر 54عامًا، لتصبح حياته أسطورة لن تتكرر، بعد أن وافته المنية وسط أحزان أهالي منطقته وفتوات عصره، لتشيد له جنازة حافلة حضرها كبار الشخصيات والمشايخ و مندوب رئاسة الجمهورية، لتوديعه إلى مثواه الأخير، ليترك بعدها الابن مصطفى دراسته وهو في الثانوية العامة ليباشر أعمال والده الذي حرص على تعليمه جيدًا.