أجاب الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، وذلك خلال فتوى مسجلة له عبر صفحة دار الإفتاء المصرية، عن حكم الشرع إذا أجبرت الأم ابنها على ترك من يحب دون أي سبب وتريد تزويجه بأخرى ترى أنها الأفضل، كما تطلب من ابنها أن يحلف على المصحف أن يترك البنت التي يحبها ليتزوج الأخرى وإلا تقاطعه.
وأجاب عاشور، قائلًا: إن هذا مشكلة تعتبر أسرية، وهذا النوع من المشاكل يحتاج دائمًا مزيدا من سعة صدرٍ من الأب والأم وتفهما للواقع الذي نحن فيه، فمعالجة الأمور تختلف باختلاف الأزمان والأجيال.
وأشار الى أن الأب والأم ليس عليهما إلا الاستشارة الخالصة لله وحبا في بنتك أو ابنك، فلا ينبغي لهما أن يكونا عقبة في وجه أبنائهما وبناتهما بل يستمعا لهم ويتأكدا أن نصيحتهما الخالصة تصل إليهم لأنها من قلب محب لهم.
وأوضح أنه لا يوجد إنسان كامل سواء ولد أو بنت؛ بل لكل مميزات وعيوب تختلف برؤيتهم للذي يودون الزواج منه وبالعكس، مستشهدًا في ذلك بحديث ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ».. رواه مسلم..
ونصح أنه يجب على أي شاب أو فتاة من الذين يتعرضون لهذا الموقف أن يسترضوا والديهم؛ فكل زيجة ليس فيها رضى الأب أو الأم قد لا تستمر، حيث إنهم إذا تعرضوا لمشاكل في حياتهم ينقلبون ضدهم لا معهم.
حكم عصيان الوالدين في الزواج
هل الزواج دون موافقة الأهل عقوق؟ فعقوق الوالدين المحرم هو مخالفة أمرهما بما يؤدي إلى أذيتهما، ولم يكن لأمرهما مصلحة ظاهرة لهما، ولا أثر بالغ عليهما، وإنما نشأ عن رغبة نفسية، أو هوى قلبي.
الشيخ محمد عبد السميع، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قال إن الإسلام أمر ببر الوالدين وحُسن صُحبتهما وإن كانا مُشركين، متجاوزًا في ذلك مسألة الإيمان.
وأضاف الشيخ محمد عبد السميع، فى إجابته عن سؤال ورد إليه خلال فتوى مسجلة له، مضمونه: "ما حكم عصيان الوالدين في الزواج؟"، أنه إذا كنا فى حالة خطبة فينبغي على الخاطب والمخطوبة أن يراعيا قصد الوالدين ولا يتصرفا إلا بقصدهما، فإذا كانا أقدما على مرحلة الزواج وجاء نصح الأم أو الأب بعد كتب الكتاب فلا يطاعا فى هذا الأمر بالتحديد لأنهما أصبحا متزوجين، وللعلماء قاعدة فى ذلك "أنه ليس من الحقوق عقوق"، أى من حق الشاب والفتاة أن يكونا متزوجين فليس فى ممارسة حقهما عقوق للوالدين.
وأشار الشيخ محمد عبد السميع، إلى أنه إذا نصح الوالدين أولادهما بعدم الارتباط من هذا الشخص فيؤخذ بمشورتهما ولكن هذا يكون قبل الخطبة أو بعدها، أما بعد الزواج فلا يسمع بكلامهما، فإذا تزوج الشاب فلا يطلق زوجته بناءً على كلام والديه فهذا ليس من البر كذلك مع الفتاة إذا تزوجت فلا تطلب الطلاق من زوجها إذا حرضها والداها على ذلك.
وقال الدكتور محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، في إجابته عن سؤال: «هل عدم موافقة والد الشاب على زواجه من فتاة فيه إثم، خاصة أنهم اختاروا له فتاة أخرى وقالوا له تحرم علينا لو لم تتزوجها؟"، إن الزواج حق للولد ورفضه الزوجة التي اختارها له أهله ليس عقوقًا للوالدين، فالحقوق ليس فيها عقوق، وليس عليه إثم في عدم الزواج من الفتاة التي اختاروها له، ولكن لا ينبغي على الشاب أن يقاطع والديه تمامًا بسبب ذلك.
وأكد الدكتور محمود شلبي، أنه لا يجب على الولد طاعة والديه في الزواج من الفتاة التي لا يرغب بها، كي لا يقصر في حقها، ولا يستأنس بها، ولكن يجب عليه أن يحسن الاعتذار إليهما، والتخلص من أمرهما، ناصحًا الوالدين بأن لا يجبرا ابنهما على الزواج ممن لا يرغب فيها، كي لا يؤدي ذلك إلى مفاسد تلحق بالأسرة الجديدة.
وجاء في "كشاف القناع" (5/8) من كتب الحنابلة: "ليس لأبويه إلزامه بنكاح من لا يريد نكاحها له، لعدم حصول الغرض بها، فلا يكون عاقا بمخالفتهما في ذلك، كأكل ما لا يريد أكله".
حكم إجبار الفتاة على الزواج
أكدت دار الإفتاء أنه لا يجوز شرعًا إجبار الفتاة البالغة العاقلة على قبول الزواج بغير من ترضاه؛ سواء كان كفؤًا أو غير كفؤ، ويشتد المنع إذا كان هذا الشخص مجنونًا أو معتوهًا.
هل الزواج دون موافقة الأهل عقوق؟
ورأى علماء أن الزواج المثالي تتوافر فيه كل الشروط والأركان الشرعية من جانب، ويحظى بمباركة أسر الزوجين من جانب آخر، لكن إذا فرض الواقع نفسه وكانت أسرة الزوج غير موافقة على الزواج لأي سبب كان، فلا حرج شرعًا على الابن في الزواج بمن ارتضى دينها وخلقها باعتبارهما أهم شيء في الحياة الزوجية المستقرة، لأن كلًا من الزوجين سيتقي الله في الآخر.
ورفض والد أو والدة الزوج للزيجة، رغم أن الزوجة ذات دين وخلق، ليس من العقوق، لأنه ليس فيما يقوم به معصية لله، لأن الخلل قد يكون في شخصية الوالدين نفسيهما، حيث يرفضان زواج ابنهما بذات الخلق والدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
وامتناع الابن عن تلبية رغبة الأب أو الأم، وزواجه بمن يحب رغمًا عنهما، لا يعني أن يعقهما في غير هذا الموضوع أو أن يعصاهما أو يسيء معاملتهما أو يقاطعهما، وذلك لعموم توصية الله بالوالدين وعدم الإساءة إليهما ولو بكلمة «أف»، وذلك في قوله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إليَّ الْمَصِيرُ. وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إليَّ ثُمَّ إليَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» الآيتان 14-15 سورة لقمان.
إقرأ أيضاً