الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من روبوسكي حتى ليبيا القاتل واحد



في الثامن والعشرين من كانون الأول من عام 2011 قصفت طائرات تركية قرية روبوسكي التابعة لبلدة "اولودره" ضمن محافظة شرناخ وراح ضحيتها أربعة وثلاثون مدنيًا كرديًا. وهؤلاء الضحايا جميعهم من الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و25 سنة، كانوا ضحية توحش أردوغان للدماء الكردية المستمرة منذ أكثر من مائة عام.
روبوسكي لم تكن بالنسبة لعقلية الدولة التركية سوى اسم أضيف لبقية الأسماء لمناطق أو قرى تم إبادتها عن بكرة أبيها أو لمجزرة تمت فيها وعليها. روبوسكي القرية الحدودية التي تعتاش على التهريب بين الحدود نتيجة إهمال الدولة التركية للمدن والقرى الكردية وإفقارها، تجبرهم على العمل في هذه الأعمال الصعبة وغير القانونية وتحت أعين حراس الحدود حتى يحين وقت الإجهاز عليهم تحت أي حجة كانت.
صدرت الأوامر من أردوغان الذي دائما ما يتباكى على الضحايا وتكون أيديه ملطخة بدماء المدنيين الذين لا همَّ لهم سوى تأمين لقمة العيش وكسرة الخبز. إنه ديدن المستبدين من الحكام الذي يحول الشعوب لمجرد عتَّالين يبحثون عن ما يسد رمقهم. وبنظر أردوغان هم إرهابيون لا لشيء سوى أنهم من الشعب الكردي. وفق العقلية التركية أن أفضل كردي، ذاك الكردي الميت. والباقي كلهم يتم التعامل معهم على أنهم إرهابيون وخارجون عن القانون.
ثماني سنوات مرة على مجزرة روبوسكي وما زال الجاني طليقا وحرا ينعم بما يهبه لهم سيدهم أردوغان، بينما أهل الضحايا وعوائلهم مشردين ما بين المعتقلات والمحاكم أو بجانب شواهد قبور فلذات أكبادهم ينتظرون عدالة المستبد الظالم والقاتل وهو يشرب نخبهم.
مجازر أردوغان لا تعرف الحدود والجغرافيا ولا يهمها من تكون الضحية، المهم فقط هو إشباع غرائز وشهوة أردوغان المتعطش للسلطة ولو كانت على حساب الشعوب. من مجزرة كلي زيلان وديرسم ومرعش وروبوسكي وعفرين وسري كانيه، والآن يبحث عن مسلخ جديد يشفي فيه استبداده ربما تكون طرابلس ومصراتة في ليبيا.
المتاجرة باللاجئين والاستثمار بهم لم تشفِ تعطش أردوغان للدماء والدموع والتدمير والخراب. من مصر وليبيا فسوريا والعراق والسودان والصومال وقطر، والآن يعاود الكرة بعدما دمرّ سوريا والعراق يسعى لنشر الخراب والفوضى في مصر والجزائر عن طريق ليبيا.
الأدوات لم تتغير وما زالوا متقمصين دور حمار طروادة وهم الاخوان المسلمين الذين تحولوا بقدرة قادر من مشروع للعدالة المجتمعية وكرامة الإنسان وفق ما كانوا ينادون به، إلى مجرد حمار طروادة لا بل حمير عفرين وسري كانيه وإدلب والآن طرابلس ومصراتة. وينطبق عليهم قوله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا"، يحملون كلمات الله وينطقون بها زورًا وبهتانًا لخدمة سلطانهم المنافق الذي يبيعهم في أقرب سوق نخاسة وجواري، حينما تنتهي أدوارهم كما يفعل بهم الآن في إدلب وقبلها في الغوطة وحلب.
ثماني سنوات مرت على مجزرة روبوسكي والقاتل مازال طليقًا والأنكى أنه يزداد استبدادًا وتوحشًا وقتلًا في عباد الله. صرخة روبوسكي ربما ستنتشر في كل المنطقة وتصل ليبيا ويبقى القاتل واحد ألا وهو أردوغان هو هو، حتى تتحول تلك وهذه الصرخة لصدىً تحث الشعوب على المطالبة بحقهم من هذا المجرم الذي طغى.
صرخة مجزرة روبوسكي وكذلك عفرين وسري كانيه وليبيا لن تشفع للقوانين الأوروبية ومحاكمها التي صمّت أذانها وأقفلت أفواهها كرمىً لعيون مصالحها الاقتصادية. وها هي الآن صدى صرخات كافة المجازر بحق الشعب الكردي والشعوب الأخرى تعود على من شجّع ورعى وساندّ أردوغان في طغيانه وتوحشه وجرائمه، تعود لهم وعليهم من المارد الذي خرج من قمقمه وتمرد على صاحبه. ها هو أردوغان يهدد الدول الأوروبية بمزيد من اللاجئين والإرهابيين إن هم لم يشبعوه مالًا وسلطانًا.
علينا ألا نعوّل على الغرب الأوروبي منه والأمريكي ولا حتى على الروس وكذلك الصين وغيرهم من الدول التي وإن تدخلت لمساعدتنا فتبقى للمصالح كلمتها الفصل في ذلك. التعويل ينبغي أن يكون على الذات أولًا ونبني قوتنا التي تكون أساسها شعوب المنطقة كلها، وبعد ذلك نطلب مساعدة الآخرين إن همّ أرادوا مساعدتنا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط