الوجوم

كلمة وجوم في اللغة العربية هي مصدر لكلمة وجم بمعني صمت أو سكوت يسوده قلق أو حزن ، وهو حالة نفسية قد تكون مؤقتة للحظات محدودة أو قد تستمر لسنوات طويلة يصاحبها مذاق بطعم المرار الذي لا يمكن تقبله، قد تعتاد عليه وقد تفقد القدرة بسببه علي التذوق ، فتمر أمامك لحظات من السعادة اللحظية لا تستطيع أن تستمتع بها كما يجب أن يكون.

قد يكون الوجوم عابرًا لا يترك أثرًا خلفه ، وقد يتحول إلي رفيق دائم يصعب التخلص منه يُغير مع الوقت ملامح شخصيتك، وتتحول دون أن تشعر إلي شخص آخر ، وأحيانًا تنقسم علي نفسك فتحمل بداخلك شخصيات متعددة لكل منها وجهها وملامحها ، تظهر ملامح إحداها أحيانًا أمام البعض وقد تخفيها تمامًا عن البعض الآخر.

والوجوم ينتج من محنة أو ابتلاء محبط أو فقدان عزيز أو قصة حب انتهت بالفشل الذي يصعب تخطيه وإلقاء أطلاله في خرائب النسيان، وخصوصًا إذا ما كان هذا الحب قد قوبل بخيانة تحطم القلب وتقتل الأمل في الحياة بطريقة سوية أو سعيدة من جديد.

وعندما تشتد الابتلاءات وتتكاثر علي الانسان يشعر حينها بالعجز وربما بنكران الواقع الذي يحياه، وقد يرفض الحياة وتأتي ردة فعله وفقًا لشخصيته ومقدار ما أصابه من وجوم، ربما تتغير حياته وينقلب علي نفسه ويتحدي حياته و يقاوم وربما يقابل ما حوله من تحديات و فتن بوهن وضعف وسلبية ، وقد ينهار في بعض الأحيان، كل منا يتحمل وفقًا لقدرته الروحية علي تخطي الصعاب.

من أصعب حالات الوجوم التي يصعب تخطيها علي العكس تتحول أحيانًا إلي أسلوب دائم للحياة عندما يتسبب أحد أفراد الأسرة في إحداث تلك الحالة من الوجوم، وخصوصًا بين الأزواج، أحيانًا يتسبب أحد الزوجين في تحويل مسار حياة الآخر إلي مسار صامت يسوده الحزن أو فقدان الأمل في التغيير، وتزيد تلك الأعراض عندما ييأس أحد الطرفين في تغيير بعض عادات الطرف الآخر وخصوصًا عندما يصل به الحال إلي التشبع الكامل ، بمعني أن يفقد القدرة علي تحمل المزيد من ردود الفعل التي لا يستطيع تقبلها ويعجز عن تغييرها ويصعب عليه التعايش معها ما تبقي له من عمر.

و من أكثر ما يسبب الوجوم في تلك العلاقات خاصة هو توقع أمر معين من شريك الحياة، وطلبه أحيانًا ولكن دون جدوي ،فيسود القلب الإحباط مع الوقت وتسيطر لغة الوجوم علي العلاقة بينهما، وخصوصًا مع بعض الشخصيات الحساسة الحالمة، التي تتأثر بالعواطف الجياشة وربما يذبحها الأمر الصغير ويكون أشد وطئًا عليها من الكبائر.

التوافق بين الأرواح من أصعب الأمور التي يمكن تحقيقها إما أن يأتي بصورة تلقائية كمنحة من المولي عز وجل أو يظل الخلاف بينهما في الميول وردود الأفعال دائم لا نهاية له فيؤدي مع الوقت إلي حالة من الملل المصاحب بالوجوم الدائم ، ومع الوقت يجد المرء نفسه يبحث عن بديل يشعر معه بالأمان والسلام النفسي حتي وإن كان ذلك الأمان يأتي من الحياة في عالم افتراضي يتغذي علي الأمنيات المستحيلة.