الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم رضوان يكتب: مقتل سليماني.. والضحك علينا

صدى البلد

لعل صواريخ إيران التي أطلقتها على قاعدتين أمريكيتين في العراق إنتقاما لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني تأتي في إطار التمثيلية المحبوكة علينا نحن العرب ، وخاصة عرب الخليج لإستمرار عمليات الإبتزاز حتى الريال والدرهم الأخير.

لا أنسى يوما مقالا قرأته منذ 35 عاما ، عنوانه " إيران تهدد .. الخليج يدفع ..أمريكا تقبض " ، فيه ملخصا لكل ما يجري في المنطقة وما سيجري ، لنعرف جميعا أن حربا لن تحدث إبدا بين أمريكا وإيران ، وإنما تهديدات جوفاء ، لتخويف العرب وإبتزازهم ، وهذا ليس وليد اللحظة ، ولكنه يحدث منذ قيام الثورة الإيرانية في العام 1979 م ، وهذا الإتفاق غير المكتوب بين من يحكمون أمريكا ومن يحكمون إيران ساريا ومعمول به ، فإيران تهدد عرب الخليج وإمريكا تقبض الثمن دوما ..

قرأنا قبل أيام تصريحا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن العلاقات الأمريكية الإيرانية متوترة ، ولكن لن تحدث حربا بين الطرفين أبدا ، فهناك توافق على ما يسمى بسياسة الوصول الي حافة الهاوية ثم العودة من جديد .. وهكذا ..

عندما تم إغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ذراع إيران الإرهابية في الدول العربية وخاصة في العراق ، إستغلته السلطة في إيران كإنما تمت عملية الأغتيال بطلب منها ، حيث جرت مراسم تشييع الجثمان في موكب مهيب بإسقاطات دينية ، قارنت مقتله بمقتل أبي الفضل العباس في كربلاء ، فمنذ اللحظات الأولى لانتشار صورة يد سليماني المبتورة وفي أحد أصابعها خاتمه المعروف، لامس الأمر شعور الشيعة الإيرانيين المعروفين بحبهم لشخصية العباس، ابن علي بن أبي طالب وشقيق الحسين الذي بُترت يداه في واقعة كربلاء.
مسألة طريقة مقتل سليماني وتقطّع أوصال جسده لم تغب عن انتباه الحكومة فقد استغلت ذلك جيدًا ووظفت بجانبها أمور أخرى يمكن اعتبارها إضافات في مكونات المقارنة مع المشهد الكربلائي ، حتى ابنة سليماني زينب كانت الأبرز في مشهد العائلة ، ففي صبيحة اليوم الثاني للعملية الأمريكية، في الرابع من يناير، وقبل وصول جثمان والدها إلى إيران، انتشر فيديو لها تسأل فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني وهو يؤدي واجب العزاء في منزل الأسرة: "مَن سينتقم لدم أبي؟" ، ما قامت به يشبه ما قامت به زينب بنت علي، بعد واقعة كربلاء، ودورها في تأليب الرأي العام على يزيد بن معاوية.
لقد إستغل ملالي إيران مشهد مقتل وتشييع سليماني لحشد والتفاف الشعب حولهم ، هل رأيتم برجماتيه أكثر من هذا .. ؟ ثم كانت التهديدات الجوفاء بالإنتقام من امريكا وضرب مصالحها في المنطقة مزيدا من إستدرار العطف معها لنسيان المشهد المأساوي الذي يعيش فيه الشعب الإيراني من فقر وقمع وهوان ..
إنطلقت صواريخ إيران الكرتونية ، إنتقاما لقاسم سليماني ، ولكنها لم تصب امريكيا واحدا ، وخرج ترامب ليؤكد أنهم علموا بالضربات قبل أن تنطلق وكأنها لعبة بين الإثنين يلعبانها بإحتراف لمزيد من ابتزاز عرب المنطقة والهيمنة عليهم..
متى نتعلم من دروس التاريخ ، أن قوتنا نحن العرب في وحدتنا ، في توحيد صفوفنا ، قوتنا لن تأتي أبدا بشراء المرتزقة من هنا وهناك ..