الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أردوغان.. سلطان عثماني مخبول


قد تبدو حسبة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في ليبيا، وقراره بدفع الجنود والمرتزقة إلى طرابلس مثار إعجاب من جانب "مهاويس" الوالي العثماني المخبول وتحركاته الطائشة ومغامراته العجيبة.

وفي أوهامهم، أنه بقفزة واحدة استطاع أن يضع قدمه في ليبيا، وهى واحدة من الدول العربية الهامة في شمال إفريقيا، ومن خلال نفطها وخيراتها وموضع قدمه يستطع أن يصطاد عصافير عدة.

منها قدرته على إجبار الاتحاد الأوروبي، على الالتفات إلى شخصه ودولته وإحياء الحلم التركي الفاشل على مدى عقود بالانضمام للاتحاد الأوروبي، وذلك من مكانه الاستفزازي جنوب البحر المتوسط.

أما العصافير الأخرى، فهي قدرته ومن مكانه في الوسط، داخل ليبيا على اجتذاب قادة جماعة الإخوان الإرهابيين في كل من تونس ومصر وبعث فكرة قيام الجماعة ومشروعها الظلامي من جديد؟!

قد تبدو الرؤية هكذا في عقول "مهاويس" الخلافة الأردوغانية والوالي الإخواني الذي يحكم أنقرة.

لكن يغيب عن هؤلاء الذين يتخبطون في الظلام، أن كل الظروف داخل ليبيا وخارجها، وداخل تركيا ذاتها، تجعل من قفزة أردوغان إلى ليبيا بمثابة القفزة المميتة له ولنظامه ولمشروعه الإخواني.

وهذا لأسباب عديدة ورئيسية يصعب تجاهلها:-

فدول الجوار الليبي، وبالتحديد تونس والجزائر رفضتا بكل حسم تأمين القوات التركية وتأمين خطوط إمدادها إلى ليبيا، كما رفضت من الأساس فكرة تحرك أردوغان بقواته إلى ليبيا ومساندة حكومة الوفاق واعتبرت ذلك اعتداءً على سيادة ليبيا من جهة وتهديدًا لدول جوار ليبيا من جهة أخرى.

كما أن رفض مصر التام للوجود الأردوغاني في ليبيا، وتحركها على الصعيدين العربي والدولي لفضح هذه التحركات وتوضيح مغزاها، وتحركها على الساحة الداخلية الليبية يؤكد أن أردوغان العائش في الخيال والمعتمد على الإرهابيين والمرتزقة سيواجه معارضة مصرية قوية وصارمة لقراره الأهوج بالذهاب إلى ليبيا.

كما أن رفض الاتحاد الأوروبي بصرامة، ورفض الولايات المتحدة الأمريكية، ورفض الشعب الليبي الاستعمار التركي الجديد، ورفض الشعب التركي ذاته داخل أنقرة وفق كل استطلاعات الرأي قرار أردوغان إرسال القوات التركية إلى ليبيا، يؤكد أن قرار "رجب" كان ولا يزال قرارا فرديًا لا يعبر إلا عن أوهامه الخاصة.

المثير أن أردوغان، لم يفكر أبدًا وهو يبني أوهامه في التواجد بليبيا والتحرش بمصر ومضايقة دول شرق المتوسط، وهذه أولى أبجديات العلم العسكري، أن جنوده ستكون بعيدة بألاف الأميال عن قاعدتها الرئيسية في تركيا، وأن الجسر الجوي أو البحري الذي سيعمل على تأمينه سيكون مهددًا طوال الوقت من جانب أي قوة عربية أو إقليمية كبيرة ومن السهولة التامة اعتراض طائراته واختراقه.

فليبيا ليست ضمن دول الجوار التركي، وبوضوح إذا كان من السهل على أردوغان قبل سنوات إرسال قوات وجنود ودبابات إلى الشمال العراقي مرة وإلى الشمال السوري مرة أخرى، واستعراض قدراته ثم العودة بالجنود مرة أخرى إلى الداخل التركي فإن هذا سيكون صعبا للغاية ومستحيل في موضوع ليبيا.

كما فات على الوالي العثماني، المعبر بسفور وصفاقة عما يدور بداخله، أن زمن المستعمرات قد ولى وأن الامبراطوريات التي اخترعت الاستعمار ذاته، وبالتحديد بريطانيا وفرنسا قد أدركتا منذ منتصف خمسينيات وستينيات القرن العشرين، أن التحرر والاستقلال حق أصيل لكافة الدول، وأن ثمن الاستعمار سيكون فادحا لذلك ساعت كل من باريس ولندن إلى الخروج وترك مستعمراتهم.

لكن أردوغان وفي القران الـ21 يعتقد أن بإمكانه إحياء لعبة الاستعمار والخلافة الغابرة من جديد..

إنها للأسف حركة فجة ستدفع إلى هزيمة عاجلة ومدوية ستلحق بالسلطان المخبول عما قريب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط