الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في عيد الأم.. فيديو مُبكٍ لموظفة فصلتها الصحة بسبب بصرها.. والقاضى يمنحها إجازة استثنائية

صدى البلد

كشفت وثيقة قضائية مبكية سجلتها العدسات بالفيديو ، انتصرت فيها للامهات العاملات وتدخل بها ضمن الجوائز التى تمنح للسيدات بقصد تكريم الأمهات بمناسبة الاحتفالات التى تعاصرها حاليا مصر والعديد من الدول العربية بعيد الام.

تلك الوثيقة تساعد على تقوية علاقة الأبناء بالأم ومدى تأثير الأمهات على المجتمع من خلال حسن التربية لأبنائها، خاصة وان المجتمع يشهد بعض الجحود للأمهات والإهمال فى المعاملة، حتى وصل الأمر لإهمال حقوق الأم لدى بعض المديرين في كثير من الجهات الإدارية بطمس حقوقها بلا هوادة أو رحمة .

القصة بدأت بعد ان تعرضت أم مصرية موظفة فقيرة لأقصى درجات الجحود من مدير الإدارة الطبية وكيل الوزارة الذى اتخذ قرارًا أصابها بالإحباط بفصلها من الخدمة على سن 48 سنة بسبب فقدانها البصر لكثرة الأعمال الموكلة إليها، وجاء قرار فصلها بدون أى حقوق مالية أو وظيفية ، فما كان من الأم المصرية سوى اللجوء للقضاء المصرىالعادل طالبةً العدل والانصاف بعد أن فقدت وظيفتها بسبب فقدانها البصر !!.

ودخلت السيدة إلى قاعة محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية تستند على ذراع ابنها أمام القاضى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة الذى نظر القضية في ذلك الوقت، وانهمرت السيدة بالدموع وسمع لها القاضى طويلًا .

ورغم ازدحام القاعة بالمتقاضين منحها كامل الوقت لتقص حكايتها وأنها اُصيبت بفقدان البصر على سن 48 سنة بسبب كثرة العمل المكلفة به وأن مدير الإدارة الطبية وكيل الوزارة اتخذ قرارًا ظالما بإنهاء خدمتها جعلها في الشارع وليس لها مورد رزق.

وأعطى القاضى الجهة الإدارية أسبوعًا واحدًا  فقط للرد على القضية , فجاء رد المدير الإدارى أن الموظفة أصبحت عالة على العمل بعد فقدانها البصر وأنها لا تستطيع القيام بأعمالها الإدارية،  فأصدر القاضى حكمه آخر الجلسة.

وسطر فصلًا جديدًا من معانى الإنسانية وجاء حكمه العادل متضمنا ثلاثة أجزاء : الأول إلغاء قرار فصلها من العمل على سن 48 , والثانى إلزام الإدارة بصرف مرتبها كاملا من وقت فصلها حتى تاريخ صدور الحكم , والثالث منحها القاضى اجازة استثنائية  في بيتها حتى بلوغها سن الستين بأجر كامل شاملا الحوافز والبدلات والمكافاَت كما لو كانت قائمة بالعمل فعلًا ومشاركةً فيه.


وهو ما اعتبرته كثير من الدوائر المهتمة بشئون حقوق الأم من التراث القضائى الإنسانى المصرى على مستوى العالم العربى.

وعقب نطق القاضى بالحكم بكت الموظفة الفقيرة وأبكت كل من في القاعة وقالت للقاضى: " ولا مليون دكتور نفسانى كان يقدر يطلع اللى جوايا زى حكمك العادل ,ربنا يكرمك زى ما فرحتنى بالعدالة  يا قاضى الغلابة  والمظلومين , أنا كرهت حياتي وعانيت وأسيت بسبب جرة قلم ظالمة وفصلونى بدون حقوق بسبب عنيا, وأنت غيرتلى حياتى وبدلتها لفرحة , أنا بدعيلك من قلبى ربنا يكرمك زى ما انصفتنى وأعطتنى حقى وسددت ديونى ." 


 وجاءت حيثيات حكم القاضى المصرى بأحرف من نور ولأول مرة في تاريخ القضاء العربى ينطق القاضى بالدوافع الإنسانية حيث قال القاضى في حيثيات الحكم : " إن الدوافع الإنسانية تتأبى أن تتدنى حقوق العامل المريض بمرض مزمن بعد ثبوت مرضه وزيادة حاجته إلى صنوف الرعاية عن تلك التى يتمتع بها قبل مرضه , والمرض قدر الله وحساب الموظف ينصرف فيما تمليه عليه إرادته".

وأضاف القاضى  في حكمه " أن المشرع خص العاملين المصابين بأمراض مزمنة بعناية خاصة نظرًا لما يحتاجونه من رعاية اجتماعية خلال فترة المرض الذى قد يستغرق نظرًا لطبيعته أمدًا طويلا، فوضع نظامًا خاصًا للاجازات المرضية التي يحصل عليها المريض بأمراض مزمنة يغاير في أسسه وقواعده نظام الاجازات العام , وطبقا لهذا النظام يمنح المريض بمرض مزمن حقًا وجوبيًا في اجازة مرضية استثنائية بأجر كامل إلي أن يشفى أو تستقر حالته استقرارا يمكنه من العودة إلي العمل أو يتبين عجزه عجزًا كاملًا، وفي هذه الحالة يظل العامل في اجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلي المعاش ".

واختتم حكمه العادل الذى تتجلى فيه معانى الرحمة " الثابت أن المدعية كانت تشغل وظيفة كاتبة بمديرية الصحة بالإسكندرية وأثناء عملها أصيبت بعجز جزئي مستديم ومرض مزمن من بين حالات الالتهابات الشبكية والارتشاحات والانزفة الداخلية إذ قلت قوة الإبصار عن 6/36 بالعينين معًا, وثبت أن المدعية فقدت البصر بنسبة أقل من 6/36 بالعينين , ومن ثم يكون قرار الإدارة بإحالتها للمعاش على سن 48 سنة بسبب فقدان البصر قد تنكب وجه الحق ووقع مخالفًا للقانون يتعين القضاء بإلغائه ومنحها اجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغها السن القانونية للمعاش بالأجر الكامل الشامل .

تحية تقدير وإجلال لهذا القاضى الإنسان من كل أم مصرية في عيدها تعرضت للظلم أو طُمست حقوقها ممن يجهلون قيمتها ولا يشعرون الا بعد فوات الاوان  .