الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أكذوبة العقل


ميز الله تعالى الإنسان بالعقل فبه يعطي وبه يأخذ وبه يحاسب. والعقل هو مكمن سر التفاضل بين الناس في الدنيا والآخرة..سألت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: "يا رسول الله بم يتفاضل الناس، قال بالعقل يا عائشة، قالت ذاك في الدنيا فبما يتفاضلون في الآخرة؟ قال، بالعقل، قالت كيف ذلك؟ قال، يحاسبون على قدر ما عملوا وهل عمل الناس إلا بقدر ما عقلوا"، هذا وتتفاوت العقول عند الناس، فغالبيتهم قد غاب عقله على أثر غلبة أهواء أنفسهم على أنوار عقولهم، وهناك قلة قليلة من الناس غلب نور عقولهم على أهواء أنفسهم وهؤلاء هم الذين استقاموا على أمر الله تعالى  واهتدوا بهدي رسوله عليه الصلاة والسلام وعملوا على تزكية أنفسهم وتنقية سرائرهم وأقاموا خلافة الله في الأرض فجمع الله لهم بين أنوار القلوب وأنوار العقول ووهبهم سبحانه وتعالى فهما ربانيا وهؤلاء هم السادة الأولياء.

ومن العجب أن أدعياء العقل ينكرون ويتطاولون عليهم، وإلى هؤلاء الأدعياء أهدي مقالتي لعلهم ينتبهون ويفيقون..قف يا صاحب العقل عند حدود عقلك فلو تدبرت معنى كلمة العقل وهي من العقال، أي القيد الذي تربط به وتقيد الأشياء، لنحيته جانبا مع أصحاب القلوب والعقول الفاهمة عن بارئها سبحانه وتعالى، أين عقلك عندما تغلب أهواء نفسك وتخرجك عن إنسانيتك ورشدك وتجعل منك بهيمة بل أسوأ حالا وأضل سبيلا، أين عقلك يا صاحب العقل عندما تتحكم فيك الغرائز والشهوات وتميل وتنحط وتتدنى وتكون أشبه بالحيوان وتتدنى من رتبة الآدمية والإنسانية المكرمة من الخالق سبحانه وتعالى إلى مرتبة البهيمية الحيوانية، أين عقلك عندما تنسى حقيقة نفسك وضعفك واحتياجك وعوزك لربك ومولاك الذي خلقك وسواك ومالك ناصيتك.

العقل نعمة من الله تعالى إذا حال بين نفسك وهواها وميز بين ربوبية رب الأرباب وبين عبودية العباد وأدركت به من أنت ومن تكون، أين عقلك عندما تبارز الله وتعصاه بنعمه تعالى التي أنعم بها عليك، أين عقلك عندما تنشغل بدنيا فانية وتركن إليها وتقاتل من أجلها ولا تعمل لدار الخلد والبقاء.. أين عقلك وأنت تكذب وتخادع طمعا في مكسب مؤقت حقيقته خسارة.. أين عقلك وأنت تسمع نداء ربك سبحانه حي على الصلاة..حي على الفلاح.. ولا تستجيب وتؤثر اللهو والعبث على أسباب سعادتك في الدنيا والآخرة.. 

أين عقلك وأنت تجلس على السوشيال ميديا بالساعات والساعات وتغفل عن طاعة ربك وذكره وعن آخرتك ومالك الذي اكتسبت من أين اكتسبت وفيما أنفقت ..ألم تتعظ نفسك بموت الآباء والأمهات وغيرهم من الأموات.. أف لعقل انصاع لهوى النفس وميلها ولم يقد صاحبه إلى طاعة ربه عز وجل وذكره والفوز والنجاة في الآخرة .. أف لعقل عجز عن أن يقود صاحبه إلى النور والهداية وبر الأمان والسلامة.. أف لعقل قاد صاحبه للخسارة والضياع والهلاك.. أف على صاحب عقل روع الآمنين وسفك دماء الأبرياء وأهلك الحرث والنسل وسعي في خراب الأرض وإفسادها، أف لعقل اجتهد في صنع وابتكار أسلحة التدمير والخراب والدمار ..

أف لعقل لم يعقل عن ربه عزوجل ولم يتبع هدي السماء ولا هدي نبيه وآثر هوى نفسه على طاعته سبحانه، هذا وللأسف كلنا يدعي العقل بل يظن الكثيرون منا ويتوهمون أنهم أعقل العقلاء وإذا ما نظرنا إلى واقع البشرية وأحوالها من فساد وإفساد وسفك الدماء والقضاء على مظاهر الحياة ومن عري وشذوذ ومجنون وخلاعة وبلطجة ونفاق وكذب لأيقنا أننا مدعون للعقلانية وأننا أبعد ما نكون عن نور العقل ورشده، أليس هذا حالنا يا من ندعي أننا عقلاء، أطماع وحروب وصراعات وتقاتل وفساد وإفساد وحروب بيولوجية ..ولهو وعري وخلاعة ومجون وشذوذ جنسي وزواج المثلية التي تتنافي مع الدين و تفر منها وتتقزز الفطرة الإنسانية السليمة وعبادة أنفس وغرائز وشهوات ودينار ودرهم وغياب القيم والأخلاق.

كل هذا وأكثر هذا هو بمنتهى الأسف حال غالبية البشر على الأرض التي آنت وتوجعت  منذ أن وضع الإنسان قدمه عليها وإلى الآن وبالرغم من كل ذلك ندعي العقل ... ياسادة نحن نستحق ما نحن فيه من البلاء بل أكثر من ذلك..فهل آن الأوان أن نعتذر للعقل الذي وهبنا الله تعالى إياه ونخليه من الأهواء ونعيده إلى رشده وحكمته التي فطره الله عليه..وأعتقد أنه لن يتحقق ذلك إلا بالرجوع إلى الله والعمل بهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله.. 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط