قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

في ذكرى رحيله.. وليم شكسبير الأب الروحي للأدب الإنجليزي


يعد الكاتب والمسرحي والشاعر الإنجليزي الأشهر وليم شكسبير، الذي تحل اليوم، الخميس، ذكرى رحيله، أعظمَ أدباء إنجلترا وأعظم مسرحي عبر التاريخ، وتعدُّ أعماله أهم الكلاسيكيات في الأدب الإنجليزي التي تدرس في معظم جامعات العالم.


ولدَ وليم شكسبير عام 1564م في إنجلترا، ودرسَ في مدرسة الملك إدوارد السادس الجديدة التي كانت تدرس الكتابة والقراءة والعلوم الكلاسيكية، وفي عام 1594م أصبح من الأعضاء الأكثر فاعلية وذي أهمية في شركة لورد تشامبيرلاينز مين لممثّلي المسرح في ذلك الوقت، أطلق عليه لقب شاعر الوطنية أو شاعر أفون الملحمي.


وشكّلت قصائد وليم شكسبير الشعرية وأعماله المسرحية مادة أدبية ونقدية عظيمة لجميع دارسي تخصص اللغة الإنجليزية، وكذلك للباحثين في الدراسات العليا، ولا يخلوا منهج من مناهج دراسة الأدب والنقد في جميع جامعات العالم من نصوصه سواء كانت في اللغة الإنجليزية أو على مستوى الترجمة في تصنيف الأدب العالمي، بالإضافة للدراسات الفلسفية المتعددة التي تناولت شخصياته، وقد مثلت مسرحياته مئات المرات حول العالم، واقتُبس منها العديد من سيناريوهات الأفلام السينمائية.


بدأ وليم شكسبير مسيرته على مستوى المسرح بفن الكوميديا والتاريخ؛ وتميزت الحبكة في مسرحياته بفنية عالية، وبالتعقيد، ثم كتب في التراجيديا والمعرفة، والعجيب أن أسلوب الكتابة في أعمال وليم شكسبير وطبيعة الشخصيات النفسية مع عفويتها وواقعيتها يتيح الفرصة لإعادة تفسيرها ودراستها في مختلف السياقات الثقافية والسياسية حول العالم.


وأبدع وليم شكسبير مسرحيات عظيمة تعددت فيها ألوان المعرفة رغم عدم تلقيه الكثير من العلوم، ولعل أبرز ما تضمنته مسرحيات شكسبير هذه الملامح النّفسية المتنوعة للنماذج الإنسانية التي تتحدث بعبارات ملتوية، وقد تكون متكلّفة في تلاعب لفظي معقد، يقوم على مبدأ التورية ضمن المأساة العامة للنص، ويستخدم وليم شكسبير العديد من المجازات والاستعارات والتكرار لصياغة الكثير من المشاهد المتناقضة المليئة بغرابة الأقدار والحافلة بالكثير من الحكمة، ويستخدم أحيانًا على لسان شخصياته العديد من أساليب السخرية والتفاهات المفعمة بالمرح الصاخب.


كما أبدع وليم شكسبير في الشعر القصصي بأسلوب مرسل حر، وكذلك في شعر السونيت، ويعد شكسبير من أعظم الشعراء في هذا الفن الذي تتمحور موضوعاته حول الحب الحقيقي الأزلي ونكران الذات عند ذكر المحبوب، وقد تميزت أشعار شكسبير بحرارة الأحاسيس الممزوجة بعمق التفكير وروعة التصوير، مع جزالة العبارات التي ملأ صداها العالم لعدة قرون.


ومن أعظم إنجازات وليم شكسبير لغته الغنية بالمفردات التي تصل إلى حوال خمسة عشر ألف مفردة، وتنوعت لتشمل لهجات الشارع المختلفة بين المقاطعات، وكذلك لغة الأمراء والنبلاء مع تلاعبه المميز في الكثير من الألفاظ والتراكيب في اللغة الإنجليزية التي لم تكون في وقته محكومة بقواعد محدّدة في علم النحو والصرف مما ساعده على إضفاء مسحته اللطيفة على هذه اللغة.


ويدين الشعر الإنجليز بالكثير لإبداعات وليم شكسبير الذي تفوّق في فن السونيت، وهو نوع من أنواع الشعر الغنائي الذي اشتهر في أوروبا أثناء العصور الوسطى، وتتألف قصائده من 14 سطرا تشبه طريقة نسج الشعراء في مملكة صقلية المتأثرة بالثقافة العربية، ولا سيما فن الموشحات الأندلسية، وكتب شكسبير 154 سونيته يندرج بعضها ضمن أبلغ ما كتب في الشعر الإنجليزي، ومن أعظمها على الإطلاق سونية رقم 29 و30 و73، وهي تتحدث عن كيفيات الحب وذكر المحبوب، والسونية رقم 71 في نكران الذات، والسونية رقم 116 عن الحب الأزلي الذي لا يموت، وتأخذ سونيتات وليم شكسبير مظهر السلسلة المتكاملة مع استقلال كل واحدة بمفردها، وقد اختتمها بقصيدة شكوى عاشق.


ويبدع وليم شكسبير في قصيدة اغتصاب لوكريس، وهي مأخوذة من أسطورة لوكريشا إحدى الأساطير الرومانية التي تعاقب على تأليفها شعرًا العديد من الأدباء، وظهرت هذه الشخصية في قصيدة اغتصاب لوكريس الطويلة التي ألفها شكسبير سنة 1594م.


وقدم وليم شكسبير أكثر من ثلاثين عملا مسرحيا تفاوتت موضوعاتها بين الكوميديا والتراجيديا بالإضافة إلى المسرحيات التاريخية التي تناول فيها عددًا من العظماء، كمسرحية ريتشارد الثاني، وهنري الرابع في جزئين، وهنري الخامس، وهنري السادس في ثلاثة أجزاء، وهنري الثامن، وريتشارد الثالث، ومن مسرحيات وليم شكسبير زوجات وندرسن المرحات، وجعجعة بلا طحين، والسيدان الفيرونيان، والليلة الثانية عشرة، وعذاب الحب الضائع، وسيمبلين، وقد استمرّ نجاح عدد كبير من مسرحياته عبر التاريخ متجاوزة نطاق عصور تطور الأدب، وحواجز الفروق اللغوية، وبقيت عظمتها راسخة في الأدب الإنجليزي.


وتعدُّ مسرحية هاملت من أهم أعمال وليم شكسبير، وهي عبارة عن مسرحيّة من النمط التراجيدي، ولا شكّ بأنها من روائع الأعمال الكلاسيكية العالمية، تتناول المسرحية قصة مأساة شهيرة تتمزَّق خلالها كل روابط الأخوة والعلاقات الأسرية؛ بسبب الطمع الموجود داخل البشر في السيطرة على الحكم واعتلاء العرش الملكيّ، وقد استند شكسبير في ذلك على عنصر المفارقة التي بدا جليًّا في شخصية بطل المسرحية هاملت الذي أخذت منه المسرحية اسمها، حيث جمعت شخصية هاملت بين الحب والثأر، بين حبِّ أوفيليا وثورة الثأر ممن قتل أباه، فقد اغتيل على يد شقيقه كلوديوس والد أوفيليا نفسها، واعتمد شكسبير في كتابته في هذه المسرحية على أسلوبين أحدُهما نثريّ قصصيّ وثانيهما حواريّ مسرحيّ، ولم يغب الرمز عن أسلوبه أيضًا، كما في تسلق أوفيليا لشجرة الصفصاف التي لها دلالة حزينة وتعليقها تاجًا من أزهار، وذلك تخليدًا لذكرى والدها الذي قتله هاملت.


ونُشرت العديد من مسرحياته في طبعات وإصدارات مختلفة الجودة والدقة في فترة حياته، وفي عام 1623، نشر اثنان من زملائه الممثلين وهما جون همينجز وهنري كونديل، نصًا محددًا معروفًا باسم First Folio، وهو اصدار لمجموعة من أعمال شكسبير الدرامية التي تم جمعها بعد وفاته والتي تضمنت معظم المسرحيات التي نعرفها عنه الآن.


وتم نشر هذا المجلد مرفق معه قصيدة كتبها بن جونسون، حيث يشيد الشاعر بصرامة الكاتب المسرحي في مقولة مشهورة له الآن وهي "ليس لهذا العصر، ولكن لكل العصور".


وطوال القرنين العشرين والحادي والعشرين، تم التعديل على أعمال شكسبير باستمرار وإعادة اكتشافها من خلال حركات جديدة في الدراسة والأداء، ولا تزال مسرحياته وثقافته تحظى بشعبية كبيرة ويتم دراستها، وأداءها باستمرار وإعادة تفسيرها في سياقات ثقافية وسياسية متنوعة في جميع أنحاء العالم.