الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تصفيد الشياطين في رمضان.. ماذا يعني وكيف يكون؟

تصفيد الشياطين في
تصفيد الشياطين في رمضان.. ماذا يعني وكيف يكون؟

تصفيد الشياطين في رمضان ..كرم الله -تعالى- الإنسان، وفضله على المخلوقات جميعها؛ بأن خصه بالعقل وجعله قادرًا على التفكير والاختيار؛ ولذلك كلفه بفعل الواجبات، وترك المعاصي، وعلى الرغم مما يتميّز به الإنسان من العقلانية، إلا أنه قد يتعرّض لوساوس الشيطان، وقد يتأثر بها، الأمر الذي شُرِعت الاستعاذة من الشيطان بسببه.


تصفيد الشياطين في رمضان.. وأخبرنا النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من فضائل شهر رمضان تصفيد الشياطين فيه، وهي رحمة للمسلمين؛ لأن ذلك سبب في العافية من شرورهم، ووساوسهم؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ)، وهذه خصيصة عظيمة من خصائص شهر رمضان، تُتيح للعبد الفرصة للتوبة من ذنوبه والقُرب من ربه بلا تأثير أو وسوسة من الشيطان.


تصفيد الشياطين في رمضان.. وحين تُصفد الشياطين، فإنها لا تعود قادرة على إغواء المسلم، وتحريك شهوته، أو إفساد صومه، ولا تستطيع فِعل ما تفعله خارج رمضان؛ من صَرف الناس عن الخير، ودَفعهم إلى الشر، وعند إتيان المسلم للمعصية وفِعل الشر، فإنه يلوم نفسه على ذلك، ولا يتعلل بأن الشيطان هو الذي أغواه؛ إذ إنّ الشياطين ضعيفة في رمضان، ولا تكون على حالها الذي تكون عليه في غيره من الشهور، وتكون وساوسها في هذا الشهر الفضيل أقلّ تأثيرًا في المسلمين.


معني تصفيد الشياطين في رمضان .. تصفيد الشياطين هو ربطها، وتقييدها، وجعل الأغلال عليها، ويتيحُ تصفيد الشياطين المجال أمام المسلم؛ ليعود إلى ربه، ويتوب إليه؛ فإن كانت الشياطين هي القيود التي تأسره عن الطاعة في السنة كلها، فهي تُصفد في رمضان، ويتحرر منها المسلم، مما يسمح له بالانطلاق في رِحاب العبادة والطاعة.


وقد اختلف العلماء في معني تصفيد الشياطين في رمضان؛ فنقل العلامة ابن حجر العسقلاني عن الحليمي أنّ التصفيد في الحديث يُقصد به أنّ الشياطين في شهر رمضان لا يتمكّنون من تحقيق مآربهم في غواية المسلمين؛ بسبب انشغالهم بالذكر والطاعات وقراءة القرآن.

بينما ذهب آخرون ومنهم ابن عياض إلى الاعتقاد بأن معنى التصفيد والسلسلة في الحديث يُؤخذ على ظاهره؛ فالشياطين تُصفّد حقيقةً في رمضان، ويكون ذلك علامةً لدخول الملائكة لتحمي المسلمين من أذى الشياطين ووساوسها، وقيل أيضًا إنّها كنايةٌ عن قلّة إغوائهم في الشهر الفضيل؛ بسبب عجزهم عن ذلك، أو بسبب كثرة عفو الرحمن عن المذنبين والمستغفرين في الشهر الفضيل فيكون الشياطين كالمصفّدين.

وقد رجح الشيخ ابن عثيمين القول بتصفيد الشياطين حقيقةً، وأنّ ذلك لا يمنع من وقوع بعض الذنوب والمعاصي.
اختلف العلماء في معنى تصفيد الشياطين في رمضان على أقوال: فقال الحافظ ابن حجر: "يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر، وقال آخرون المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم، وقوله صفدت: أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت.


وقال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت أبواب الرحمة، قال ويحتمل أن يكون تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات.

وأوضح الإمام أبو العباس القرطبي - رحمه الله-: "فَإِنْ قِيلَ: فنرى الشرور والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا، فلو كانت الشياطين مُصَفدة لمَا وقع شر، فالجواب من أوجه: أحدها: أَنَّهَا إِنَّمَا تُغَلّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ، أمَّا ما لم يُحافظ عليه فلا يُغَلّ عن فاعله الشيطانُ.


والثاني: أنَّا لو سلمنا أنها صُفِّدَت عن كلِّ صائم، لكن لا يلزم من تصفيد جميع الشياطين ألاَّ يقع شرّ؛ لأنَّ لوقوع الشرّ أسبابًا أُخَر غير الشياطين، وهي: النفوس الخبيثة، والعادات الركيكة، والشياطين الإنسيَّة.


والثالث: أن يكون هذا الإخبار عن غالب الشياطين والمَرَدة منهم، وأمَّا مَن ليس مِن المَرَدة فقد لا يُصَفَّد، والمقصود: تقليل الشُّرُورِ، وهذا موجود في شهر رمضان؛ لأنَّ وقوع الشرور والفواحش فيه قليلٌ بالنسبة إلى غيره من الشهور.
ذكر العلماءُ من الحِكَم في تصفيد الشياطين في رمضان: تقليل شرِّهم وإغوائهم للعباد، وليمتنعوا من إيذاء المسلمين والتهويش عليهم وإفساد صومهم، وحتى لا يخلُصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه في غير رمضان، من إضلال الناس عن الحقِّ وتثبيطهم عن الخير؛ ليُقبِل الناس على الطاعات ويبتعدوا عن المعاصي والشهوات في شهر رمضان.


حديث تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ثبت في السنة النبوية المطهّرة أنّ الشياطين تُصفّد في شهر رمضان، حيث قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ).


وجاءت أحاديث صحيحة تؤكد تصفيد الشياطين في رمضان؛ منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ من شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فلم يُفْتَحْ منها بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فلم يُغْلَقْ منها بَابٌ وَيُنَادِى مُنَادٍ: يَا بَاغِىَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِىَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ»، رواه الترمذي (682)، وابن ماجه (1642).

تصفيد الشياطين ووقوع المنكرات .. لا يلزم من تصفيد الشياطين في رمضان ألا تصدر من العباد المنكرات والمعاصي، ذلك أن أسباب المعاصي لا تقتصر على شياطين الجن، فقد يرتكب الناس المعاصي بسبب النفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، وكذلك بسبب إغواء شياطين الإنس حينما يزينون للناس ارتكاب المعاصي في رمضان.

تصفيد الشياطين في رمضان .. قال عنه الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الشيطان تصفد في رمضان وتغلق فيه أبواب النار وتفتح في هذا الشهر المبارك أبواب الجنة، ولا يفوز بذلك إلا من كان صومه حقيقيًا امتنع فيه عن المعاصي والآثام.


واستشهد «هاشم»، خلال لقائه ببرنامج «منهج حياة»، بما روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِى مُنَادٍ: يَا بَاغِىَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِىَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ»». رواه الترمذي واللفظ له (682).


وأوضح أنه اختلف العلماء في معنى تصفيد الشياطين في رمضان على أقوال، فرأى البعض أن المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم، وقوله «صفدت» أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت، وتبقى بعض الشيطان حتى يكون إغواؤها ليس كبيرًا على المؤمن الذي يصوم صوما حقيقيا يمتنع فيه عن ارتكاب المعاصي والذنوب.