اكتساب المهارات والتدريب عليها أمر شديد الصعوبة بالنسبة للكثير منا .. وبسيط وسهل وممتع للبعض الآخر .. أهم وأصعب المهارات التى يسعى كل منا للتدريب عليها واكتسابها هى ترويض النفس .. والإنسان السوى يسعى دائما وبشكل منتظم للتدريب على مهارة ترويض نفسه على الكثير من أمور الحياة ..
ولأن شهر مضان هو بالنسبة لنا جميعا شهر له خصوصية شديدة .. وطعم ومذاق ممتع لذيذ يختلف عن باقى شهور العام .. ليس لأنه فقط لانه شهر العبادة التى فرضها الله على المسلمين لقوله سبحانه وتعالى فى محكم آياته "شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى الناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون" 185 البقرة .. لكن لأنه الشهر الذى من خلاله يسعى كل مسلم إلى ترويض نفسه عن الكثير من أمور الحياة ..فهذا سريع الغضب لأتفه الأسباب ..
يرى أن شهر رمضان فرصة لضبط زوايا أعصابه والتأقلم مع فكرة التعامل مع أمور الحياة بنفس هادئة مطمئنة .. ومحاولة جادة لتحويل غضبه إلى طاقة إيجابية مفيدة له ولمن حوله .. ومن لا يستطع فعل هذا فلا يحمل فشلة على الصيام ويدعى كذبا بأن صيامه سلب تعصبه وغضبه لأن السبب الحقيقى هو فشله فى ضبط وترويض نفسه تجاه سرعة الغضب ..
وآخرون يجدون فى رمضان فرصة لترويض أنفسهم تجاه تغيير أسلوب تعاملهم مع غيرهم وزيادة قدرتهم على جبر خواطر الناس عملا بقوله تعالى : " فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر " 9 ، 10 سورة الضحى وتأسى بالخلق الكريم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه رب العزة سبحانه وتعالى قال : " وإنك لعلى خلق عظيم " 4 سورة القلم .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " والسلوك السوى القويم فى التعامل مع البشر قبل أن يكون سلوك حسن خلق إنسانى هو أمر ربانى أولا ثم قدوة نقتدى فيها برسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ..
ومن لا يستطع اتباع هذا المنهج السوى فى النعامل مع الآخر فلا تحمل الصيام وزر عدم قدرتك على ترويض نفسك لتغيير نفسك ومنهج حياتك فى الشهر الفضيل وجعله مقدمة لباقى شهور العام
.. والغضب والعصبية وسوء التعامل مع الناس ليسوا وحدهم السلوكيات التى نحتاج لترويضها وتغييرها وتحسينها للأفضل .. لكن هناك الكثير من الخصال السيئة التى يحتاج المرء لتقويمها .. هناك الكذب. .والغش .. والنفاق .. والظلم .. والغدر .. وخيانة الأمانة .. سلوكيات كثيرة تحتاج إلى أكثر من 12 شهر رمضان لترويض أنفسنا شك تلك السلوكيات التى تفشت فى المجتمع .. لذا علينا استغلال شهر رمضان الكريم أفضل استغلال وجعله فرصة لنا جميعا لترويض أنفسنا وتقويمها للتخلص من سوء الخلق وكل الخصال السيئة وتحويلها إلى خلق كريم وجعل رمضان شهر زاد التقوى والجسر والحصن الحصين القوى الذى يأخذ بأيدينا للتمتع بحسن الخلق على مدار شهور العام.