- سورة البقرة سورةٌ مدنيَّةٌ، نزلت في مُدَدٍ مُتفرّقةٍ، وهي أول سورةٍ نزلت في المدينة المُنوّرة في ما عدا قول الله- تعالى-: «وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ»؛ فهي آخر آيةٍ نزلت من السّماء في حجّة الوداع، وكذلك آيات الرّبا.
- ومِن السَّلف مَن لقبَّها بفُسطاط القرآن؛ لعظمتها ومكانتها وكثرة ما فيها من أحكامٍ ومواعظ، وهي من أطول سور القرآن الكريم؛ حيث يبلغ عدد آياتها 286 آيةً، وفيها أطول آية في القرآن الكريم وهي الآية المعروفة بآية الدَّين، وهي قول الله –تعالى-: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ..».
- وهي السّورة الثّانية في ترتيب المُصحف الشّريف، ويرجع سبب تسميتها إلى ورود قصّة البقرة فيها؛ حيث أتت السّورة على ذكر قتيلٍ قُتِل من قوم موسى عليه السّلام، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرةً ليعرفوا من قاتلها، لكنَّهم تجادلوا مع موسى -عليه السّلام- وأخذوا يسألونه عن تفصيلات مُتعلّقةٍ بالبقرة وصفاتها رغم أنَّ الله تعالى لم يشترط عليهم صفاتٍ مُحدَّدةٍ، حتى ذبحوها آخرًا.
تتكوّن سورة البقرة بوحدتها الكاملة من مقدمة ثم أربعة مقاصد رئيسية تعقبها خاتمة، وفيها مقاصد الإسلام الكلية، ودلالات على أنّ القرآن الكريم كتاب هداية، وعلى لزوم الإيمان بالغيب.
اعتنت مقدمة سورة البقرة بالتعريف بالقرآن الكريم وبيان ما فيه من هدىً وفلاحٍ للناس، وتأكيد أنّ ذلك بيّن واضح، لا يُنكره إلا من لا قلب له أو أن في قلبه مرض، وأما مقاصدها فهي ما يأتي:
- المقصد الأول من سورة البقرة: دعوة الناس جميعًا لدين الإسلام، وترك ما كانوا عليه من أديان وعقائد أخرى، وإرشادهم إلى أنّ دين الإسلام هو الدين الحق الوحيد المقبول عند الله تعالى.
- المقصد الثاني من سورة البقرة: الحديث حول أهل الكتاب ودعوتهم إلى التزام الحق الذي يدعو إليه القرآن الكريم واتّباعه، وترك أهوائهم وباطلهم واتباع دين الإسلام.
-المقصد الثالث من سورة البقرة : التفصيل في الكلام والشرح عن شرائع دين الإسلام.
-المقصد الرابع من سورة البقرة: الحديث حول الدافع والوازع الديني الذي يدفع الإنسان للالتزام بشرع الله -عز وجل-، وينهاه عن تركه أو إهماله ومخالفته.
وخُتمت سورة البقرة بخاتمة تبيّن حقيقة الذين استجابوا واتبعوا هذه الدعوة الشاملة وهي دعوة الإسلام والتزموا بما فيها من مقاصد وتشريعات، وتوضّح ما يُرجى لهم في الدنيا وفي الآخرة.
ورد عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنه ظلّ ثماني سنين يتعلم ويحفظ سورة البقرة، ويسعى جاهدًا لتحقيق ما فيها من أحكام وفرائض، وفي هذا دليل على أهمية مقاصد هذه السورة، وعظمة ما اشتملت عليه من أحكام في العبادات والمعاملات والعقيدة كذلك.