الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترامب يقود العالم إلى الهاوية.. فيروس كورونا يحول الولايات المتحدة إلى قصة فشل نموذجية.. والرئيس الأمريكي يستغل الأزمة في حرب زعامة دولية مع الصين

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

العالم يشعر بالشفقة تجاه الولايات المتحدة لأول مرة في تاريخها
كاتب إيطالي: 
محاولة فهم ترامب أصعب من التوصل إلى علاج لفيروس كورونا
أزمة كورونا توسع الصدع السياسي الأوروبي الأمريكي عبر الأطلسي
حكومات العالم تحذر رعاياها من نصائح البيت الأبيض

لا يكف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ترديد أن الولايات المتحدة تقود العالم في جهود مكافحة فيروس كورونا، لكن يبدو أنها في الحقيقة تقود العالم في اتجاه لا يرغب أي أحد بالمضي فيه.

وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، ففي أرجاء العالم من آسيا على أوروبا إلى أفريقيا إلى أمريكا الجنوبية، هناك ما يشبه الإجماع على خطأ الاستجابة الأمريكية لأزمة فيروس كورونا، وتتأرجح المشاعر حيالها بين الرعب والتعاطف، مرورًا بالسخرية.

وفي صحيفة "آيريش تايمز" الأيرلندية كتب الكاتب فينتان أوتولي "طوال قرنين من الزمان، كنّ العالم طيفًا واسعًا من المشاعر تجاه الولايات المتحدة: الحب والكراهية، الخوف والرجاء، الحسد والاحتقار، الهيبة والغضب. لكن هناك عاطفة واحدة لم يشعر بها أحد تجاه الولايات المتحدة قط قبل الآن: الشفقة".

وكان أوتولي صريحًا في قوله إن ترامب دمر الدولة التي وعد بأن يجعلها عظمى ثانية. وكتب أوتولي "من الصعب ألا نتأسف على حال الأمريكيين. إن الدولة التي وعد ترامب بان يجعلها عظمى ثانية لم تكن طوال تاريخها أكثر إثارة للشفقة من الآن. إن فكرة كون الولايات المتحدة هي الدولة القائدة في العالم – وهي الفكرة التي تشكل القرن الماضي حولها – قد تبخرت تمامًا. من الذي ينظر إلى الولايات المتحدة الآن باعتبارها نموذجًا لأي شيء سوى كل ما يجب تجنبه؟".


وأضافت الصحيفة أنه مع تصاعد معدلات الوفاة بفيروس كورونا إلى حد مرعب في الولايات المتحدة، وتحول الأخيرة إلى أكبر بؤرة موبوءة في العالم، أصبح ادعاء ترامب بشأن قيادة العالم كذبة باهتة عسيرة التصديق. 

وأمام جمع من الجمهوريين، قال ترامب الأسبوع الماضي أنه أجرى مباحثات هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وعدد آخر من قادة العالم لم يحددهم، زاعمًا أنهم جميعًا بلا استثناء يؤمنون بأن الولايات المتحدة تقود العالم بالفعل في الحرب ضد فيروس كورونا.

وعلقت الصحيفة بأن أحدًا من القادة الذين ذكرهم ترامب لم يأت على ذكر قيادة الولايات المتحدة لمرة واحدة منذ بداية الأزمة، وعلى العكس من ذلك لم يكف الأوروبيون عن إبداء صدمتهم إزاء تحركات ترامب التي يفاجئهم بها دون مشورة مسبقة، مثل إعلانه وقف استقبال الرحلات الجوية القادمة من أوروبا في 12 مارس، ومحاولته رشوة شركة أدوية ألمانية لمنح الولايات المتحدة حق احتكار إنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا.

وبحسب موقع "ذا كونفرسيشن"، لا ينظر الأوروبيون إلى الولايات المتحدة باعتبارها أمل العالم في الخلاص من فيروس كورونا، كما كان الحال مع الأزمات الدولية الكبرى من قبل.

لقد أصبح التحالف الأوروبي الأمريكي عبر الأطلنطي، والذي لطالما كان حجر الزاوية في عالم يهيمن عليه الغرب، في مهب الريح، الأمر الذي يكشف عن أزمة سياسية عميقة داخل الولايات المتحدة وفقدان الإيمان بالتحالفات العابرة للقوميات في آن.

إن الخلافات عبر الأطلنطي ليست طارئًا جديدًا بطبيعة الحال، وفي الواقع فإن التململ الأوروبي من الغطرسة الأمريكية أمر قديم، وقد شهدت محطات تاريخية عدة موجات من المشاعر المناهضة للولايات المتحدة عبر أرجاء القارة العجوز، مثل فترات حرب فيتنام والحرب على أفغانستان والعراق بعد هجمات 11 سبتمبر، لكن كل تلك المحطات كانت بمثابة صرخات احتجاج على السياسة الخارجية الأمريكية وليس على القيادة الأمريكية للعالم بحد ذاتها.

وجاء قرار ترامب قطع التمويل عن منظمة الصحة العالمية ليكون صدمة جديدة، كتب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على أثرها في حسابة بموقع "تويتر" إنها خطوة غير مبررة في وقت يتطلب توحيد الجهود لاحتواء فيروس كورونا.

وأظهر استطلاع رأي أجراه مركز أبحاث فرنسي أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي أكثر قادة العالم حظوة بالثقة في استجابتها لأزمة فيروس كورونا، بينما لم يبد سوى 2% من المستطلعة آراؤهم الثقة في ترامب وسياسته.

وأبرزت الصحيفة تعليق الكاتب الإيطالي بيبي سيفيرنيني الذي قال "إن محاولة فهم دونالد ترامب أصعب من التوصل إلى علاج فيروس كورونا، فهو في البداية قرر فرض إجراءات حظر وإغلاق صحي ثم شرع بتشجيع الاحتجاجات المطالبة برفع إجراءات الإغلاق".

وفي دول عدة بأرجاء العالم، وجدت الحكومات نفسها مضطرة للتحذير من اتباع نصائح غريبة صادرة من البيت الأبيض، وبالتحديد من ترامب شخصيًا، مثل تعاطي عقار هيدروكسي كلوروكين المعالج للملاريا كدواء مضاد لفيروس كورونا، لا سيما وأن آثاره الجانبية بالغة الخطورة، وكذلك تعاطي المطهرات والمركبات المنظفة للقضاء على الفيروس داخل الجسد، وهي نصيحة لا تمت للطب أو حتى المنطق من قريب أو بعيد.

وتابعت الصحيفة أن أحدًا من قادة العالم لم يشغل نفسه بشن حرب كلامية ضد الصين مثلما فعل ترامب، فهو لا يفوت فرصة ليلقي بمسئولية انتشار فيروس كورونا عالميًا على عاتق الصين، والمفارقة هنا أن رئيس أكثر دول العالم فشلًا في احتواء الوباء يشن حملة صاخبة ضد ما أصبحت أكثر دول العالم نجاحًا في احتوائه.

وفسرت "الجارديان" ذلك بأن ترامب جعل من أزمة فيروس كورونا ساحة معركة مع الصين على زعامة العالم، وحوّل الأمر برمته من محنة صحية يمر بها العالم إلى موضوع شجار سياسي دولي يعمّق الأزمة ولا يدفع باتجاه الحل.