الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليلة القدر.. المنزلة والأعمال وسبب التسمية

ليلة القدر.. المنزلة
ليلة القدر.. المنزلة والأعمال وسبب التسمية

منزلة ليلة القدر ، يبين لنا الرسول الكريم أن قيامها سبيلٌ رئيسٌ لنيل المغفرة والرحمة ، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم) : " مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " ، ولأجل ذلك نبّه (صلى الله عليه وسلم) على عظيم خسارة مَنْ لم يغتنم فضل هذه الليلة ، فقال : "إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ" .

أسباب التسمية
قال الحافظ ابن حجر : وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْقَدْرِ الَّذِي أُضِيفَتْ إِلَيْهِ اللَّيْلَةُ ، فَقِيلَ : الْمُرَادُ بِهِ التَّعْظِيمُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ " ، وَيكون الْمَعْنَى أَنَّهَا ذَاتُ قَدْرٍ ؛ لِنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا ، أَوْ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ تَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ ، أَوْ لِمَا يَنْزِلُ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ ، أَوْ أَنَّ الَّذِي يُحْيِيهَا يَصِيرُ ذَا قَدْرٍ .
وَقِيلَ : الْقَدْرُ هُنَا التَّضْيِيقُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ"، وَمَعْنَى التَّضْيِيقِ فِيهَا : إِخْفَاؤُهَا عَنِ الْعِلْمِ بِتَعْيِينِهَا، أَوْ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَضِيقُ فِيهَا عَنِ الْمَلَائِكَةِ الذين يؤمنون على دعاء المؤمنين فيها.
وَقِيلَ : الْقَدْرُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَدَرِ (بِفَتْحِ الدَّالِ الَّذِي هُوَ مُؤَاخِي الْقَضَاءِ) ، وَيكون الْمَعْنَى : أَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا أَحْكَامُ تِلْكَ السَّنَةِ؛  لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ " .
الأعمال في ليلة القدر
ويستحب أن يجتهد المسلم فيها بالدعاء والقيام ، اما الدعاء فيدعو بما ورد عن عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، مَا أَدْعُو؟ قَالَ: "تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" ,
وأما القيام ، فقد مدح الله (عز وجل) المؤمنين الذين يحيون الليل بما لم يمدح به غيرهم ؛ مرغبًا في قيام الليل ، ومشيرًا إلى ما يلحق صاحبه من شرف عظيم ،قال تعالى : " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " .
وقد اختص الله تعالى ساعات الليل الأخيرة بكثرة النفحات الإلهية ، ونسمات القرب المباركة التي تحي القلوب ،وتنعش الأرواح ، ووعد من يحييها بالرضوان من الله (عز وجل) وجزيل الثواب ، سواء أحياها بالصلاة أم بالدعاء أم بالاستغفار أم بالصلاة على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أم بالتسبيح ، أم بأي نوع من أنواع العبادة والذكر ، قال تعالى : " وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا " ، ثمذكر جزاءهم بقوله تعالى :" أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا" .
وقال النبي (صلى الله عليه وسلم)مرغبًا في الدعاء ومناجاة الله في ساعات الليل : " إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ" ،  فمن باب أولى استثمار هذا الوقت في ليلة القدر .
وقد قال بعض العلماء إذا قال الله في القرآن الكريم : وما أدراك، فقد أدراك. أي أنه عز وجل أعطاك بعض المعلومات التي تتعلق بسياق المتحدَّث عنه  ، وعن ليلة القدر قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) لنتأمل معاني الفضل في خيرية الطاعات فيها من العبادة في الف سهر ليس فيها ليلة القدر ، ولنتأمل تنزل الملائكة فيها بالدعاء لنا والتأمين على دعائنا ، ولنتأمل أنها سلام من كل سوء ومكروه .