الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفشقة.. جنة الخصوبة السودانية تحت نار الطمع الإثيوبي

أراضي الفشقة السودانية
أراضي الفشقة السودانية

قُتل أمس ضابط برتبة نقيب في الجيش السوداني وطفل وأصيب عدد من العسكريين والمدنيين في اشتباك لقوات سودانية مع ميليشيات مسلحة تدعمها إثيوبيا في منطقة بركة نورين الواقعة على الجانب السوداني من الحدود مع إثيوبيا.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية، شهدت الحدود السودانية الإثيوبية بولاية القضارف توترا جديدا صباح اليوم حيث توغلت قوة من الميليشيات الإثيوبية واعتدت على بعض المشاريع الزراعية بمنطقة بركة نوريت وقرية الفرسان وتواصل الاعتداء ليشمل الاشتباك مع القوة العسكرية السودانية في معسكر بركة نورين.


وجاء في بيان للجيش السودان أنه "درجت الميليشيات الإثيوبية، بإسناد من الجيش الإثيوبي، على تكرار الاعتداء على الأراضي والموارد السودانية".

ولا تُعد تلك المرة الأولى التي تتعدى فيها ميليشيات مدعومة من إثيوبيا أو حتى قوات من الجيش الإثيوبي على أراضي السودان، فمن وقت إلى آخر، تشتبك القوات السودانية مع ميليشيات إثيوبية في منطقة الفشقة الحدودية التابعة لولاية القضارف السودانية شرقي البلاد، وهي منطقة زراعية نائية.

وتتهم الحكومة السودانية مواطنين إثيوبيين بزراعة أراض داخل حدودها. وقال وزير الدولة بالخارجية، عمر قمر الدين، الأسبوع الماضي: "عدد المزارعين الإثيوبيين الذين يزرعون داخل الأراضي السودانية ألف وسبعمئة وستة وثمانون مزارعا".

وفي أبريل الماضي، تصاعد التوتر بصورة خطيرة على الحدود السودانية الإثيوبية حول منطقة الفشقة الواقعة بولاية القضارف السودانية، حيث أعاد الجيش السوداني انتشاره في المنطقة على خلفية توغل الجيش الإثيوبي في منطقة شرق سندس بالفشقة الصغرى في مساحة تقدر بحوالي 55 ألف فدان وهي منطقة مشاريع زراعية تخص مزارعين سودانيين.

وبحسب صحيفة "الراكوبة" السودانية، فمنطقة الفشقة هي تلك المنطقة المتاخمة للحدود المشتركة بين السودان وأثيوبيا، والتي تحد شمالًا بنهر ستيت وشرقًا بنهر عطبرة، وهي لفظة محلية اشتقت من وضع المنطقة الطبيعي، إذ يقصد بالفشقة الأراضي التي تقع بين عوازل طبيعية مائية كالأنهار والمجاري المائية، وتوجد بها أراض زراعية خصبة تصل مساحتها إلى 600 ألف فدان.

وتتميز أراضي الفشقة بخصوبتها الزراعية اللافتة، ولعل هذا هو السبب الأبرز للخلاف بين الدولتين، حيث تظهر مجموعات من داخل إثيوبيا من حين لآخر للقيام بعمليات نهب. والاسم الأبرز دائما في هذه المجموعات هو عصابات "الشفتا".

تبلغ مساحة الفشقة 251 كيلومترًا مربعًا. وتنقسم الفشقة إلى قسمين:

الفشقة الكبرى: وتحد شمالًا بنهر ستيت وجنوبًا ببحر باسلام وغربًا بنهر عطبرة. أرضها طينية مسطحة صالحة للزراعة في مجملها ، ويغلب على سكانها أعراق الحمران والفلاتة والهوسا، يوجد بها نقاط للشرطة السودانية في كل من الكدي، والهشابة، وزهانة، وحمدايين، والدرابي، وود الحليو، ومكة حكومة والصوفي.

الفشقة الصغرى: هي المنطقة التي تحد شمالًا ببحر باسلام وغربًا بنهر عطبرة وشرقًا بالحدود المشتركة بين السودان وأثيوبيا، وتتخللها العديد من الجبال والخيران، وكانت بها عدة نقاط للشرطة في قلعة اللبان أم الطيور، وخور سيد، ومشروع الغنم، وباسنده.

وتفرض الطبيعة الجغرافية على أراضي الفشقة العزلة التامة عن الأراضي السودانية المتاخمة لها خلال موسم فيضان الأنهار، فضلًا عن كونها تتميز بهطول الأمطار الغزيرة في فصل الخريف، ويشكل موقعها إغراء للمزارعين والميليشيات المسلحة الإثيوبية للاعتداء عليها متى ما شاءوا، إذ لا يقف أمامهم أي مانع أو عازل يحول بينهم وبين الاستفادة من هذه الأراضي الخصبة

وتتميز منطقة الفشقة بجانب خصوبتها الزراعية، بإنتاجها الكثيف للسمسم والذرة والقطن قصير التيلة بجانب الصمغ العربي والخضروات والفواكه على ضفاف الأنهر الثلاثة عطبرة، وستيت، وباسلام.

واعترفت إثيوبيا اعترافًا قانونيًا في اتفاقية الحدود لعام 1902 وبروتوكول الحدود لسنة 1903، واتفاقية عام 1972 بأن منطقة الفشقة أرضًا داخل الحدود السودانية.

لكن المشاكل بدأت في عام1957 عندما بدأ تسلل المزارعين الإثيوبيين وقيامهم بأعمال الزراعة في الأراضي الواقعة ما بين جبل الكدي وشجرة الكوكة، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم تتوقف التعديات الإثيوبية على أراضي الفشقة، وتوزعت جهود الحل بين التفاوض تارة ومحاولة الحسم بالقوة من جانب أي من الطرفين تارة أخرى.

وفي عام 1995 نص اتفاق بين البلدين على خلو المنطقة الحدودية من الجيوش النظامية، فتوزعت السيطرة العسكرية على كتائب الدفاع الشعبي السوداني وميليشيات "الشفتا" الإثيوبية غير النظامية والمدعومة من الجيش الإثيوبي في الجهة المقابلة.

وبحسب قناة "الحرة"، مثلت عودة الخلاف إلى المنطقة الحدودية مؤخرا نقضا لاتفاق تم التوصل إليه العام الماضي ونص على القيام بمشاريع مشتركة لتنمية المنطقة وإنشاء الجسور والطرقات وتوفير الأمن للمزارعين من الدولتين دون أن تسلك هذه القرارات طريقها إلى التنفيذ.

وفي أواخر أبريل الماضي، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، استيلاء قوات ومليشيات إثيوبية على جانب كبير من أراضي السودان الواقعة على الحدود بين البلدين.

وبعد يومين من هذه التطورات وصل الخرطوم رئيس هيئة الأركان الإثيوبي الفريق أول ركن آدم محمد برفقة عدد من كبار القادة العسكريين وأجرى محادثات مع البرهان وكبار القادة العسكريين، كما اجتمع إلى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

واتفق الطرفان خلال هذه المحادثات على ضبط الحدود ومحاربة الجرائم العابرة كما توصلا إلى "تفاهم كامل ومستديم لتأمين الحدود المشتركة".

وكان الجيش السوداني، أعاد في 30 مارس الماضي انتشاره بعد غياب استمر لنحو 25 عاما في منطقة الفشقة الصغرى الحدودية مع إثيوبيا والمتنازع عليها بين البلدين والتي تشهد توترات من وقت لآخر جراء نشاط عصابات في المنطقة.