الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حسن حسني .. المايسترو


لفت نظري في الفيلم الشهير للمخرج عاطف الطيب "سواق الأتوبيس" في شخصية "عوني" النصاب وكان وسط مجموعة من أفضل ممثلي مصر وبرع بموهبته الكبيرة في لفت الأنظار اليه ليتم الاستعانة به فيما بعد بمجموعة من أهم أفلام السينما المصرية مع عدد من أهم مخرجيها عاطف الطيب ومحمد خان وداود عبدالسيد وغيرهم، بعد أن أيقنوا أنه ممثل كبير أو كما قال المخرج داود عبدالسيد ، هو أحد القادرين على إقناعك بأي دور.


تصدق إنه "عوني" النصاب بنظراته التي تعبر عن الدهاء في "سواق الأتوبيس" أو هو الضابط الظالم في "البريء"، او الموظف الفاسد او تاجر المخدرات واللافت أن الكوميديان الكبير فيما بعد ظل لسنوات طويلة يقدم شخصيات جادة تقترب أحيانا من أدوار الشر حتى كاد أن يكون زكي رستم "الجديد" ولكن فجأة وبموهبة نادرة تحول ليكون نجما كوميديا يقود جيلا بالكامل من الكوميديانات الجدد "جيل هنيدي" ، وأصبح أول اسم يتم اختياره لأي فنان يحاول تقديم بطولة جديدة وبعد ذلك نضع حوله من نشاء من أسماء، هو المايسترو الذي لاغنى عنه لقيادة فريق الممثلين حتى يتم ضبط إيقاع الفيلم، وجوده مصدر اطمئنان لأي نجم جديد يبحث عن البطولة، كان لا يتأخر عن مساعدتهم بكل ود وبالفعل ارتبط وجوده بالنجاح والتألق. واللافت انه كان يقدم أكثر من فيلم في نفس الموسم ولكن مستحيل أن تضبط أي تشابه في شخصياته، لكل منها أداء وروح مختلفة! ما هذه القدرة الفائقة هو ممثل حتى النخاع من مدرسة الموهوبين الكبار الذين أبدعوا وأضافوا لفن التمثيل.


حسن حسني من الممثلين الذين لديهم قناعة كبيرة ان النجومية ليست بمساحة الدور ، الفنان لديه القدرة على الإبداع في أي عدد من المشاهد، وطوال حياته لم يهتم بأن يكون البطل الأول او ان يكون دوره من البداية إلى النهاية ولكن المهم أن تكون شخصية مميزة تدخل قلوب الجماهير ولو بمشهد واحد، وهو بالفعل ما فجر واحدة من أكبر مفاجآت المهرجان القومي السينما المصرية عام 1993 إذ منحت لجنة التحكيم جائزة التمثيل لـ حسن حسني في دوره الصغير في فيلم "دماء على الأسفلت" بعد أن رأت إنه تفوق على بطل نفس الفيلم نور الشريف وأبطال الافلام المنافسة أحمد زكي "ضد الحكومة" ومحمود عبدالعزيز "دنيا عبدالجبار" وما أدراك من هم الثلاثة في تاريخ السينما المصرية ولكن إخلاص حسن حسني لشخصياته وإبداعه وإتقانه لها جعله يؤكد أن الموهبة ممكن أن تجعلك نجما ولو بمشهد واحد.


ولذلك سعى للمشاركة بدون أجر في فيلم "سارق الفرح" للمخرج داود عبدالسيد وبالفعل كان إحساسه صحيحا وحصد أيضا عدة جوائز عن أدائه لشخصية "ركبة".


هو يبحث عن تفاصيل الشخصية لا ينام حتى يحدث ذلك وبالفعل تستطيع أن تتذكر حسن حسني في جميع أعماله ، جملة أو ايفيه هو صاحب حضور خاص وبصمة مميزة.


علاقته بجيل هنيدي تستحق "كتاب" وهو كيف ساهم وساعد كل نجوم هذا الجيل في بطولاتهم على مدار ما يقرب من عشرين عاما كان بمثابة "المايسترو" الذي يضبط ويقود إيقاعات أفلامهم بافيهات ومواقف كوميدية تنتزع الضحكات في صالة العرض، أعتبره بئرا من الإبداع لم ينضب حتى اللحظات الأخيرة، ولذلك استحق كل هذا الحب من أبناء الجيل.


ما يقرب من 400 عمل فني ما بين السينما والمسرح والتليفزيون ظل خلالها حسن حسني عاشقا للفن حتى الموسم الدرامي الأخير حيث قدم أخر أدواره في مسلسل "سلطانة المعز" امام غادة عبدالرازق ، يقول لي المخرج محمد بكير انه كان كما هو حتى أيام التصوير الأخيرة يتميز بروح الدعابه مع الجميع ويحفظ مشاهده بكل دقة ولا يبخل على أي شخص داخل البلاتوه بأي نصيحة او معلومة .. كان أستاذا كبيرا، رحم الله حسن حسني .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط