الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الربيع الأمريكى


تفاهموا واتفقوا على مفهوم العدالة والمساواة والعمل والتفوق فأحدثوا طفرة حضارية  وتقدموا سياسيا واقتصاديا وعسكريا  على كل سكان الأرض رغم كل مقومات التشرزم الموجودة لدى الخليط الإنسانى القاطن غرب الأطلنطى عشرات الأعراق والجنسيات والثقافات والأديان، وانتصر الشعب على نقائصه الى حد انه انتخب فى نوفمبر 2008 رئيسا من اصول افريقية، وبعد ان سكن البيت الأبيض تاجر يمينى متطرف عادت النقائص تطفوا على السطح بعد ان اختفت عشرات السنين. حتى عندما مارس ساسة الولايات المتحدة الصلف والغرور وفرض الأمر الواقع وتجنيد المليشيات فى معظم المناطق الساخنة كان الشارع الأمريكى لا يقف كثيرا ولا يهتم الى سياسة القوة التى يتبعها حكامه فى معظم الصراعات، ولكن عندما سقطت العدالة وداست اقدام الجندى رأس جورج فلويد "46 عاما"، أمريكي من أصول أفريقية لفظ أنفاسه في 25 مايو الماضى.

وكان رد ترامب لا يختلف كثيرا عن سياسته العنيفة المتطرفة التى سكبت الزيت على النار فإذا بها تتحول الى فوضى مدمرة والإنسان الحضارى المؤمن بالحريات يجوب شوارع نيويورك وشيكاجو ولاس فيجاس ويحطم ويدمر ويسلب ويتحول الى لص خسيس يسرق ويشعل الحرائق.

ويرد ترامب كأى متطرف مراهق برفع الإنجيل فى وجه المحتجين متجاوزا مئات السنين من حضارة شعب مهيلا التراب على منجز الإنسان والدولة من الحقوق والحريات ومبادىء المساوة، والمسيح عليه السلام رفض العنصرية والعنف.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة رويتر أن معظم الأمريكيين يتعاطفون مع الأحتجاجات ويرفضون رد فعل الرئيس دونالد ترامب على على وفاة المواطن الأسود والاضطرابات التى اعقبت الحادث، وجاءت النتائج أن 64 بالمائة من الأمريكيين البالغين يتعاطفون مع من يخرجون للتظاهر فيما رفض 27 بالمائة فقط اعمال المحتجين وقال تسعة بالمائة إنهم غير متأكدين.
وسلط الاستطلاع الضوء على المخاطر السياسية أمام ترامب الذي اتبع نهجا حازما إزاء الاحتجاجات وهدد بنشر الجيش الأمريكي لإخماد العنف. وقال أكثر من 55 بالمائة من الأمريكيين إنهم لا يوافقون على طريقة تعامل ترامب مع الاحتجاجات بما في ذلك 40 بالمائة قالوا إنهم يرفضون ذلك بشدة، هذا نتاج الفوضى التى صدرها الأمريكيين لبلاد العرب تحت مسمى الفوضى الخلاقة.

واذا بالربيع العربى يتحول الى ربيع امريكى يتابعه كل سكان الأرض ويتحول جورج فلويد الى ايقونة عالمية ورفع الفرنسيين صوره فى تظاهرات عنيفة فى باريس تندد بالعنصرية البغيضة وتعيد الى الذاكرة الجرائم العرقية التى ارتكبها البيض ضد السود على مدار التاريخ، وفي برلين ارتدى اثنان من لاعبي كرة القدم في الدوري الألماني قميصين كتب على كل منهما "العدالة لجورج فلويد". 

كما اشعلت لقطات الشرطي الأبيض الذي يجثو على رقبة الأمريكي الأسود جورج فلويد إلى أن مات احتجاجات غاضبة من هولندا وبريطانيا وألمانيا ومدن أفريقية ومن أمستردام إلى نيروبي عقدت المقارنات بين موت فلويد ومعاملة العبيد السود قبل قرون وفي لندن حمل محتج لافتة كتب عليها "المملكة المتحدة ليست بريئة" بينما احتج نحو ألفي شخص خارج السفارة الأمريكية فى لندن. وتدافع الألآف فى معظم عواصم العالم غير عابئين بوباء كورونا ولا حتى اخذين بمعايير السلامة والحذر وظهر كثير من المتظاهرين بغير قناع مرددين الحرية أغلى من الحياة.

وبطبيعة الأمور صعد جو بايدن العجوز مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية على سطح الأحداث ووجه انتقادات لاذعة للطريقة التي أدار بها ترامب الاحتجاجات على العنصرية وانتهاكات الشرطة. ووعد بالقضاء على العرقية  قائلا "لن أتاجر بالخوف أو الانقسام أو إشعال نار الكراهية".


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط