EN 
على طريقة الدراما المصرية عندما يخرج ابو مديحة فتوة الحارة متحديا خصومه فاردا طوله يسير فى خيلاء حيث بدا ابو مديحة الأمريكانى ومرافقوه بدون أي أقنعة واقية ولا تدابير احترازية. المشهد امام البيت الأبيض يتجمع مئات المحتجين وتحيطهم عدسات المصورين والمراسلين ويخرج الحراس بأعداد كبيره لتفريقهم ومطاردتهم بالضرب المبرح والعنف المفرط حتى يتم إخلاء الساحة اما البيت الابيض ويكتمل المشهد بخروج ترامب مترجلا منتشيا وسط عشرات من مرافقيه وجميعهم بغير كمامة او اية تدابير إحترازية. ولولا ان المحتجين يرتدون الكمامات لإعتقدت ان المشهد قديم قبل ان تظهر كورونا، وتوجه ابو إيفانكا الى كنيسة سانت جون المجاورة لمقر الرئاسة بالبيت الأبيض رافعا الإنجيل كأى متطرف مراهق يتاجر بعقيدته.
الإحتجاجات التى اندلعت على خلفية مقتل الأمريكي من أصول أفريقية، جورج فلويد، على يد شرطي أبيض أعادت الى السطح النزاعات العنصرية والعرقية، وجرت أعمال نهب وشغب، شهدتها 20 ولاية، وساعدت تغريدات ابومديحة الأمريكانى على صب المزيد من الزيت على نار الأزمة وحاول كل طرف أن يستفيد سياسيًا، بغض النظر عن الجريمة وفظاعتها، فالجمهوريين وعلى رأسهم الرئيس ترامب والديمقراطيون ومرشحهم القادم جو بايدن في الانتخابات الرئاسية المقررة نوفمبر المقبل، قدموا لنا الصورة الحقيقية للديموقراطية الزائفة وكان لترامب الفضل فى كشف قيم الحرية الأمريكية.
وبعيدا عن الأحداث وتداعياتها بدت مسألة عدم إرتداء ترامب للكمامة مثيرة للجدل واشعلت نظرية المؤامرة والصراع السياسى والإقتصادى الصينى الأمريكى الذى قدم ملايين الضحايا من المصابين ومئات الألوف من القتلى ومازالت عجلة الموت تدور واقتصاديات العالم تسقط الى القاع وطابور البطالة يتضاعف فى الدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء وتنهار قدرات الأفراد.
وتداول مغردون بشكل واسع صور الرئيس الأمريكي بدون كمامة محاطًا بمرافقيه دون احترام لمسافة التباعد الاجتماعي المطلوبة، فيما ألمح بعضهم إلى أن الأمر يعزز نظريات المؤامرة التي تتحدث عن استغلال بعض الشركات والدول للأزمة لتحقيق منافع سياسية واقتصادية عبر المبالغة في خطر الوباء، وزاد اخرين ان الفايروس انتجته واشنطن مصاحبا للمصل وبعد ان تصل الى ما تبغى سوف تخرجه لتحصد المليارات وان ترامب مطمئن لتعاطيه المصل هو جميع فريقه الرأسى، وتخمينات مخجلة ان صحت فهى جريمة ومؤامرة ضد الإنسانية متكاملة الأركان.
وتابع محللون موقف ترامب المثير للجدل وبرروا تعمده عدم إرتداء الكمامة بأنه يعاند وصايا منظمة الصحة العالمية التى اوصت بضرورة إرتداءها لكل سكان الأرض كوسيلة إحادية لتعزيز التباعد الإجتماعى، وترامب الذى يشن هجوما ليل نهار ضد المنظمة وقطع معها العلاقات واتهمها بالتأمر مع الصين وإخفاء معلومات مهمة عن خصائص الفيروس ومصدره لو اتيحت فى بداية الجائحة لما وصلت الأمور إلى ما صارت إليه، ولكن ان يغامر بحياته وحياة المقربين منه من اجل عناد مع منظمة الصحة العالمية هو تبرير ساذج يضيف لغز اخر لألغاز هذه الجائحة التى ظلت بتداعياتها كتلة من الألغاز التى تحمل عشرات الأسئلة بلا اجوبة.
وظهر ترامب مؤخرًا في عدة مناسبات بلا كمامة، وكان من أغربها زيارته لمصنع لإنتاج الكمامات في ولاية أريزونا، حيث عمد إلى تفقد خط إنتاج المصنع والتقى القائمين عليه دون أن يظهر مرتديًا كمامة وتداولت وكالات الأنباء سخرية ترامب من مراسل تلفزيوني بسبب ارتدائه كمامة واقية. وقال ترامب خلال المؤتمر الصحفي للرجل: هل يمكنك خلع تلك الكمامة حتى أستطيع سماعك، فرد المراسل: سوف أتحدث بصوت عالٍ، ليجيبه ترامب ساخرًا: لأنك تريد أن تكون سياسيًا.
وفي مقال نشرته "واشنطن بوست" أن ترامب يرفض أي شيء قد يظهره في موقف ضعف فخلق حربًا ثقافية حول ارتداء القناع الواقي، ولا يعرف الآن كيف يخرج منها مع الاحتفاظ بماء وجهه بعد ان اتضح له خسارة المعركة.
