الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سورة الفتح أحب السور إلى قلب النبي .. فلماذا سميت بهذا الاسم ؟

سورة الفتح أحب السور
سورة الفتح أحب السور إلى قلب النبي..فلماذا سميت بهذا الاسم؟

سورة الفتح سورة مدنية، عدد آياتها 29 آية، نزلت في العام الـسادس من الهجرة، وكان نزولها بعد سورة الجمعة، ويسبقها من حيث الترتيب في المصحف سورة محمد، وقد بدأت السورة بالحديث عن بشارة للنبي - صلى الله عليه وسلم- بفتح مكة، كما تناولت سورة الفتح أيضًا وعد الله للمؤمنين، ووعيده للكافرين والمُنافقين، وقد خُتِمَت السورة بثلاثة أمور، أولًا: إرسال النبي محمد-عليه الصلاة والسلام- بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ثانيًا: وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين بالرحمة على بعضهم والشدة على الكفار، ثالثًا: وعد المُؤمنين الذين يعملون الصالحات بالمغفرة والأجر العظيم.

فضل سورة الفتح:
 
تعد سورة الفتح من المثاني التي أُوتيها النبي -عليه الصلاة والسلام-، إذ قال: «أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ»، كما أن سورة الفتح من أحب السور إلى قلب النبي؛ فقد وصف نزولها عليه بأنها أحب السور إليه ، فقد كان رسولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم- يسير في بعض أسفاره، وعمر بن الخطاب يسير معه ليلًا، فسأله عُمَر بن الخطابِ عن شيء فلم يجبه رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عُمَر بن الخطابِ: ثكلتك أمك يا عمر، نزرت رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ثلاث مرّات كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحرّكت بعيري ثم تقدّمت أمام المسلمين وخشيت أن ينزل فيّ قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخًا يُصرَخ بي، قال: فقُلْت: لقد خشيت أن يكون قد نزل في قرآن، وجئت رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فسلمت عليه، فقال: «لقد أُنزِلَت عليّ الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس»؛ ثم قرأ: «إنا فتحنا لك فتحًا مُبينًا»، صحيح البخارى. 

وفي رواية: «قال النبيُّ -عليه الصّلاة والسّلام-: نزَلَتْ عليَّ البارِحَةَ سورةٌ هي أحَبُّ إليَّ منَ الدنيا وما فيها؛ «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخرَ»؛ ومعنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم-: «لقد أُنزِلَت عليّ الليلة سورة..» فيه وجهان:

الأول: أن يكون معنى قول النبي -عليه الصلاة والسلام- في سورة الفتح: لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، أي هي أحب إلي من كل شيء، ولأنه لا شيء إلا الدنيا والآخرة، فأخرج الخبر عن ذكر الشيء بذكره للدنيا إذا كان لا شيء سواها إلا الآخرة.

الثاني: أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- خاطب أصحابه بذلك على ما جرى من استعمال الناس بينهم في مخاطبتهم من قولهم، فإذا أراد أحدهم الخبر عن نهاية مَحبته للشيء هو أحب إلي من الدنيا، وقول النبي – صلى الله عليه وسلم- «أحب إلي» فيها بشارة بالفتح والمغفرة، و«إنا فتحنا لك..» أي قضينا لك قضاءً بَيِّنًا على أهل مكّة أن تدخلها أنت وأصحابك.

كما كانت بعض آيات سورة الفتح سببًا في إدخال السرور إلى قلوب المسلمين كما أدخلت آياتها السرور إلى قلب النبي -عليه الصلاة والسلام-، فحينما نزل قوله -تعالى-: «إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا» تساءل المسلمون عن نصيبهم من السورة فنزل قوله -تعالى-: «لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا».


سبب تسمية سورة الفتح:

سميت سورة الفتح بهذا الاسم لِما تضمنته من ذكر الفتح الذي تحقق للنبي -عليه الصلاة والسلام- والمسلمين بعد الذي اعتراهم يوم الحديبية من منع المشركين لهم من أداء المناسك، وقد وردت تسمية سورة الفتح على لسان الصحابة -رضي الله عنهم-، ولم يُعرف لها اسمٌ آخرٌ، وتعددت الروايات والأحاديث التي ورد فيها ذكر سورة الفتح، منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- أنّه قال: «رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ علَى ناقَتِهِ، وهو يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ يُرَجِّعُ، وقالَ: لَوْلا أنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْتُ كما رَجَّعَ». 

كما رُوي عن سهل بن حنيف يوم صفّين حين قام بين الناس وقال: «اتَّهِمُوا أنْفُسَكُمْ فَلقَدْ رَأَيْتُنَا يَومَ الحُدَيْبِيَةِ -يَعْنِي الصُّلْحَ الذي كانَ بيْنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمُشْرِكِينَ- ولو نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ فَقالَ: ألَسْنَا علَى الحَقِّ وهُمْ علَى البَاطِلِ؟ أليسَ قَتْلَانَا في الجَنَّةِ، وقَتْلَاهُمْ في النَّارِ؟ قالَ: بَلَى، قالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا ونَرْجِعُ، ولَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بيْنَنَا، فَقالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ، إنِّي رَسولُ اللَّهِ ولَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أبَدًا، فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا فَلَمْ يَصْبِرْ حتَّى جَاءَ أبَا بَكْرٍ فَقالَ: يا أبَا بَكْرٍ ألَسْنَا علَى الحَقِّ وهُمْ علَى البَاطِلِ؟ قالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ إنَّه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ».


مقاصد سورة الفتح:

تضمنت سورة الفتح العديد من المقاصد والدروس والعِبر، منها:

بدأت السورة الكريمة بذكر الفتح المبين والتأييد العظيم الذي من به الله -تعالى- على رسوله وعلى المؤمنين.

بيان حُسن العاقبة التي ظفر بها المسلمون بصلح الحديبية، فقد أزال الله الحزن من قلوب المؤمنين الذي أصابهم بسبب عدم أداء العمرة ومنحهم في المقابل السكينة والطمأنينة. 

التأكيد على أن تحقيق الإيمان في قلوب الناس وانتشار الخير والطاعات وتعظيم الله -تعالى- كانت نتيجةٌ من نتائج بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-. 

التأكيد على مكانة النبى - صلى الله عليه وسلم- عند الله؛ فقد بشره الله بفتوحاتٍ كثيرةٍ تعقب صلح الحديبية.

التأكيد على حقيقة البيعة التي حصلت يوم الحديبية، وبيان أنّها مبايعةٌ لله على القتال والاستشهاد في سبيله، وقد أيّد الله تلك البيعة بنصره وتمكينه للمسلمين.

بيان صفات المنافقين المتخلفين عن المشاركة في صلح الحديبية، ومن تلك الصفات: سوء ظنهم بالله، وجُبنِهم. 

ذكر أصحاب الأعذار الذين يُباح لهم ترك القتال والتخلف عنه، وبيان رفع الحرج والإثم عنهم.

الثناء على المؤمنين الذين بايعوا الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وذكر صفات النبي والذين آمنوا معه، وبيان أن تلك الصفات مذكورةٌ في التوارة والإنجيل من قبل، وذكر ما أعده الله من الأجر العظيم والثواب الحسن لمن آمن منهم وعمل الصالحات.