على جمعة:
- الترحم على الملحد سخافة ولا يجوز شرعًا
-الستر الجميل يُشترط فيه أمران
-القضاء من يحكم على المجاهر بالمعصية وليس كلام الناس
- يوضح حكم من يجاهر بالمعصية ثم يتوب
حل
الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ضيفًا على برنامج « من مصر» المذاع على فضائية « cbc» مع الإعلامي « عمرو خليل» وتحدث خلاله عن
فضيلة الستر ومكانها في الدين الإسلامي، كما علق على الجدل التي أثير على عدد مواقع التواصل من التراحم على الملحد وكذا الدعاء له بالمغفرة، وأجاب خلال اللقاء عن عددًا من أسئلة المشاهدين والتي نبرزها في التقرير التالي.
في البداية، قال
الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن هناك فرقا كبيرًا بين إعلان الإلحاد وبين المعاصي، فالإنسان الذي يقع في المعاصي ننكر عليه المعصية فقط.
وأضاف جمعة، أن الملحد الذي لا يؤمن بوجود إله ثم مات منتحرا أو غير منتحر، فلا يجوز الترحم عليه لأن الترحم هدية وهو رفضها في حياته لأنه لا يؤمن بمن يرحم العباد.
وأشار إلى أن
الترحم على الملحد نوع من أنواع السخافة من الإنسان الذي يرغب في ذلك، منوها بأن رحمة الله عمت البشرية كلها لأنه رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، فالله يدني منه المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس يوم القيامة.
وأوضح، أن الله لا يستر على عبده في الدنيا ثم يفضحه يوم القيامة، منوها بًان
الله غفور رحيم، ولكن على المؤمن، وليس على من أنكره وجود الإله.
ونبه عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إلى أن ما جاءنا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى عدم التفتيش في نيات الناس، وأن نأخذهم على ظواهرهم ببساطة، وبأساليب محددة قابلة للقياس.
وأضاف «
جمعة» أن الله - تعالى- جعل من يشهد بأنه لا إله إلا يدخل
الإسلام، واسماه العلماء بالمسلم الصعب، أي يصعب إخراجه من الإسلام إلا إذا أردا ذلك بنفسه، فهذا يندرج تحت حرية العقيدة.
واستشهد عضو هيئة كبار العلماء بقوله - تعالى-: « وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ..»، (سورة الكهف: الآية 29).
وأفادأن الكفر ليس هينا ولا سهلا، وبالرغم من ذلك أعطى الله - سبحانه وتعالى-حرية الاختيارلمن يكفر به، فسمح لابليس الذي كان يعبده أن يختار الاستكبار والكفر والعتو، وجعله يفعل ذلك من الناحية الكونية لأنه اختياره؛ فما فعله ابليس كان شرا ومرفوض، وبالرغم من ذلك تركه الله ليفعل ما يشاء.
وتابعأنه كذلك ترك الله - تعالى- من كفر وألحد وآمن لاختيارهم؛ حتي يكون هناك معني للحساب يوم القيامة،لافتًا: أكد النبي من هذه القاعدة وهي أخذ الناس على ظواهرهم على أهمية الستر الذي هو الأساس والأصل في الشريعة الإسلامية.
ونوه المفتي السابق أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أكد علىأهميةالسترالذي هو أصل في الشريعة الإسلامية في أكثر من حديث شريف يدعو إلى التحلى بهذه الفضيلة.
واستشهد «جمعة» خلال لقائه ببرنامج « من مصر» المذاع على فضائية « cbc»بما روى عن ابن عمر - رضى الله عنهما-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «المسلم أخو المسلم لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيام، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة»، رواه البخارى ومسلم.
واستدل
عضو هيئة كبار العلماءأيضًا بما روى عن أبو هريرة - رضى الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « لا يستر عبد عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة»، رواه مسلم.
وأكد المفتي السابق أن الأصل في الشريعة
الستروأن الله يغفر للجميع إلا المجاهرين، وهو من فعل ذنب بالليل يستره الله ثم يقوم ويفضح نفسه استهانا بمعصية الله.
ولفت الدكتور على جمعة إلى أن
الستر الجميليكون من غير فضيحة بالغيبة أو البهتان، فإن كانت المعصية في هذا الشخص بالفعل فإفضاحه من الغيبة، وإن لم يكن فهو من البهتنان، مختتمًا: « إذا المقرر من جميع العلماء أن الستر هو الأصل في الشريعة الإسلامية».
وألمح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أنه يجب إنكار المعصية ومن يجاهر بها، وعلى المسلم أن يعلم حكمها وعقابها.
وأضاف جمعة، أن من يحكم على الشخص المجاهر بالمعصية هو القضاء وليس كلام الناس، وليس عليهم إلا إنكار المعصية فقط.
وأشار إلى أن الإنسان لا يحق له ان يقول إن شخصا ما قد سرق من البنك كذا وكذا، لأنه قد يكون بريئا وبالتالي يكون قد يكون فعل شائعة ونشرها وحمل وزرها.
وأوضح، أنه لو تبين حقا أنه ارتكب معصية، فهنا علينا نصحه وإرشاده فيكون الأمر من باب "النصيحة لا الفضيحة" فالناس الآن لا يفرقون بين النصيحة والفضيحة والعاصي والمعصية.
ووجه المفتي السابق، حديثه للمجاهر بالمعصية، مستشهدا بحديث النبي "كل أمتى معافى إلا المجاهرين".
وقال «
جمعة» مازحًا: « يا سيد عمر ما تضيقاش على وقت الشباب، شباب ولاه شيوخ، ربنا هيستر للكل ويغفر للجميع برحمته الواسعة؛
فالمعصيةليست قاصرة على الشباب فقط بل تشمل كبار السن أيضًا».
وأوضحعضو هيئة كبار العلماءأن الله - سبحانه وتعالى- يغفر للجميع ما دام لميغرغر
، والغرغرة هي خروج نصف الروح خارج جسده والنصف الآخر داخله، مؤكدًا: « الله رحمته- سبحانه- واسعة ويفرح بتوبة عبده ويغفر له ما قد كان».
وتابع المفتي السابق أن الله عفو وتواب ورحيم ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأنه الله حيي ستير على وزن فعيل وهي صيغة مبالغة تدل على كثرة ستره - تعالى- على عباده ومن ثم
غفرانه لذنوبهم.
ولفتالدكتور على جمعةإلى أنالنبي - صلى الله عليه وسلم- أكد علىأهميةالسترالذي هو أصل في الشريعة الإسلامية في أكثر من حديث شريف يدعو إلى التحلى بهذه الفضيلة.
وأفاد «
جمعة» أنه يجوز لك الحديث عنه بما هو فيه ولكن بالتدريج، موضحًا: « لو جاء شخص وقالي إن فلانا تقدم لابنته، فقولتله: بلاش، وهو اكتفي ولم يسأل زيادة اسكت عند كدا؛ لأنه اطمأن لكلامي ووضعني في حد الثقة التي يطمئن بها قلبه، وإنه بلاش يبقى بلاش».
وتابع
عضو هيئة كبار العلماء: « لكن إذا لم يطمئن؛ لأنه يعلم في هذا الشاب المتقدم صفات جيدة، فيمكن يسألني السؤال الثاني: بلاش ليه؟، فأرد عليه أنه غير متأمن في كذا وكذا، مبينًا: الغرض أن تكون الاجابة على قد السؤال فقط، وليس الرغي السردي».
وشبه
المفتي السابقهذا الأمر بجرعة الدواء التي إن زادت ربنا يتحول الأمر إلى سم زعاف وربما يقتل الإنسان، لافتًا: لذا لابد من جرعات تتناسب مع
مراد الإنسان.
ونبه
الدكتور على جمعةأن الأصل في الشريعة الإسلامية الستر، ولكن هناك مواقف نضطر فيها إلى الإفصاح، كالشهادة أمام القاضي أو السؤال في
مسألة زواجيترتب عليها ضياع أعراض وأموال، مختتمًا: أنه عندما يجاهر الإنسان ويدعو إلى معصية بأسلوب مرتب ليس حجة في ذاته.
وقال «
جمعة» إن من تكلم يومًا ما في عرض أحد عليه أن يشتغل
بكثرة الاستغفار، لافتًا: التوبة والإقلاع عن الذنب له أركان، أولاها:
ترك الذنب: فلا استغفر الله على ذنب فعله بالأمس وأنا أفعله الآن.
وأوضح
عضو هيئة كبار العلماءأنه ينبغي ترك هذا الغعل الخبيث الذي هو الكلام بغير علم أو ستر وإشاعة للفاحشة، لافتًا إلى
أن كثير من الناس يبرر لنفسه هذا بأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهذا خطًا لأنالأمر بالمعروفلابد أن يترتب عليه إقلاع كما توجد احتمالات على صحة الكلام.
وأضاف
المفتي السابقأنه هناك فرق بين النصحية والفضيحة، فالنصيحة من الدين فكانت من الله لرسوله ولأمة المسلمين وعامتهم، أما الفضيحة أن اتكلم بهذه العوارات أمام الناس.
ولفت الدكتور على جمعة إلى أنه لا يشترط أن تكون النصيحة خفية، فنحن لا نكره العاصى وإنما نكره
المعصية، مختتمًا: «ليس هناك خلاف بين جميع المسلمين في أفكارهم حول هذه المعاني الثابتة من أجل أن ينجينا في الدنيا قبل الآخرة».