الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تاريخ مصر محفور في ذاكرته.. أقدم بائع جرائد في بني سويف لا يجيد القراءة والكتابة

أقدم بائع جرائد في
أقدم بائع جرائد في بني سويف

يخرج من بيته مع أذان فجر كل يوم، متوجها إلى مكان بيعه للجرائد، ويفترش المكان الذي أصبح علامة مميزة في منطقة مقبل بمدينة بني سويف.


إنه عم عابدين محمد عبد الرحمن، 90 عامًا، فهو مواليد 1930، أقدم بائع جرائد في بني سويف، إن لم يكن على مستوى محافظات مصر، الشارع عند منطقة مقبل بمدينة بني سويف، يبيع الجرائد والمجلات منذ عام 1942 وعلى مدار 70 عاما خدمة في بلاط صاحبة الجلالة "الصحافة" حتى الآن رغم محاولات أبنائه إثناءه عن الخروج في ظل جائحة فيرس كورونا وغيرها من المخاطر التي قد تواجه رجلا مسنا مثل والدهم، إلا أنه يأبي ويرفض ويصر على ممارسة عمله لآخر نفس في حياته.


"صدى البلد" التقى عم عابدين الذي قال: "بعت الجريدة أيام ما كان سعرها مليم إلا ربع، وكان من روادي أعيان البلاد".


ويضيف  في حسرة: "حضرت بيع الجرائد أيام أصحابها مثل محمود أبو الفتح وإخوته أصحاب جريدة المصري وجريدة مصر الفتاة لأحمد حسين وبشارة تكلا الأهرام وفاطمة اليوسف وزوجها عبد القدوس مجلة روزاليوسف وغيرهم أيام ما كانت الجريدة بتعريفة، أي 5 مليم".


اقرأ أيضا: 


وتابع: "أما الآن ومنذ أن أصبحت ملكًا لمؤسسات وهى خربت، فرؤساء مجالس الإدارات والتحرير يجلسون على مكاتب ويحصلون على الملايين دون فائدة، على العكس قبل عام 60 فكانت تباع بملاليم وكانت لا توجد أساطيل السيارات كما توجد الآن في المؤسسات، ومع ذلك كانت توجد مادة تشبع شهية ونهم القارئ".


ويتذكر عم عابدين أيام زمان، وجريدة مصر الفتاة لصاحبها أحمد حسين قائلًا: "المباحث العامة كانت تقبض عليّ بحجة أنني أبيع جريدة مصر الفتاة، ليس هذا فقط بل أحيانًا كانوا يضغطون عليّ لأقر بمن اشتراها فكنت أنفي لأنني لا أعلم كل من يتحصل عليها، وكانوا يسحبون مني باقي الأعداد ويعطونني ورقة صغيرة أحاسب بها مكتب التوزيع العمومي".


وأشار عم عابدين إلى أن مستوى البيع عمومًا يرتفع عند وقوع الأحداث، فعلى المستوى القومي مثل حادث وفاة الرئيس جمال عبد الناصر ومقتل الرئيس السادات وحاليًا الأحداث الأخيرة، أما على المستوى المحلي ببني سويف فيتذكر عم عابدين حادث وقوع عمارة على أصحابها في منطقة الأباصيري بمدينة بني سويف وتم نفاد الكميات من الأسواق.


ويتذكر عم عابدين أشهر رواد شراء الصحف منطقة مقبل وأصبحوا فيما بعد كتابا كبارا وهما مفيد فوزي، وفوميل لبيب، وعاب على هذه الأيام بقلة الكتاب النجوم مثل هيكل ومصطفى محمود والشعراوي ونجيب محفوظ وغيرهم. 


واشتكى عم عابدين من قلة القراء، وأرجع ذلك إلى التقدم العلمي والتكنولوجي في وسائل الإعلام والاتصال مثل المواقع الإلكترونية للصحف  ونشرها "pdf"، وكذلك انتشار القنوات الفضائية الإخبارية والإنترنت وخلافه، فالقراء يدخلون على الإنترنت ويتصفحون الجرائد.


أما المفاجأة الكبرى، فإن عم عابدين لا يقرأ ولا يكتب إنما حفظ أسماء الجرائد بـ"اللوجو الخاص" بكل جريدة أو مجلة "الشكل العام لها"، فهو لم يلتحق بمدرسة منذ ولادته عام 1930، وبدأ العمل منذ أن كان عمره 9 سنوات مع إخوته وكانوا يقومون بتوصيل الجرائد إلى القراء في المنازل ومحال الأعمال.


ويختتم عم عابدين حديثة قائلًا: "إنني لا أتمنى أن يعمل أحد أبنائي في هذه المهنة، خاصة في عصرنا الحالي الذي اختلط فيه الحابل بالنابل واختلف فيه قارئ اليوم عن قارئ الأمس، وأصبح لا عائد ولا جدوى لبائع الصحف مثل ذي قبل".