الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اتفاق مشبوه.. كتاب بولتون يفضح تواطؤ أردوغان وترامب في تحقيقات بنك خلق.. قناة الصهرين السرية بديلة للاتصالات الرسمية.. والرئيس التركي يخشى افتضاح علاقات عائلته بالقضية

دونالد ترامب ورجب
دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان

  • أردوغان حضر افتتاح برج ترامب في إسطنبول عام 2012
  • أردوغان طلب من بايدن بشكل شخصي إطلاق سراح رضا ضراب
  • ترامب تعهد لأردوغان بتقويض التحقيقات في قضية بنك خلق


من بين أكثر أجزاء كتاب مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون حديث الصدور "الغرفة التي شهدت الأحداث" إثارة للدهشة والصدمة الجزء الخاص باتصالات واتفاقات بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.


وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، يروي بولتون في هذا الجزء تفاصيل تعهد ترامب لأردوغان بتقويض تحقيقات أمريكية حول ضلوع بنك تركي في الالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.


وأضافت الصحيفة أن وقائع هذه القضية تمس عددا من ذوي الأسماء والمناصب الثقيلة من المحيطين بترامب، مثل مستشاره الأسبق للأمن القومي مايكل فلين ومحاميه الشخصي رودلف جولياني، وصهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر.




ويقول بولتون في كتابه إنه حذر وزير العدل الأمريكي والمدعي العام ويليام بار في أبريل 2019 من أن جهود ترامب لمساعدة أردوغان في تقويض التحقيقات الأمريكية حول دور بنك خلق التركي في انتهاك العقوبات على إيران تكشف ميل ترامب لتقديم خدمات إلى "المستبدين الذين يحبهم".


ويبدأ بولتون قصة تواطؤ ترامب مع أردوغان بمشهد افتتاح برج ترامب في مدينة إسطنبول التركية عام 2012، حيث نشرت إيفانكا ابنة ترامب تغريدة على حسابها بموقع "تويتر" توجه فيها الشكر إلى رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان على حضوره حف الافتتاح، وبرفقته رجل الأعمال التركي محمد علي يالسينداج، الذي وصفه ترامب بـ "الصديق العظيم" لابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر.


وشارك ترامب هذا الميل لمحاباة أردوغان عدد من مستشاريه المقربين، فإبان الحملة الانتخابية لترامب عام 2016، تلقت شركة الاستشارات المملوكة لمستشاره السابق للأمن القومي ميكل فلين أكثر من 500 ألف دولار من رجل أعمال مقرب من أردوغان ويرأس شركة كبرى مملوكة للدولة.


وفي يوم الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2016، نشر فلين مقال رأي أيد فيه حملة نظام أردوغان ضد حركة "الخدمة" التي يتزعمها رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله جولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016.


واتهم فلين منظمة جولن بإقامة صلات مع شبكات إرهابية، وبدا وكأنه يمهد الطريق للاستجابة لمطلب أردوغان بتسليم جولن لتركيا.


وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد كشفت في أكتوبر 2017 أن أردوغان وزوجته عقدا سلسلة لقاءات مع نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن وزوجته في سبتمبر 2016، لمناشدته بإطلاق سراح رجل الأعمال التركي الإيراني رضا ضراب، المشترك مع بنك خلق في الالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.


وأوضحت الصحيفة أن هاجس أردوغان الأكبر كان يتعلق بإمكانية كشف تحقيقات وزارة العدل الأمريكية لعلاقته هو وأفراد من عائلته بقضية بنك خلق.


وفي أكتوبر 2016، ألقت حكومة أردوغان القبض على القس الأمريكي أندرو برونسون، بزعم صلته بحركة جولن، أما الهدف الحقيقي فكان المساومة على تسليم الأخير لتركيا مقابل إطلاق سراح برونسون.


وأعطى انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة دفعة لآمال أردوغان، ومع أن فلين أقيل من منصبه مبكرًا في فبراير 2017، وجدت أنقرة قناة اتصال احتياطية بديلة في الصداقة التي تجمع إيفانكا ترامب ورجل الأعمال التركي محمد علي يالسينداج، الذي تولى رئاسة شركة كبرى مملوكة للحكومة التركية بفضل علاقته بالرئيس الأمريكي وابنته، حسبما ذكرت صحيفة "حريت ديلي نيوز" التركية قبل سيطرة نظام أردوغان عليها.


وفي 24 فبراير 2017، اتصل محامي ترامب، رودلف جولياني، بالمدعي العام الفيدرالي في مانهاتن بريت بهارارا وأبلغه انه سيسافر إلى أنقرة لتمثيل رضا ضراب قانونيًا، واعترف جولياني نفسه بأنه ضغط على وزارة العدل الأمريكية لتسهيل "اتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا" من شأنه "تعزيز الأمن القومي الأمريكي".


لكن ترامب أقال بهارارا في الشهر التالي مارس 2017، واستمرت تحقيقات بنك خلق تحت إشراف المدعي العام الفيدرالي الجديد جيوفري بيرمان، في خطوة أغضبت أردوغان، وفي نفس الوقت ظل القس الأمريكي برونسون معتقلًا في تركيا، وصعّد أردوغان ضغوطه على إدارة ترامب في يوليو 2018، زاعمًا أن فتح الله جولن هو الذي يقف وراء تحقيقات وزارة العدل الأمريكية حول بنك خلق.


وكتب بولتون في كتابه "أراد أردوغان إغلاق قضية بنك خلق، وهو أمر مستبعد الآن مع كشف المحققين الأمريكيين تفاصيل أكبر من أن يمكن تجاهلها حول عمليات الاحتيال التي أجراها البنك.


وفي مناورة للضغط من أجل إطلاق سراح القس برونسون، هدد ترامب بفرض عقوبات على تركيا، ومن أجل تهدئة الموقف اقترح نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس فتح قناة اتصال بين كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر ووزير المالية التركي وصهر أردوغان أيضًا براءت البيرق.


وقال بولتون في كتابه إنه أبدى عدم ارتياحه إزاء قناة اتصال "الأصهار" تلك أمام وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، لكنهما سفّها من رأيه.


المهم أن تركيا أطلقت سراح برونسون الذي عاد إلى الولايات المتحدة في أكتوبر 2018، وفي ديسمبر من نفس العام التقى أردوغان بترامب على هامش قمة مجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، حيث أبدى ترامب مرونة أكبر واستعدادًا للتعاون في قضية بنك خلق.


ويروي بولتون أن أردوغان ادعى أمام ترامب خلال لقائهما أن بنك خلق "بريء تمامًا" من الاتهامات المنسوبة إليه، ووعد ترامب نظيره التركي بأنه "سيهتم بالأمر"، وإن أوضح لترامب أن المحققين الذين يتولون القضية ليسوا من "رجال إدارته" وإنما من رجال إدارة سلفه باراك أوباما، وأن القضية ستصبح أسهل عندما يجري استبدال هؤلاء بمحققين من اختياره هو (أي ترامب).


ويضيف بولتون أن وزير العدل والمدعي العام ويليام بار أعرب له في لقاء شخصي عن قلقه البالغ إزاء وعود ترامب لأردوغان بتقويض التحقيقات في قضية بنك خلق.


لكن كل جهود ترامب لإغلاق التحقيق باءت بالفشل، وفي أكتوبر الماضي عندما انكشف أمر اتصالات ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أجل فتح تحقيق حول صلة منافس ترامب الديمقراطي جو بايدن وابنه هنتر بشركة غاز أوكرانية، عادت سيرة بنك خلق للظهور في التحقيقات حول اتصالات ترامب وزيلينسكي، التي أشرف عليها المدعي العام في مانهاتن جيوفري بيرمان.


وقبل أيام، أعلن ترامب فجأة إقالة بيرمان من منصبه، تمامًا كما حدث مع سلفه بريت بهارارا، دون إعطاء أي تفسيرات، لكن التحقيقات حول بنك خلق لم تزل مستمرة بالرغم من وعود ترامب لأردوغان.