الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

30 يونيو حكاية شعب


ثورة 30 يونيو واحدة من أعظم الثورات المصرية على مر التاريخ والتي جاءت لاسترداد هوية الدولة وإنقاذ مصر والمنطقة العربية من مصير مظلم لم تكن فقط قرارا شعبيا لتصحيح المسار واسترداد ما اختطفته جماعة الإخوان الإرهابية الذين شكل وصولهم للحكم وضعا كارثيا للمصريين بل كانت بمثابة بداية العد التنازلي لإنهاء وجود الجماعات الأصولية والإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

فبعد عام من تولي الجماعة الإرهابية حكم مصر بالالتفاف والخديعة أدرك المصريون خطورة المرحلة، فمصر صاحبة الحضارة المتأصلة بجذورها الممتدة عبر آلاف السنين صانعة التاريخ تنسحب خارج نطاق التاريخ والجغرافيا مما ولد شعورا لدى عموم الشعب بالاغتراب الحضاري والثقافي في وطنهم نتيجة ممارسات إخوانية بمفردات غريبة على مكونهم الحضاري ومورثهم الإنساني.

فمصر التي عرفت مفهوم الدولة بتنظيمها المؤسسي منذ فجر التاريخ تحكمها جماعة إرهابية قفزت على هويتها الثقافية والتاريخية بالغة الثراء والتنوع مستهدفة إسقاط مؤسساتها الوطنية ونشر الفوضي وإثارة الفتن وتفكيك مفاصل الدولة وساد شعور جمعي شعبي  بالخوف علي الوطن ومقدراته وكان لابد من الخروج من النفق الضبابي وكان الخروج الكبير.
 
وجاء 30 يونيو بوعي معي بمخاطر المرحلة تحت شعار "ارحل ويسقط حكم المرشد"؛ لتدوي في كل ميادين مصر بتعداد حاشد يفوق الوصف وملايين المتظاهرين علي قلب رجل واحد دون تنسيق أو ترتيب تحت حرارة الشمس الحارقة وموجة هائلة كانت بمثابة تسونامي من مختلف الأعمار وطبقات الشعب الغاضبة التي أعدت العدة لاسترداد ما سرق منها؛ فكسروا كل القيود وخالفوا التوقعات متخطين كافة الحدود فلم يكن أحد يتوقع أن تقوم للمصريين قائمة بعد انهاك دام سنتين أعقاب ثورة يناير وما فعلته جماعة الإخوان في السنة القاتمة السواد من ممارسات ارهابية بكافة اشكالها السياسية والايدلوجية والدموية و تضيق واقصاء لكافة مكونات المشهد السياسي.

وكان للمشهد الثوري وجه آخر محفوف بالمخاطر أهمها التخوف من حدوث أعمال عنف وإرهاب وهو ما تصدت له المؤسسات العسكرية والأمنية بكل شجاعة وجسارة وثانيها الموقف الدولي والإقليمي وتعقيداته وثالثها موقف الاتحاد الأوروبي والدول الكبري خاصة الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة لحكم الجماعة الإرهابية في عهد الإدارة السابقة وتحديات كبيرة.

تصدى لها الاندفاع الشعبي الذي تخطى كل التقديرات والاصطفاف العربي الذي تصدرته المملكة العربية السعودية والإمارات العربية فكانت المفاجأة غير المتوقعة والصدمة المدوية للحشد المليوني الذي فاجأ الجماعة الإرهابية أنفسهم فهم لم يعيروا اهتماما للرفض الشعبي لهم  وكان الإنكار العام. 

المشهد جلل والملحمة عظيمة دعمتها مؤسسات الدولة المختلفة علي رأسها المؤسسات العسكرية والأمنية والدستورية وجاء الدور الوطني البطولي للفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع انذاك فارقا والذي قاد سفينة الوطن بكل شجاعة لترسو على شاطئ الأمان.

فقد انحاز القائد انحيازا تاما لإرادة الشعب المصري وهو انحياز ليس بالجديد علي المؤسسة العسكرية وقادتها العظام وكان لوزارة الداخلية دورا بطولي في هذة الملحمة الوطنية وكان الثمن دماء اغلي وخيرة الرجال دافعا عن هذا الوطن.

وقدمت المحكمة الدستورية العليا ممثلة في المستشار الجليل عدلي منصور دورا وطني عظيم لن ينساه المصريين  وكانت جزءا أساسيا من مشهد 30 يونيو فتحملت مسؤولية الظرف التاريخي بكل حكمة  وكانت المؤسسات الدينية حاضرة بقوة ممثلة في شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والكنسية ممثلة في قداسة البابا تواضروس بابا الإسكندرية وأدوار سجلها التاريخ في انصع صفحاته.

وأمام مكونات المشهد المصري الفريد فى الشوارع والميادين بوعي جمعي واحد تحت راية الوطن ووحدة المصير وأمام الدعم العربي الضاغط لم تستطع قوي الشر في الداخل أو الخارج أن تلتف حول الإرادة الشعبية والطوفان الكاسح فالثورة المصرية كانت بمثابة المخلص من سيناريو محفوف بالمخاطر وكانت نقطة مضيئة وسط الظلام الدامس المسمي بالربيع العربي في نسخته العربية ومشروع الشرق الأوسط الكبير في نسخته الاستعمارية.

وسيبقي المشهد الجماهيري هو الملهم وتظل 30 يونيو صنيعة الشعب وذكري غالية لاستعادة الوطن والروح والاستقرار والانتصار للهوية الوطنية والدولة المدنية سيظل يوم من أيام العزة والفخر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط