الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب الحرم المكي: يحرم الخروج لأداء فريضة الحج رياء وسمعة.. فيديو

 الدكتور فيصل غزاوي
الدكتور فيصل غزاوي

أكد الشيخ الدكتور فيصل غزاوي، خطيب المسجد الحرام، إن قوله سبحانه: (وأتموا الحج والعمرة لله) فيه أن أعظم معاني إتمامِ الحج والعمرةِ إخلاصُهما لله تعالى؛ بدلالة قوله: (لله) الدالِّ على الاختصاص.

وأضاف غزاوي، في خطبة الجمعة، الحرم المكي، أنه يَحْرُم أن يخرج لهما رياءً وسمعةً؛ بل يجعلهما خالصة لله تعالى؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ حَجَّةٌ لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةَ"، وقوله جل في علاه (فما استيسر من الهدي) فيه إشارة إلى حرص الشريعة الإسلامية على التيسير على الحاج والمعتمر؛ بدلالة التعبير بلفظ (اسْتَيْسَرَ) الدالِّ على طلب اليسر وتأكيدِه، بل إن هذا اليسر هو الوصف الملازم لأحكام الشريعة عامة؛ كما قال سبحانه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله تبارك وتعالى: (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) فيه أن الكفارات تَحمِي صاحبَها من الإثم والعقوبة؛ إذ سميت الفدية بهذا الاسم المأخوذِ من الفداء؛ كما قال تعالى: (يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه).

وتابع: كذلك فيه أن محظورات الإحرام لها شأنها وعظمتها عند الله؛ بدَلالة تسمية العِوض عنها بالفدية؛ والفدية لا تكون إلا على الشيء النفيس الجليل وقوله سبحانه: (أو نُسك) فيه بيان أن الذبح مِن أظهر معالم العبودية لله؛ بدلالة تسميته بالنسك؛ وهو العبادة والتقرب إلى الله؛ كما جاء في قوله سبحانه: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) وقوله جل جلاله: (فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) فيه فائدة نفيسة حيث قال سبحانه: (فصيام ثلاثة أيام وسبعة إذا رجعتم) ثم عقب بقوله: (تلك عشرة كاملة) ليكون في هذ البيان دفع توهم التخيير بين الثلاثة والسبعة، وفي هذا عبرة لأهل العلم والفتوى أن يبينوا للناس أحكامَ دينهم غايةَ البيان وأكمَله، وأن يزيلوا من أذهانهم كل ما يمكن أن يتوهموه من الأوهام والاعتقادات الخاطئة.

وأشار إلى أن الجدال المنهي عنه في قوله تعالى: (ولا جدال في الحج) هو ما يجري بين الناس من منازعات ومخاصمات ويَجُرُّ إلى المغاضبة والمشاتمة، وينافي حرمة الحج، أما الجدال لإظهار الحق وتعليمِ الجاهل فلا حرج فيه؛ بل هو من عمل الخير؛ كما قال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) ويدخل فيه مدارسةُ العلم والمجادلة في إنكار المنكر وإقامةِ حدود الدين فليس ذلك من الجدال المنهي عنه وقوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) فيه وجوب تعظيم الحاجِّ حجَّه، فيصونُه عن كل ما يفسده أو يخل به حتى يحظى بموعود رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) رواه البخاري ومسلم وقوله تعالى: (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) فيه أنه لا يكتمل التقرب إلى الله تعالى بترك المعاصي إلا بفعل الخير والطاعات؛ بدلالة أن الله عقب بالحث على الخير والطاعات بعد النهي عن الآثام والمعاصي.

وتابع: قوله تعالى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) فيه رد على من زعم بأن اتخاذ الزاد ينافي كمال التوكل على الله تعالى؛ فكما أمر الله تعالى بالتوكل عليه فكذلك أمر بفعل الأسباب؛ واتخاذ الزاد هو من فعل الأسباب المشروعة وفي الآية أيضا أن التقوى من أهم ما يحتاجه المسلم للتزود لآخرته؛ بدلالة تشبيه التقوى بالزاد الذي لا غنى للإنسان عنه، وفي ذلك تشبيه بليغ يشحذ الهمم ويقوي العزائم.

وبين إمام وخطيب المسجد الحرام ان في قوله تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) فيه الحث على طلب الرزق والسعيِ في تحصيله؛ بدلالة لفظ الابتغاء الدال على الطلب وبذل الجهد؛ كما قال تعالى: (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزق) كما أن فيه مغزى دقيقا وهو تعليق القلوب بخالقها حتى فيما هو من شأن الدنيا كطلب التجارة والاكتساب؛ بدلالة قوله: (فضلا من ربكم) فالفضل كله بيده سبحانه، وفي التعبير بالربوبية إشعار بكمال افتقار العباد إلى خالقهم، وكمالِ غنى خالقهم عنهم وقوله جل شأنه: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) فيه أن من مقاصد الحج العظيمة تحقيقَ المساواة بين المسلمين وغرسَ التواضع في نفوسهم؛ بدلالة أن الله أمرهم أن يقفوا في مكان واحد جميعًا ويُفيضوا منه جميعًا، ولا يتميز بعضهم على بعض بالوقوف والإفاضة، كما كانت تصنع قريشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ ، فأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ فَيَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا.