الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.أحمد سعد يكتب: الحج وجائحة كورونا

صدى البلد

في يوم عرفة، ذلك اليوم الذي ينتظره المسلمون كل عام؛ ليقف  من كتب الله له الحج في أطهر بقاع الدنيا، رافعين أكف الضراعة، منيبين إلى خالقهم، معلنين تجردهم من ملذات الحياة الدنيا وزخرفها، متشبثين بباب الملك؛ لعله يقبل دعاءهم، ويسمع نداء قلوبهم، ويستجيب لهم، تنهمر من أعينهم دموع التوبة، وتلهج ألسنتهم بنداء الحق، ويرددون هتافا واحدا: لبيك اللهم لبيك. وهو إعلان بالتسليم لله الواحد الأحد، الذي بيده نفع الخلائق وضرهم، لباسهم  واحد، وألوانهم شتى، تتسع لملايين منهم رقعة الأرض المحدودة، لتعلمهم أن الأرض لله، إذا شاء جعلها تسع الخلائق أجمعين، وإذا شاء ضاقت عليهم بما رحبت.

في هذا المؤتمر العالمي السنوي، يقف الأبيض بجوار الأسود، وتتلاصق كتف العربي بالأعجمي؛ في رسالة من السماء لأهل الأرض أنه لا فرق بينكم أيها الناس، إلا بتقوى القلوب، وسلامة الصدور، أقبلوا على الله أينما كنتم، تفتح لكم أبواب الأرزاق والبركات، تخلصوا من أوزاركم، تخففوا من أحمالكم، فالسفر في بيداء البعد عن الله شاق، والأنس بسواه سبحانه وتعالى وحشة، تذكروا أن الله خلقكم من تراب، متجردين من الثياب، فلا تحملوا أنفسكم اليوم مالا طاقة لها على حمله غدا، واستمسكوا بالعروة الوثقى، واحملوا في قلوبكم للناس الخير والسلام. رسالة عرفة رسالة عالمية، تؤذن بسلام يعم البشرية، وتهيئ الناس ( كل الناس) لأن يعيشوا في أرض الله متحابين، لا متشاحنين ولا متباغضين، يعمهم السلام، وتهجر أرضهم الحروب وويلاتها.

يأتي عرفة هذا العام، وقد شددت الإجراءات الاحترازية لحماية الحجيج من عبث هذا الوباء الغادر، فيقف في صعيد عرفات اليوم مالا يزيد عددهم عن عشرة آلاف حاج، بعد أن كان العدد يفوق المليوني حاج كل عام، أليست هذه رسالة من السماء لأهل الأرض أن أفيقوا من غفلتكم، فنواميس الكون بيد خالقها، وأسباب الكون بيد مسبب الأسباب؟

وكأن رسالة من أرض الحرمين الشريفين إلى أهل الأرض جميعا، أن : استقيموا تتنزل عليكم رحمات الله، وأقسطوا إن الله يحب المقسطين.