الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجب الشرنوبي يكتب: المشالي ويعقوب.. عندما تتجلى عبقرية المصريين

صدى البلد

من تراب محافظتي البحيرة والشرقية تجسدت عبقرية وعظمة هؤلاء المصريين، على أرض مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية ولد السير مجدي يعقوب، وعلى أرض قرية ظهر التمساح بمحافظة البحيرة ولد الدكتور محمد المشالي، نماذج مضيئة لمواطنين مصريين سيبقيان عالقين بذاكرتنا لوقت ليس بالقصير، نماذج عبرت بوضوح خلال رحلة حياتها عن عبقرية الشعب الذي امتلك عن جدارة واستحقاق حق صناعة التاريخ على مدار ثمانية آلاف عام.


تخرج دكتور مشالي في كلية طب قصر العيني عام٦٧، بدلًا من السعي للعمل في المستشفيات الكبرى وامتلاك عيادة فاخرة في حي راقٍ، فضل أن يذهب للعمل بالوحدات الريفية الصحية حتى يقدم الخدمة الطبية إلى أكثر الناس احتياجًا لها من الفقراء ومحدودي الدخل.


استقر به المقام في عيادة متواضعة في حي شعبي من أحياء مدينة طنطا وظل بها حتى آخر لحظات حياته، ليس هذا فقط بل قرر أن تكون قيمة كشفه خمسة جنيهات طوال حياته المهنية التي تخطت الخمسين عاما، لم تصل كلفة الكشف إلى عشرة جنيهات سوى منذ سنوات بسيطة، رغم أن لديه أسرتين يعيلهما وينفق عليها وهم أولاده الثلاثة وزوجته وأولاد أخيه الأكبر الذي فارق الحياة مبكرًا.


قضى دكتور مشالي حياته سعيدا متصالحًا مع نفسه، ويبدو أنه اكتشف في سنواته الأولى بفطرته السليمة الفلسفة الحقيقية لهذا العالم الذي تسيطر عليه المظاهر المادية، فقرر أن يسيطر هو بقوته الداخلية على بريق هذه المادة ويطفئه قبل أن تخضعه هي لها وتطفئ أجمل ما فيه.


رحل دكتور مشالي قبل عيد الأضحى بساعات قليلة وكأنه أراد أن يقدم لنا جميعًا هدية العيد" العيدية" قبل أن يرحل، وكأنما قرر أن يعلمنا أسمى المعاني والقيم الإنسانية من التضحية والعطاء والتكافل الاجتماعي، الأهم من ذلك كله علمنا كيف يكون الخلود والبقاء بعد الرحيل والفناء.


سير مجدي حبيب يعقوب المصري الذي تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة، سافر إلى أمريكا في منتصف الخمسينات لاستكمال دراسته ثم إلى بريطانيا بعد عدة سنوات، النبوغ والعبقرية في المجال الطبي بدأت علاماتها تظهر على "ملك القلوب" كما يلقبونه في بريطانيا مع بداياته الأولى في أمريكا وأوروبا.


يتضح ذلك من كمية الدراسات والشهادات العلمية والإنجازات العملية التي حققها في مجال زراعة القلب والرئة خلال سنوات قليلة، الطبيب المصري مجدي حبيب يعقوب ينال لقب "سير" عام ٩١ تقديرًا لإنجازاته في مجال زراعة الأعضاء، بعدها بأربع سنوات فقط أسس "سلسلة الأمل" العالمية في بريطانيا وهي مؤسسة خيرية طبية تقوم على التبرع والتطوع في كل شيء.


تعتني المؤسسة بالأطفال الذين يعانون من مشاكل في القلب حول العالم ولها فلسفة خاصة في التعامل معهم، لم يختف الحنين إلى تراب الوطن من عقل وقلب السير مجدي يعقوب بعد رحلة طويلة من التميز والعطاء، قرر عام ٢٠٠٩ إقامة أكبر مركز لعلاج وإجراء جراحات القلب" مركز مجدي يعقوب" على ضفاف النيل في مدينة أسوان.


مؤسسة خيرية معنية بقلوب الأطفال تقوم أيضًا على التبرعات والأعمال الخيرية، كما هو الحال في مؤسسة "الأمل" العالمية، من أشهر أقوال السير مجدي يعقوب، وهو الذي قارب على منتصف الثمانين من عمره "لا أريد أن تفتر همتي أنه أسلوب حياتي وأنا أستمتع به".


الملفت للانتباه حقًا في حياة هؤلاء العمالقة العظماء أن كل منهم لدية فلسفته الذاتية ونظرته الخاصة لكل ما يدور من حوله.


دكتور محمد مشالي قرر منفردًا وبمحض إرادته مواصلة الليل بالنهار في البحث والتنقيب عن كل ما هو جديد في مجال الطب، كما قرر أيضًا  تقديم هذه الخدمة الطبية على مدار أكثر من خمسين عاما هي عمره المهني بشكل شبه مجاني لفقراء بني جلدته من أبناء مصر المطحونين والكادحين.


السير مجدي حبيب يعقوب على مدار أكثر من ستين عامًا منذ بداية رحلة التعلم والتعليم والإبداع والعطاءالمستمر، قرر هو الآخر منفردًا وباختياره أن يكون سفيرًا فوق العادة لوطنه ولأهله من المصريين.


يجوب خلال رحلاته كل بلاد العالم محققًا الإنجاز تلو الإنجاز وهو يغرس شجيرات الخير والإنسانية في كل مكان يحل به، يفخر بوطنه حينما يتحدث عنه وهو متيقن أن كل أبناء وطنه يفتخرون به ويتشرفون أنه من نسيجهم، المهم أن مصر لم ولن تختفي من ذاكرة هؤلاء العظماء وغيرهم الكثير من أبناء مصر الذين يتعملقون في كل المجالات، دائمًا ستجد أن التواضع وحب الخير والتميز جزء أصيل في شخصية كل هؤلاء العظماء.