الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل سيفرح لبنان يومًا ما؟.. أرض الأرز تأبى الركوع أمام الكوارث.. وانفجار بيروت يكشف الوجه القبيح لأمراء الحرب والطائفية

صدى البلد

  • فاينناشيال تايمز: لبنان دولة جثت على ركبتيها
  • الصحيفة البريطانية: بيروت كانت ولعقود طويلة ساحة حرب لدول إقليمية
  • محللون: الدول الغربية لديها أسباب وجيهة لدعم لبنان

خلال ذروة اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية، والتي اندلعت-نظريًا-منذ 1975 وحتى انتهائها بتوقيع اتفاق الطائف عام 1989، استغرق تدمير العاصمة بيروت، التي عرفت يومًا ما بـ"زهرة الشرق"، أكثر من 15 عامًا، واستغرق بناؤها مجددًا على يد رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، 15 عامًا أيضًا. 

والآن، وبعد مرور ما يقرب من 30 عامًا، عاد بيروت لتشهد أحد أسوأ الكوارث في تاريخها، وهو انفجار مرفأ العاصمة، الذي دمر نصفها وخلف 154 قتيلًا وحوالي 6 آلاف جريح في حصيلة غير نهائية وتشريد حوالي 300 ألف شخص، وفجّر غضبًا عارمًا داخليًا من الطبقة السياسية المتهمة بالتقصير وبالمسئولية الكاملة. 

فالسلطات قالت إن الانفجار نتج عن حريق اندلع بمستودع في العنبر رقم 12 بمرفأ بيروت تخزن فيه منذ 6 سنوات حوالي 2750 طنًا من نترات الأمونيوم، من دون أي تدابير للوقاية، وهو الأمر الذي زاد الطين بلة، وأسفر عن خروج مظاهرات حاشدة طالب فيها آلاف اللبنانيون باستقالة حكومة رئيس الوزراء حسان دياب، ومحاسبة المسئولين عن هذه الكارثة. 

صحيفة "فاينناشيال تايمز" البريطانية، نشرت أمس، تقريرًا مطولًا بعنوان "لبنان: أمة جثت على ركبتيها"، قالت فيه إن بيروت لديها تاريخ طويل مع الخراب والدمار، حتى قبل اغتيال رفيق الحريري، ورينيه معوض، الرئيس الذي بذل جهودًا حثيثة لإعادة توحيد البلاد إبان نهاية الحرب الأهلية، وقبله الرئيس بشير الجميل، الذي اغتيل عام 1982 بينما كان يدلي خطابًا مع زملائه بحزب الكتائب.

لكن الحرب لم تبدأ في منتصف السبعينات، بل منذ أزمة 1958 التي هيأت للحرب الحقيقية، والتي تدخل فيها الجيش الأمريكي ليخفف التوتر بطلب من الرئيس كميل شمعون.

ثم سرعان ما اشتعلت الأزمات ليبدأ التصادم المسلح بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية في عام 1973، وظهور حلف ماروني في مواجهة المقاومة الفلسطينية وتكوين مليشيات، حتى جاء يوم 13 أبريل 1975، وهو يوم محاولة فاشلة لاغتيال الزعيم الماروني بيار الجميل، لتندلع الحرب بعدها.

تقول الصحيفة إن خلال عقود الحرب، كان السوريون والعراقيون والليبيون والإيرانيون والإسرائليون والسعوديون يستغلون بيروت كساحة حرب إقليمية وحرب بالوكالة، وهو ما بدا جليًا في تفجيرات بيروت 1983، التي نفذتها حركة الجهاد الإسلامي، أو حزب الله، واستهدفت مبنيين للقوات الأمريكية والفرنسية في بيروت وأودت بحياة 299 جنديًا أمريكيًا وفرنسيًا.

وتشير إلى أن مجرد فكرة تعافي بيروت ولبنان كدولة من غمار هذه الكوراث أصبحت فرضية صعبة التحقق، فيوم الخميس الماضي، رشق متظاهرون غاضبون وزير العدل وموكب سعد الحريري بزجاجات المياه، تعبيرًا عن رفضهم لوجود جميع النخب السياسة التي يتهمونها بالفشل.

ونقلت الصحيفة عن وزير الاقتصاد اللبناني الأسبق، ناصر السعيد، قوله: "لقد ولّدت الطبقة السياسية الفاسدة وصانعو القرار بؤسًا غير مسبوقًا وانهيارًا اقتصاديًا"، مضيفًا إن "فسادهم المستشري وإهمالهم الإجرامي وعدم كفاءتهم قد أوصلوا لبنان الآن إلى حافة الدمار".

ونقلت أيضًا عن مها يحيى، مديرة مركز كارنيجي للشرق الأوسط قولها: "ما رأيناه الثلاثاء هو النتائج الكارثية لنظام ينهار، قيادة سياسية لا تعرف حدودًا، وفوضى تزدهر، غضب الناس في الشارع ملموس".

ورأت الصحيفة البريطانية أن هذا النظام أوجد طبقة سياسية راسخة من أمراء الحرب أو "الزعماء"، الذين يقسمون السلطة والنفوذ فيما بينهم على أسس طائفية، مضيفة: "وتمتد هذه المشاركة في الكعكة إلى الخدمة المدنية، بما في ذلك مديرية الجمارك، حيث يتم تخصيص الوظائف بشكل غير رسمي للطوائف المختلفة".

وأذكى الغضب من عدم الكفاءة المؤسسية تقارير تفيد بأن مسئولي الجمارك حاولوا لسنوات الحصول على حكم من قاضٍ في بيروت حول ما يجب فعله بشحنة نترات الأمونيوم، التي ضبطت أواخر العام 2013، ولكن دون جدوى.

وقال بدري ضاهر مدير الجمارك، والذي تم توقيفه أمس على خليفة التحقيقات، إن سلطات بيروت تلقت تحذيرًا ست مرات بشأن المواد شديدة الانفجار، وتمت مشاركة مجموعة من الرسائل المتعلقة بهذا على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.

والخميس، أوقفت السلطات 16 شخصًا في إطار التحقيق في انفجار مرفأ العاصمة، وذكر مصدر قضائي ووسائل إعلام محلية أن المدير العام للمرفأ ضمن المحتجزين، وفق الوكالة الوطنية للإعلام.

كما لم تكشف الوكالة أسماء الأفراد، لكنها نقلت عن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي، فادي عقيقي، قوله إن السلطات استجوبت حتى الآن أكثر من 18 من مسئولي الميناء وإدارة الجمارك ومن الأفراد الذين أوكلت لهم مهام متعلقة بصيانة المستودع الذي أودعت فيه المواد الشديدة الانفجار التي تسببت في الكارثة.

وقالت "فاينناشيال تايمز" إن الدول الغربية لديها أسباب وجيهة لدعم لبنان بدلًا من تركه ينزلق إلى المزيد من فساد الحكم والفوضى، لكن يجب على الحكومة اللبنانية في النهاية أن تتحمل مسئولية إعادة هيكلة الاقتصاد المريض وتنويع عائداته.