سيقف التاريخ شاهدًا أمام الإنجازات التي حققها البرلمان المصري الحالي، ذلك المجلس الذي جاء في فترة فاصلة من عمر هذا الوطن، وبعد غياب ليس بقليل للسلطة التشريعية، وأمام تحدي بناء الدولة المصرية، والتي خرجت من ثورتين شعبيتين، أطاحت بنظامين مختلفين، فكان تحديًا صعبًا ليس لأي كيان تشريعي أن يتخطاه سوى بحجم كيان يقوده شخص مثل الدكتور علي عبد العال.
المتأمل في مسيرة الدكتور علي عبد العال في البرلمان، والمتتبع لقرابة 5 سنوات كاملة أدار فيها المجلس بكل اقتدار، حتى خرج به إلى بر الأمان، يدرك إلى أي مدى واجه هذا الرجل صعوبات كبيرة، سواء على الصعيد التشريعي أو فيما يتعلق بالوقوف إلى جانب الدولة ومساندتها ضد ما يحاك ضدها في الداخل والخارج.
البرلمان وإعادة بناء الدولة
البرلمان الذي انطلقت مسيرته في 9 يناير 2016، قرر أن يكون على رأس تلك السلطة التشريعية الدكتور علي عبد العال، الذي ساند الدولة في مواجهة الإرهاب، من خلال التشريعات التي أصدرها، والمتمثلة في قانون مكافحة الإرهاب، وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية.
ولم يكن تحدي بناء الدولة وإعادة الهيبة لمؤسساتها، أقل أهمية من مواجهة الإرهاب، فالحقيقة أنه كان من اهم المفات، إن لم يكن أهمها، وذلك بعد أن فقدت هيبتها شيئًا ما نتيجة الظروف التي مرت بها بعد 2011 مرورًا بـ 2013 وحكم الإخوان وما تبعها من ثورة ضدهم.
فكان البرلمان برئاسة "عبد العال" في الموعد - وهو دائمًا كذلك - ، فمارس البرلمان دوره التشريعي في إصدار كثير من الشتريعات التي ساعدت القيادة التنفذية في بناء الدولة من جديد، فكان الرابط بين مجلس النواب والسلطة التنفيذية رابط تعاون لصالح الوطن، أكثر منه رقابة.
واستمرت إنجازات البرلمان، التي كان من الصعب تحقيقها إلا في وجود قائمة قانونية مثل الدكتور علي عبد العال، فقد استطاع المجلس على مدار قرابة 5 سنوات، أن 804 قوانين، و280 اتفاقية، بحسب تصريحات " عبد العال "، خلال حوار له مع جريدة الأهرام.
وفي هذا الشأن يقول "عبد العال": " لقد أقر البرلمان حزمة من التشريعات، هى الأكثر كمًّا والأكبر تأثيرًا فى تاريخ الحياة النيابية المصرية منذ عام 1866، ويكفى هذا المجلس أنه نجح فى العبور بالدولة فى أدق مراحلها، وسيحكم التاريخ كيف وقف مساندا وداعما لوجود الدولة، فى عدد من المواقف الجوهرية والمصيرية".
الرأي والرأي الآخر
ووسط كل هذه التحديات التي مر بها المجلس، فقد كان على عبد العال آذان صاغية للجميع، وكان صدره رحبًا بالجميع، واتسمت إدارته للجلسات بالمصداقية التي أعطت للجميع حرية الرأي والتعبير، وفي الوقت ذاته كانت له السيطرة على المجلس لعدم الخروج على المألوف، يؤكد "عبد العال": "البرلمان مع حرية الرأي والتعبير ولكل نائب الحق في التعبير عن رأيه".
وطني يعمل في صمت
ولأن كل هذه الإنجازات لا يمكن أن يحققها سوى رجل وطني من الطراز الرفيع، إلا أن تلك الوطنية التي تميز بها هذا الرجل، صاحبها العمل في صمت دائمًا.
وكانت دائمًا مواقف الدكتور علي عبد العال ما تعبر عن تلك الوطنية الخالصة، وبالرجوع إلى اهم تلك المواقف، التي سرد رئيس البرلمان بعضها خلال حواره لـ "الأهرام"، ومن بينها تلك التي تعد يمكن اعتبارها أهم القضايا التي تواجه الدولة المصرية على مدار العقود الماضية، وهي الأزمة الليبية من جه الغرب، وأزمة سد النهضة من الجنوب، وغيرها من القضايا المهمة والفاصلة في عمر هذا البلد.
اقرأ أيضا| رئيس البرلمان: «إعلان القاهرة» جاء فى وقت ابتعاد المجتمع الدولى عن ممارسة دور فاعل فى ليبيا
يصرح "عبد العال" عن الأزمة الليبية قائلًا: "الموقف المصرى ثابت تجاه الشقيقة والجارة ليبيا، فنحن حريصون على وحدة وسلامة الأراضى الليبية، ونعمل على ضرورة التوصل لحل للأزمة بأيدى الليبيين أنفسهم، بمساندة المجتمع الدولي، فمصر تعد الأزمة الليبية أمنا قوميا لها، لما تمتلكه الدولتان من تاريخ ومصير وحدود مشتركة، وبالتالى فنحن نمد يدنا لجميع الليبيين، بالتعاون على دعم وحدة الاراضى والدولة الليبية، وهنا استدعى ما أكده مرارًا الرئيس عبدالفتاح السيسي، من الدعم المصرى لاستقرار وأمن ليبيا، وتفعيل إرادة الشعب الليبي، وكذلك مساندة جهود الجيش الوطنى الليبي، فى مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابية، ورفض كل التدخلات الخارجية فى الشأن الداخلى الليبي".
"ولهذا أطلق الرئيس السيسى المبادرة المصرية، «إعلان القاهرة» الرامية إلى حل الأزمة فى ليبيا، حيث دعت المبادرة إلى وقف إطلاق النار، بدءا من يوم الاثنين الثامن من يونيو الماضي، وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها".
أزمة سد النهضة
وحول أزمة سد النهضة قال: " للأسف الشديد، الجانب الإثيوبى غير متعاون، وغير صريح بالقدر الكافي، واتخذ نهجًا غير إيجابي، ولا يتفق مع موجبات حسن النية، واستمر لما يقرب من ثمانى سنوات على هذا النحو".
وفيما يتعلق بموقف البرلمان من هذا الملف ذكر: "حرصنا فى مجلس النواب على اتخاذ عدة إجراءات منها، دعوة الجانب الإثيوبى إلى احترام الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل، والالتزام بالقانون الدولى والمواثيق والمعاهدات المنظمة للانتفاع بمياه النيل، والنظر بعين الاعتبار إلى الاحتياجات المتزايدة للشعب المصرى من المياه، فى ضوء الزيادة السكانية عبر السنين، ومتطلبات خطة التنمية المستديمة وبناء الدولة المصرية، وقد وجهنا العديد من الرسائل باستخدام أدوات الدبلوماسية البرلمانية، ومن خلال زياراتى العديدة لمعظم دول إفريقيا، حيث كنت أقدم شرحا وعرضا للموقف المصري، من جميع جوانبه".
أقرأ أيضا| إثيوبيا قابلت صبرنا بالتعنت والمماطلة.. علي عبد العال: مصر تعاملت مع أزمة سد النهضة بدبلوماسية
موقف الدكتور علي عبد العال الداعم للقوات المسلحة معروف، فهو دائمًا ما يحمل عرفانًا لمن دفع "ضريبة الدم"، يقول: "القوات المسلحة هى العمود الفقرى للدولة، وقد اعتاد الشعب المصرى على وقوف جيشه داعمًا له فى مواجهة الأزمات، والقوات المسلحة دائما ما ترفع شعارا يجسد منهجها فى العمل وهو «يد تبنى ويد تحمل السلاح»، لذا فليس بجديد على قواتنا المسلحة وقفتها المشرفة لتحقيق الأمن الصحى للشعب المصري، فهى دائما ما تضرب المثل لجميع مؤسسات الدولة، فى التكاتف والعمل، وأخيرا لمس الجميع مجهوداتها ودورها الكبير فى مواجهة ومحاربة انتشار فيروس كورونا على جميع الأصعدة، وتوفير المستلزمات الطبية اللازمة للمواجهة."
تطوير العشوائيات
تحدث عبد العال عن العشوائيات ووصفها أنها مدمرة، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية، وتكلفتها مضاعفة فى العلاج، والوقاية منها أفضل، وهذا ما فطنت إليه القيادة السياسية من البداية، انطلاقا من ضرورة الحفاظ على ما تم من مكتسبات التنمية فى أجمل صورة. وانطلاقا من هذه الرؤية، حرصت الدولة على خلق مناخ صحى وآمن لقاطنى العشوائيات، وقد ظهر ذلك فى العديد من المشروعات، ومن ثم فإنه ينبغى على كل مسئول الضرب بيد من حديد، على المخالفين- أيًا كان المخالف- وتنفيذ أحكام القانون حفاظًا على حق المواطن والدولة، خصوصا أن القيادة السياسية تنظر دائما إلى بناء الإنسان باعتباره الركيزة الأساسية لجهود التنمية، فلا حديث عن تنمية دون أن يكون المواطن هو ركيزتها الأولي. وانطلاقا من هذه الرؤية أيضا كانت فكرة ميكنة الخدمات العامة، لأنها تقلل فرص الفساد، وترفع درجة الرضا العام عندالمواطن، وقد قطعت الدولة شوطا كبيرا فى هذا الملف بالفعل.
الإصلاح الاقتصادي
كما تطرق إلى الحديث عن الإصلاح الاقتصادي، حيث ذكر: "الحقائق على الأرض تقول إن مصر شهدت بالفعل طفرة تنموية، فى مختلف النواحى وهى طفرة يلمسها الجميع، ولا ينكرها أى منصف، فقد شملت خطط التنمية قطاعات متعددة، وكان من أهم نتائجها، أن تحولت مصر إلى أرض خصبة وجاذبة للاستثمار".