الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رقصة جديدة لأردوغان في القوقاز


كان أردوغان أول زعيم يظهر في القوقاز في الأزمة المشتعلة بين أرمينيا وأذربيجان، وهو للأسف كما نشرت الـ"نيويورك تايمز" تقريرا مطولا عند الأوضاع هناك قبل ساعات، لم يتدخل للتهدئة أو للمطالبة بها، ولكنه تدخل لتهييج الأوضاع بين الدولتين والأمور لم تتوقف عند هذا الحد، ولكن أردوغان أتبع ذلك هو وأركان إدارته بسيل من التصريحات العاصفة ضد أرمينيا وقادتها وبعض التصريحات، جاءت محفزة للشعب الأرميني ضد حكومته.

التدخل التركي بهذه السرعة غريب، وحتى اللحظة لا تزال الكثير من دول الاتحاد الأوربي ولا تزال روسيا والجميع، متفاجئون بحدة أردوغان في الأزمة وحساباته التي لا تزال مجهولة.

وفي رأيي فالحسابات ليست مجهولة تماما، وأردوغان يعلم تماما ما يفعله والتحريض بين أرمينيا وأذربيجان، ليس همه الوقوف مع أذربيجان باعتبارها حليفة تركيا ولا حل مشكلة الإقليم المتنازع عليه بين الدولتين منذ أكثر من 29 عامًا، وهو إقليم ناغورني كاراباخ، ولكن هناك جملة أهداف مريبة وراء إشعال أردوغان الأزمة في القوقاز:
أولها وقد نبهت اليه "نيويورك تايمز"، وهو استعراض الجيش التركي في كل من ليبيا وسوريا والقوقاز.

أردوغان يتصور، أن استعراض جيشه بهذه الطريقة قد يحفظ له مكانا بين الكبار والقوى الكبرى في العالم، ويستغل انشغال الإدارة الأمريكية بالانتخابات القادمة في نوفمبر. فالإدارة الأمريكية تبدو مشلولة هذين الشهرين ومنشغلة تماما عن العالم. ثم زادت المشكلة بعدما تاكد إصابة ترامب بفيروس كورونا، بما يعني أنه ستكون أمامه عدة أسابيع للشفاء والتعافي.

وأرى أن أردوغان ومن خلال الظهور في القوقاز بهذا الشكل المحرض التهييجي، يريد أن يكسب نقطة أمام روسيا. فمعروف ان روسيا تساعد أرمينيا، وهى بجوارها وعلى الجهة الأخرى تركيا تساند القوقاز. ويتصور أردوغان أنه بمساعدة أذربيجان بالطائرات المسّيرة والقوات وغيرها، سيدفع روسيا للتفاهم معه في ملفات أخرى مشتعلة في كل من ليبيا وسوريا.

إنه يخلط الأوراق ويعقدها ويجعل الأزمات مرتبطة ببعضها البعض، ولا تحل هذه قبل أن يبت في الأزمة الأخرى.

أما الأسوأ حتى اللحظة، فهى التأكد تماما بأن أردوغان قد قام خلال الأيام الأخيرة بإرسال عدة مئات من المرتزقة إلى أذربيجان للمحاربة في صفوفها ضد أرمينيا، ويبدو أن "لعبة المرتزقة" هذه قد "عششّت" في عقل أردوغان، ووجدها مثيرة لاهتمامه ويجني من ورائها أموالا، لذلك دفع بالمرتزقة السوريين إلى أذربيجان وقبلها لعب بنفس الطريقة في ليبيا، ثم هو يقوم عبر جهاز الاستخبارات التركية بلعبة أكثر قذارة في شمال سوريا ابطالها من الدواعش.

ما الأمر وما الذي يريده أردوغان في القوقاز؟ الحقيقة أن الوقت لا يزال مبكرا لاستقراء كل الحقائق والأغراض، لكن كلمة أحمد داود أوغلو رئيس وزرائه السابق، هى الأكثر دقة، بأن أردوغان أصبحت لديه مهارة في اكتساب الأعداء وتعقيد الملفات ويعتقد أن "دبلوماسية الزوارق الحربية" هى الأفضل.

أردوغان يقوم برقصات مثيرة فوضوية على المسرح الدولي، وستقوده خطاه للأسوأ لكن لننتظر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط