الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الضباع .. والرد الشجاع!


ما حدث فى القمة المصرية الفرنسية بباريس بكل اجتماعاتها وجلساتها وأجندتها المفتوحة على عدة ملفات وقضايا شيء.. ولقطة المؤتمر الصحفى بين  الرئيسين  عبد الفتاح السيسى وإيمانويل ماكرون حول حقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير شيء آخر .. فالموضوعات ذات الاهتمام المشترك معروفة وبديهية بين دولتين لكل منهما ثقلها ووزنها الدولى وعمقها التاريخى والحضارى، ومن المتوقع الاستماع إلى حوارات وأفكار مطروحة على المائدة عن الشراكات الاقتصادية الشاملة لدعم العلاقات، والتنسيق الأمنى والسياسى على أعلى مستوى لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتبادل الخبرات الثقافية والتعاون الثنائى لبناء الإنسان العصرى وامتلاكه أدوات التغيير والتطوير وتنوير العقول والمعرفة .. وقد يتطرق الحديث إلى أزمات إقليمية فى الشرق الأوسط كفرصة للتسوية أو الحل النهائى وبما يخدم المصالح الكبرى بين  مصر وفرنسا واعتبارها مقدمة لتكوين تحالفات مماثلة مع دول أخرى مؤثرة فى الاتحاد الأوروبى.


كل وسائل الإعلام مُسخّرة لتغطية الزيارة من كل الزوايا والأبعاد .. والحكم فى النهاية على جدية القمة ونتائجها رهن بثمارها التى يمكن أن يقطفها المواطن المصرى من تحسين  أوضاعه الداخلية وانعكاس ما يجرى توقيعه من اتفاقيات تجارية أو صفقات عسكرية وبروتوكولات سياسية على استقرار ملايين  الشعب المصرى أمنيا واقتصاديا واجتماعيا .. وعندئذ يكون لمثل هذه الأسفار الخارجية صداها وبصمتها الإيجابية دون شعارات أو مانشيتات عريضة .. 


ونأتى للقطة الأهم فى مشهد "السيسى وماكرون" عندما تجرأ أحد الصحفيين وسأل الرئيس الفرنسى علنا عن أسباب عدم اعتذار الحكومة عن الرسوم المسيئة للرسول وما تمثله من انتهاك للإسلام واعتداء صارخ على المقدسات والرموز الدينية، فكان الجواب صادما بأنها حرية رأى ومساحة تعبير مشروعة يكفلها الدستور الفرنسى "المتحضر" وتنظمها أطر الدولة الديمقراطية .. 


وسكت ماكرون، وتوقع الجميع تجاوز تلك النقطة والعبور نحو ملف جديد، لولا يقظة وبراعة "الضيف المصرى" الذى لم يخجل من كونه زائرا لقصر الإليزيه وقرر التعقيب على ما قاله صاحب البيت وتسجيل موقفه من تعليقه.. ولمس الرئيس السيسى لُب القضية بتفرقته بين القيم الإنسانية التى هى من صنع الإنسان، والدينية التى وضعها الخالق ولها مكانتها وثوابتها .. ونطق الرئيس بكل حرف يخطر على بال أى إنسان غيور على دينه وعقيدته، انطلاقا من أن حرية التعبير لا ينبغى أبدا أن تصطدم بتجريح الأديان أو إهانة مشاعر من يعتنقونها .. وأشرف لأى حكومة تحترم مبادئ الحرية والإنسانية أن تُلزم نخبتها الثقافية والإعلامية بقواعد الأدب وضوابط الأداء ..


ولا يعنى الرأى الحر الإفراط الأعمى فى النقد والإساءة تحت مظلة الديمقراطية، لتصبح كلمة حق يُراد بها باطل وبهتان .. وكانت كلمات الرئيس السيسى واضحة وهادئة وواثقة إلى حد أنها نزعت القناع الزائف فى نعومة عن الوجه الأبيض الذى يخفى وراءه عنصرية دفينة ولسان كاذب!


‫أحيانا نسعد بمواقف الضباع لنرى الرد الشجاع .. وفى فيلم "زيارة الإليزيه" بدا المؤتمر الصحفى المشهد البطل الذى يستحق جائزة "الأوسكار السياسية" عن دور رجل الدولة وقدرته على إقناع الحاضرين برأيه السديد ومنطقه السليم .. وإلى اللقاء فى جولات أخرى ناجحة .. وزيارات فائزة!.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط