الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اليهود واستراتيجية مصاهرة رؤساء أمريكا


عندما تطرح سؤالا، على أي مواطن عربي، عن رأيه بشأن موقف الإدارة الأمريكية الجديدة، بقيادة الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، حيال إسرائيل، بعد أن فقدت الدولة العبرية، الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب، الذي قدم لإسرائيل ما لم يقدمه من خدمات أي رئيس أمريكي آخر من قبله، سيكون إجابته، لن يكون هناك فرقا بين الإثنين فأي رئيس أمريكي، سواء كان ديمقراطي، أو جمهوري، سيظل مؤيدا لإسرائيل بلا حدود بسبب قوة و نفوذ جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة.

 

وعندما تسأله عن سبب قوة اللوبي اليهودي لن تجد لدى هذا المواطن إجابة واضحة، لكن الإجابة تكمن في واقع الأمر في نجاح الجاليات اليهودية في الاندماج في المجتمعات الأوروبية و الأمريكية، وكان من نتاج هذا الاندماج الإيجابي، النجاح في تكوين لوبي شديد القوي، أصبح قادرا على التأثير على صناع القرار في الولايات المتحدة و أوروبا، وقد نجح هذا اللوبي اليهودي بمرور السنوات في التأثير على كل جماعات الضغط في الولايات المتحدة من خلال تغلله داخل مفاصلها من خلال ربط مصالحه بمصالحها فضلا عن تزعم كثير من اليهود لمعظم هذه اللوبيات، سواء كان هذا اللوبي هو لوبي الإعلام، أو لوبي البترول، أو لوبي السلاح، أو لوبي الاقتصاد، و المال، و الأعمال، و في المقابل فإنه على الرغم من أن العرب و المسلمين في أمريكا و أوروبا أكثر عددا من اليهود، لكنهم يعانون من التفكك، و من الانزواء في جيتوهات تتشابه مع الجيتوهات التي كان ينزوي فيها اليهود في القرون الوسطى و خلال الحكم النازي لألمانيا، و من أهم نجاحات اللوبي اليهودي في إطار استراتيجيته القائمة على السيطرة على صناع القرار في الولايات المتحدة، كان مخططه الرامي للدفع بشخصيات موالية له داخل البيت الأبيض، و في الكونجرس الأمريكي، ليسهل تمرير القرارات التي تخدم إسرائيل بشكل خاص، مصالح اليهود بشكل عام. 

 

وينبغي هنا الاعتراف بأن اليهود تميزوا في العصر الحديث، بقدرتهم على التوصل لفهم دقيق للأوضاع في المجتمعات الغربية التي يعيشون ويندمجون فيها.

 

ومع توقعهم بإمكانية هزيمة الرئيس، دونالد ترامب، الذي قدم لإسرائيل أهم خدمة بتفعيل قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية، بدأت اللوبيات اليهودية في البحث عن شخصية مهمة، للدفع بها في إدارة جو بايدن، لتعويض احتمالات خسارة، جاريد كوشنير، رجل الأعمال الثري، المتزوج من ، ايفانكا، ابنة الرئيس ترامب، و الذي شغل في نفس الوقت منصب كبير مستشاري ترامب، ولم يجد اللوبي اليهودي أفضل من كامالا هاريس المتزوجة من المحامي اليهودي الشهير دوج ايمهوف للدفع بها لتكون نائبة الرئيس في الإدارة الأمريكية الجديدة.

 

 و يكشف اختيار كامالا هاريس مدى دقة اختيارات اللوبي اليهودي للشخصيات المنوط بها التغلغل داخل الإدارات الأمريكية، فالسنوات الأخيرة لم تشهد فقط استخدام المال و الإعلام و النفوذ للتأثير على الإدارات الأمريكية بل تطورت هذه الوسائل لتشمل سلاح "المصاهرة "مع أعلى قيادات البيت الأبيض، وكان زواج تشيلسي، ابنة هيلاري كلينتون، المرشحة للانتخابات الأمريكية في 2016 من المصرفي، مارك ميزوينسكي، أول نموذج للمصاهرة بين اليهود و كبار الشخصيات المرشحة لسدة الحكم في الولايات المتحدة، فلو أخذنا جاريد كوشنير مثالا للتغلغل القوي داخل الإدارات الأمريكية بالمصاهرة، سنجد أن جاريد، زوج إيفانكا، صاحب مبادرة " ضفقة القرن "، و يبلغ جاريد من العمر 39 عاما و هو المالك الرئيسي لشركة كوشنير العقارية و صحيفة نيويورك تايمز أوبزرفر، مما يعني أنه جمع خلال حكم ترامب بين المال و الإعلام و النفوذ فكان التأثير على ترامب بتفعيل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس.

 

 أما مثال كامالا هاريس فهو أكثر وضوحا بخصوص إستراتيجية اللوبي اليهودي حيال المصاهرة مع قيادات البيت الأبيض، فقد كشفت وكالة الأنباء الفرنسية، عن أن زواج كامالا هاريس من دوج ايمهوف، كان مدبرا، فقد التقيا للمرة الأولى في موعد رتبه أصدقاء الطرفين في العام 2014، و كان حبا من النظرة الأولى وفق ما قال إيمهوف لاحقا، و يعني ذلك أن التخطيط للتأثير على البيت الأبيض في شخص كامالا هاريس يعود لست سنوات مضت و ليس وليد اليوم، و تكمن دقة الاختيار، بالدفع بكامالا هاريس، في منصب نائبة الرئيس، لترتبط بالزواج من يهودي، في أن كامالا تعكس التغير الديمغرافي الذي حدث في الولايات المتحدة خلال الخمسين عاما الأخيرة، حيث أصبح للسود، و المهاجرين، سواء من أمريكا الجنوبية، أو آسيا، قوة تصويتية كبيرة في الانتخابات الامريكية، ساهمت بقوة في إسقاط الرئيس ترامب، المعادي للسود و المهاجرين مثلما ساهمت في إنجاح جو بايدن، الذي اختار أول امرأة ملونة لتشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي، و تجمع كامالا هاريس بين هذه الأجناس الثلاثة التي يتعاظم تأثيرها في الولايات المتحدة، فوالدها إفريقي الأصل هاجر للولايات المتحدة من دولة جاميكا بأمريكا الجنوبية، ووالدتها هندية من قارة آسيا.

 

 و يمارس إيمهوف مهنة المحاماة، و هو متخصص في قضايا الاعلام، و الرياضة، و الترفيه، و يعمل ايمهوف حاليا في شركة "دي ال ايه بايبر "التي تملك مكاتب متخصصة في مجال حملات جماعات الضغط في واشنطن، و يصفه اصدقاؤه بأنه شخص مرتبط باليهودية التي تشكل وعيه، و ينتوي ايمهوف الاستقالة من شركته، وفقا لبعض المعلومات، حتى لا يتعارض منصبه مع حساسية منصب زوجته، لا سيما و أن الشركة لها علاقة وثيقة بجماعات الضغط.

 

 و لا يستبعد الكثيرون أن تصل كامالا هاريس لسدة الحكم في الولايات المتحدة، كأول امرأة و ملونة في تاريخ أمريكا، لا سيما و أن الحالة الصحية لجو بايدن الرئيس الجديد الذي يقترب من حاجز الثمانين عاما، ليست على ما يرام، و يبقى السؤال ماذا سيكون دور ايمهوف في حال أصبحت زوجته رئيسة للولايات المتحدة، هل سيكتفي بلعب دور خيري كما اعتادت أن تفعل كل زوجات رؤساء أمريكا منذ تأسيسها، أم سيكون رئيس أمريكا من وراء الستار ؟.

 

 و نهاية ينبغي هنا أن نشير الى أن نجاح اليهود في التغلغل داخل مضاجع، واسرة البيت الأبيض، يرجع إلى تجاهل اليهود للعداء التاريخي الديني للديانة المسيحية، فاليهود الذين تسببوا في صلب المسيح، عيسى عليه السلام، انتقاما منه، لأنه ادعي أنه الله، و أنه ابن الله، تغاضوا تماما عن هذا العداء الديني التاريخي، لدرجة أن بابا الفاتيكان، بندكت السادس عشر، قام بتبرئة اليهود من دم المسيح في العام، 2012، في كتاب بعنوان " يسوع الناصري " .

 

 و يبقى السؤال، هل يتعلم العرب و المسلمون من اليهود، و يندمجون في المجتمعات الأمريكية و الأوروبية، ليكون لهم دور مهم في التأثير على صناع القرار في هذه الدول العظمى، أم سيواصلون تفككهم و انزوائهم في جيتوهات مثلما كان اليهود في القرون الوسطى.

 

 


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط