الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل ندخل «عصر الذهب»؟!


هل يمكن بالفعل أن نعيش يوما ما "عصر الذهب"؟! قرأت عدة أخبار وتقارير عن هذه الصناعة المبهرة وتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى الصارمة بضرورة الإسراع فى توفير الموارد المالية اللازمة لإنشاء مدينة بأعلى التقنيات والإمكانيات لصناعة وتجارة الذهب، وطاف بى الخيال ولمعت أحلام اليقظة فى ذهنى وأنا أتأمل مصر فى عهد الذهب، تسترد مكانتها التاريخية القديمة فى هذه الصناعة الحرفية الدقيقة، وتفتح أبواب الرزق وطريق الرخاء أمام ملايين الأسر والأفراد، وتحقق رواجا اقتصاديا وانطلاقة صناعية طموحة بإقامة مصانع وورش فنية تستوعب الأيدى العاملة وتمتص طاقات ومواهب شباب الحرفيين والمهن اليدوية، وتقطع عنهم أى فرص للانحراف أو الضياع!


ويعتمد جوهر المشروع على توفير مستلزمات الصناعة والإنتاج، والمعارض الراقية، وتدريب العمالة لصقل قدراتهم، فضلا عن اختيار موقع المدينة للاستفادة من شبكة الطرق والمحاور الجديدة لسهولة النفاذ منها وإليها واستقبال الزائرين، وتحتضن "المدينة الحلم" أكثر من  ٤٠٠ ورشة فنية لإنتاج الذهب، و١٥٠ ورشة أخرى تعليمية، ومدرسة كبرى لتأسيس الصنعة وفهم وتدريس تفاصيلها وتشرب أصولها وأسرارها، وباستغلال مناجم الذهب الوفيرة على خط جبال البحر الأحمر وبعض المناطق الحيوية فى محافظاتنا، وفى بطن أرضنا الغنية بالثروات والكنوز الطبيعية، بمقدورنا العودة إلى خريطة إنتاج الذهب ومغازلة العالم بهذه السلعة الاستراتيجية التى تدخل فى صميم وعصب الكثير من الصناعات واستخدامات الحياة.


وإذا كان منجم السكرى الذى جرى تشغيله عام ٢٠١٠ بعد توقف منذ ١٩٥٤، يحتوى على نحو ١٥٫٥ مليون أوقية ذهب، فما بالنا بكم الخير والفوائد المنتظرة من المناجم الأخرى عندما يتقرر فتحها واستخراج ما بداخلها من ملايين هذه القطع الصفراء لتتحول إلى سبائك نفيسة تنتفع بها خزينة الدولة أعظم انتفاع؟!


وحينما يعطى الرئيس الضوء الأخضر لولادة المشروع واستقبال أول مدرسة تكنولوجيا تطبيقية متخصصة فى صناعة الحلى والمجوهرات بنظام الـ ٣ سنوات، لتأهيل "صانعى الذهب" فى مصر، فأنت بذلك تحصل على مرسوم رئاسى رسمى وموقَّع بختم النسر لبناء دولة "الكنز الأصفر"، ومهمة الحكومة الرشيدة فى ٢٠٢١ أن تلتقط هذا المرسوم بنشاط وهمة وسرعة إنجاز، وتعمل وزارة الإسكان بالتنسيق مع خبراء الصناعة والتجارة ورجال الأعمال "الشرفاء" على تسخير التمويل المناسب لإنشاء المدينة وتنفيذ مشروعاتها وبنود أجندتها، والبدء عمليا فى تجهيز الورش وأماكن إعداد الحرفيين والعمال وتزويدهم بذوى الخبرة والمهارة فى تلك الصناعة.


وبالتوازى مع خلية النحل، لابد من حماية المشروع ببروتوكولات تعاون واتفاقيات دولية مع الخارج لتصدير الذهب الخام ومشتقاته من الصناعات الأخرى وبأغلى الأسعار لضمان ارتفاع قيمته عالميا، والحصول على مليارات الدولارات من ورائه لتوظيفها فى خطة الإصلاح الاقتصادى وعلاج أزماتنا الداخلية التى يتشوق الفقراء والبسطاء لكسر حصارها الخانق!


الحلم لم يعد حلمًا، وفى طريقه ليصبح واقعًا ومشروعا قوميا متكامل العناصر والأركان، ويتحصن الآن بالإرادة السياسية ورعاية النظام، ولا ينقصه سوى التحرك الجاد والخطوات السريعة نحو التطبيق والترجمة بالأفعال ووضع الأساس، وملايين الشباب العاطلون مستعدون للعمل والإنتاج، ولن ينقذ الأجيال الجديدة سوى "عصر الذهب" الذى يحمل إغراءات وبذورا صالحة لحياة صناعية وتجارية مزدهرة، بالإضافة إلى ما ينتظر مصر من وزن وثقل ومكانة دولية وتاريخية وعوائد اقتصادية كبرى إذا ما دخلنا هذا العصر، واستثمرنا "نداء السيسى" قبل أن تقفز على المشروع "تراكمات" الفساد ومحترفو الهدم والضمائر الغائبة فنتراجع آلاف الأميال ونفقد ما وهبه الله لنا، ودخول "عصر الذهب" لا يحتمل أبدا التلكؤ وثقافة السلحفاة، وإنما مرهون بالذكاء السياسى وحُسن الإدارة، و"ثورة" العمل، و"نظافة" القلب والعقل!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط