الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم تجميد البويضات.. اعرف الرأي الشرعي ونصائح العلماء

دار الإفتاء
دار الإفتاء

حكم تجميد البويضات  .. سؤال محل بحث بعض السيدات التي تهتم بتجميد وحفظ البويضات لتأجيل فكرة الحمل والإنجاب مع الاحتفاظ ببويضاتهن من التلف والنفاد لأسباب صحية، أو اجتماعية أو نفسية ، ويظل حكم تجميد البويضات سؤال يدور في ذهن المرأة  برغم تقدم العلم في هذا الإطار بشكل مذهل؛ ويبقى المجتمع متحفظًا ويقف حائلًا دون الاعتراف بها؛ وإن كان الدين الإسلامي لا يحرم عملية التجميد تحريمًا تامًا ويسمح بها في حالات بعينها سواء طبيًا أو عند  الزواج  فى سن متأخر مما يتسبب في تأخير الإنجاب.

قالت دار الإفتاء المصرية، إن عملية تجميد البويضات جائزة، وليس فيها محظور شرعي إذا ما تمت وفق ضوابط معينة.
 
وأوضحت الدار في أحدث فتاواها، أن عملية تجميد البويضات تعتبر من التطورات العلمية الجديدة في مجال الإنجاب الصناعي، مما يتيح للزوجين فيما بعد أن يكررا عملية الإخصاب عند الحاجة، وذلك دون إعادة عملية تحفيز المبيض لإنتاج بويضات أخرى.
 
ووضعت دار الإفتاء عدة ضوابط شرعية يجب مراعاتها عند عملية تجميد البويضات، تمثل أولها في: أن تتم عملية التخصيب بين زوجين، وأن يتم استخراج البويضة واستدخالها بعد التخصيب في المرأة أثناء قيام علاقة الزوجية بينها وبين صاحب الحيوان المنوى، ولا يجوز ذلك بعد انفصام عرى الزوجية بين الرجل والمرأة بوفاة أو طلاق أو غيرهما.
 
أما الضابط الثاني الذي حددته الدار لعملية تجميد البويضات فهو: أن تحفظ اللقاحات المخصبة بشكل آمن تمامًا تحت رقابة مشددة، بما يمنع ويحول دون اختلاطها عمدًا أو سهوًا بغيرها من اللقائح المحفوظة.
 
والضابط الثالث تمثل في: ألا يتم وضع اللقيحة في رَحِمٍ أجنبيةٍ غير رحم صاحبة البويضة الملقحة لا تبرعًا ولا بمعاوضة، بينما ذكرت الفتوى الضابط الرابع وهو: ألا يكون لعملية تجميد البويضة أثار جانبية سلبية على الجنين نتيجة تأثر اللقائح بالعوامل المختلفة التي قد تتعرض لها في حال الحفظ، كحدوث التشوهات الخِلقية، أو التأخر العقلي فيما بعد.

حكم تجميد الأجنة 
أكد العلماء أنه بعد الاطلاع على البحوث طبية وفقهية في هذا الموضوع؛ أن ما كان من نقاش بين الفقهاء عندما بحثوا موضوع أطفال الأنابيب، فقد عارضه بعضهم لأسباب منها:
1. ما فيه من كشف العورة المغلظة للمرأة عدة مرات، وفي أكثر الأماكن حرجًا، ولأمر لا تتوقف عليه حياة المرأة.
2. استخراج المني من الرجل بغير الطرق المباحة وهو الجماع الجائز شرعًا. وقد قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) المؤمنون/5-7. ولذا حُرِّمَ الاستمناء وإن استهتر به بعضهم اليوم، فإن كثرة وقوع الحرام لا تجعله مباحًا.

3. الخشية من اختلاط الأنساب خلال عملية تحضير ماء الرجل وبويضة المرأة للتلقيح، ووقوع هذا بسبب الخطأ وارد، واحتماله عمدًا بسبب فساد الذمم وارد أيضًا، فقد فسدت الذمم لدرجة أن كل الدول تشكو من الفساد، وتشكل هيئات لمحاربته، فيخشى من استبدال ماء الزوج أو بويضة المرأة بناء على طلب أحد الزوجين، أو رغبة من الطبيب في إظهار مقدرته على علاج العقم، مما يجلب له الشهرة والثروة.

ومع ذلك أقرت الأكثرية عملية أطفال الأنابيب مراعاة لرغبة الإنسان في الإنجاب، والتي تعد قريبة من رغبته في الحياة، وحفظ الحياة إحدى الضرورات الخمس، هذا من جهة، ومن جهة أخرى خوفًا من إجرائها خارج البلدان الإسلامية، حيث لا تراعى الاعتبارات الشرعية، لكن شرط المجيزون لهذه العملية اتخاذ الاحتياطات الصارمة لمنع اختلاط الأنساب، وأن يكون تجنب المحاذير الأخرى حسب الإمكان؛ لأن الضرورات تقدر بقدرها.

أما قضية حفظ البويضات الملقحة فله عدة أغراض، منها:
1. حقنها مرة أخرى في رحم الأم إذا فشلت المحاولة السابقة، أي بعد شهر على الأقل من المحاولة السابقة.
2. حقنها في رحم الأم من أجل حمل جديد إذا نجحت المحاولة السابقة، أي بعد سنتين تقريبًا من الحمل الأول.
3. التبرع بها أو بيعها لامرأة أخرى: وهذا موجود في بعض البلدان.
4. استعمال البويضات الملقحة في إجراء التجارب الطبية.
وغني عن القول أن الغرض الثالث غير جائز شرعًا؛ لأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب، والغرض الرابع غير جائز؛ لأن الإنسان أكرم عند الله من أن يكون حقلًا للتجارب، والبويضة الملقحة هي بداية خلق الإنسان.

أما الغرض الأول والثاني فهما موضع النظر:
ولا شك أن بقاء هذه البويضات لمدة شهر فأكثر في أماكن الحفظ يعرضها للاختلاط، سواء كان مقصودًا أو غير مقصود، وإذا كانت عملية أطفال الأنابيب أبيحت للضرورة، فالضرورة تقدر بقدرها، وليس هذا مما تقتضيه الضرورة.

لهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بتحريم تجميد البويضات، بل ما زاد عن الحاجة في عملية أطفال الأنابيب تنزل فتنتهي حياتها، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.
وإن البحوث التي كتبت، والإحصائيات التي أجريت، تدل على إمكانية اختلاط الأنساب وسهولة أمره في بنوك الأجنة، بل تدل على كثرة وقوعه، وكونه تجارة يتعاطاها بعض الذين لا يخافون الله تعالى، ولا يخشون يوم الحساب. ولهذا يجب الحذر والاحتياط، فنسب الإنسان مهم كروحه بلا شك، وهو مما ميز الله به الإنسان عن الحيوان.
لهذا يبدو لي حرمة تجميد الأجنة وإن ترتب على ذلك الألم الذي يصيب الأم من محاولة الإنجاب الجديدة. 

حكم تجميد البويضات لغير المتزوجات 

يقول الدكتور عبد الحليم منصور أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه لا يجوز للمرأة التي لم تتزوج أن يؤخذ منها بويضات لتجميدها إلى بعد الزواج لإكمال عملية التلقيح، ذلك لأن المرأة التي لم تتزوج لا حاجة لها لإجراء هذا الأمر، لأنها يمكن أن تكون صالحة للإنجاب بلا أي تدخل طبي.

ويضف، إلى أن أخذ البويضات من المرأة قبل الزواج فيه عدة مفاسد منها:
أنها تؤدي إلى مفسدة الإطلاع على عورة امرأة أجنبية بلا مسوغ شرعي، ومعلوم شرعًا أن الاطلاع على عورة المرأة الأجنبية إنما يُباح لأجل الضرورة المسوغة لذلك، وليس ثمة ضرورة في هذه الحالة؛ ولا حاجة لذلك وبالتالي فهذا عبث لا فائدة من ورائه فيكون محرمًا.

ويضيف منصور، كما أن أخذ البويضات من هذه المرأة وتجميدها في بنوك الأجنة ربما يؤدي مع طول الوقت إلى ضياعها أو اختلاطها بغيرها، وهذا يؤدي إلى مفسدة اختلاط الأنساب، التي تنافي مقصود الشرع الحنيف في الحفاظ على الأنساب والأعراض.

من المعلوم شرعًا أن الإسلام دين العلم، ويدعو إلى الاستفادة من منجزات العلم الحديث لإسعاد الإنسانية والبشرية، وتحقيق معاني الخلافة عن الله عز وجل بشكل صحيح، ولكن كل ذلك في إطار الضوابط الدينية والأخلاقية التي دعت إليها الأديان السماوية ومنها الشريعة الإسلامية .

ويضيف منصور  أنه في ظل وجود حالات عقم، أو حالات عدم القدرة على الإنجاب يمكن للمرضى الاستفادة مما أنجزته القرائح البشرية في مسألة الإنجاب من خلال التلقيح الصناعي الداخلي، أو الخارجي، عن طريق أخذ البويضة من المرأة والحيوان المنوي من الرجل، وإتمام عملية التلقيح خارجيًا، ثم بعد ذلك وضع اللقيحة أو الجنين في رحم المرأة، وهذه الصورة على النحو المشار إليه صحيحة وجائزة شرعًا.

قد يحتاج التلقيح الصناعي إلى الحصول على عدد من البويضات تحسبا لفشل عملية التلقيح، فيقوم الطبيب بأخذ عدد من البويضات وتجميد بعضها في ثلاجات معينة معدة للحفظ وتحت درجة حرارة معينة حتى تبقى صالحة للاستخدام؛ ويخيف ذلك الكثيرين من الوقوع في خطأ خلط الأنساب ويجعلهم يرجعون خطوة للخلف قبل اتخاذ قرار التجميد.

ويعقب شيخ الأزهر على ذلك بقوله، في هذه الحالة يتأتى القول بالجواز أيضًا بشرط أن يكون هناك من الضوابط ما يمنع من اختلاط الأنساب عن طريق اختلاط هذه العينات بغيرها، وأن يتم حفظ هذه البويضات لمدة قصيرة لحين الانتهاء من عملية التلقيح ثم التصرف فيها بإعدامها، أو تعريضها للتلف، حتى لا تختلط بغيرها، أو يساء استخدامها بعد ذلك، مؤكدًا على أن يقوم بإجراء هذه العملية طبيب ذو خبرة في هذا المجال، وأن يكون متحليا بالأخلاق الحميدة التي تمنعه من إساءة استخدام هذه العينات فإذا توافرت هذه الشروط والضوابط فهنا يتأتى القول بالجواز.

والزواج العرفي زواج خارج دائرة الاعتراف به من الدولة المصرية وكل التشريعات تعمل على الحد منه، وإن كانت تعترف ببعض آثاره كالاعتراف بنسب الطفل، عن سبل الإنجاب حتى يؤمن حقوق أولاده، وكان السؤال المطروح هل يحق للمزوجة عرفيًا تجميد البويضات الخاصة بها والاستعانة بها في حالة الزواج العرفي؟.

ويقول منصور :إنه يُحرم اللجوء إلى هذه الوسيلة فيمن يتزوجون عرفيًا، ويحرم على الطبيب المعالج أن يساعد من هذه حالهم، بل عليه أن يتحقق من وجود رباط شرعي موثق من قبل الدولة قبل أن يجري هذه العملية.