تساءلت دومًا عن مقدار المسافة بين الشرق والغرب،.. هل تقاس بمعاييرالديمقراطية.. أم مفاهيم الحرية وغيرهما من الشعارات التي يرفعها البعض وإن اختلفتنوايا وأهداف الداعين إليها!.. أقول هذا الكلام بمناسبة تقلد الرئيس الأمريكيالجديد جو بايدن حكم بلاده،.. فبعيدًا عن السياسة وتفاصلها توقفت عند شخصية هذاالرجل البالغ 78عام، والذي عانى من شلل في عضلات الوجه، جراء ما تعرض له من مآسيكفيلة بهدم جبال وليس إنسان من لحم ودم.. فقد توفيت زوجته وابنته في حادث طريق يوماحتفالهما بشراء شجرة عيد الميلاد،ورحل ابنه بعد صراع طويل مع المرض اللعين، بينماطرد ولده الثاني من البحرية الأمريكية بسبب إدمانه لمخدر الكوكايين.. ورغم كل هذهالأحزان إلا انه ظل متمسكًا بالحياة بل ووصل لرئاسة أحدى قوى العالم الكبرى!
فالمسألة هنا ليست متعلقة ب"بايدن" لكن في أسلوب فكر .. نعم ..فكر وهو من وجهة نظري النقطة الفاصلة بين الشرق والغرب.. تلك النقطة التي تعوقمسيرة وصولنا إلى الفرحة.. النجاح.. والتقدم..
فالحياة عندهم لا تتوقف عند ظروف خارجة عن إرادتهم، ولا مرحلة سنية تعوقهمعن تغير نمط معيشتهم.. فالاستمتاع بكل ثانية في أجندة العمر هو أحد حقوقهمالأساسية..
على عكس مجتمعاتنا العربية،..وفيهايفضل البعض الاستسلام لدمعة فرضها واقع على غير هواه عن خوضه لتجربة لا يعرفتبعاتها، وكأن الخوف من كل جديد قدر مكتوب علينا .. فلا غرابة أن نجد رجلًا يرهنحياته على وظيفة، ويصاب بكل الأمراض العضوية والنفسية لو فقدها أو حتى وصل لسنالتقاعد!.. ولا عجب أن نسمع عن نساء في منتصف العقد الرابع من العمر استسلمنللتعاسة الزوجية بحجة كبرهن على العمل، وصعوبة إيجاد عائل يساعدهن على تحمل المسئولية.. أو تمسك الكثيرات بمهنةأصبحت تجلب مشاكل لا تعد ولا تحصى، ولو سألت أحدهن عن سر استمراريتها فيها أجابت.."لسه حبدأ من جديد؟!"..
وبعيدًا عن رجال ونساء لم يستطيعوا اقتلاع أوراق متعبة من صفحات حياتهم،..واكتفوا بالتحصر على أنفسهم كلما سمعوا عن حكاية عشق أجنبية تمسك أبطالها بأحقيتهمفي السعادة غير معنين بالخطوط الطولية والعرضية وإن زحفت على ملامح الوجه، وتمنوالو أن لهم صلة قرابة بتلك المجتمعات الغربية التي تبيح الحب حتى لو طغى الرماد علىشعر الرأس، ناسين أو متناسين أن أفكارنا هي التي تصنع مجتمعاتنا وليس العكس!
أعود بكلامي إلى ما أراه الأخطروالأهم وهم أبنائنا ونظرة بعضهم للغرب،.. فمنهم من قلد كل ما هو سلبي، واتخذ منالانحلال والانحراف طريقًا لحياته تحت مسمى الحرية وأتباع المفاهيم الغربية..والنتيجة شباب ضائع لا هو متناغم مع مجتمعه الشرقي ولا هو مقبول في بلاد الغرب..
فيا كل داعي للحياة الغربية ليتكم تتعلمون من إيجابياتها وقبل أن يطالب أحدكمبالحرية يعرف جيدًا معناها الصحيح .. وقتها، فقط نصل لطريق الغرب..