الكيماوي في سوريا

أهم خبر عن سوريا في الميديا الغربية منذ أسبوعين هو هل استعمل النظام أسلحة كيماوية وفق مصدر إسرائيلي، أو لم يستعملها. وسأعود إلى هذا الخبر قرب نهاية المقال.
كنت أعتقد أن أهم خبر سوري منذ 25 شهراً هو القتل اليومي، وضحاياه الأبرياء أربعون أو خمسون يوماً، ومائة في يوم آخر. ما هُدم يُبنى، ولكن من مات لا يعود.
هذا هو الخبر الأهم، والسياسة كلها يجب أن تعمل أولاً وأخيراً لوقف القتل. وبعد أهم خبر هناك أخبار تخرج من قلب الموضوع تستحق الاهتمام بها.
اللجنة العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة أعلنت رسمياً أن أزمة اللاجئين السوريين (بلغتي كارثة) هي أسوأ ما واجهت الأمم المتحدة في تاريخها وأسوأ من أزمات اللاجئين من أفغانستان والعراق وأي بلد آخر.
الأمم المتحدة تقدر اللاجئين السوريين في دول الجوار بـ1.35 مليون إنسان. أنا أقدرهم بمليوني إنسان لأنني أضيف إلى القوائم التي جمعتها المنظمة الدولية أكثر من نصف مليون سوري، هاجروا أفراداً او مع أسرهم، ولم يسجلوا أنفسهم لاجئين، لأنهم قادرون على إعالة أنفسهم.
وما سبق جزء من الصورة التي لا تكتمل إلا بزيادة ملايين أخرى من السوريين الذين هجّروا داخل بلادهم، وثمة رقم أذاعته الأمم المتحدة عن حاجة 6.8 مليون سوري في الداخل إلى معونة، مع توقعها أن يرتفع الرقم ‘لى عشرة ملايين، أي نصف السوريين. واليونيسيف تزيد ن نصف الذين يحتاجون الى مساعدة من الأطفال.
الاميركيون نصّبوا انفسهم شرطياً للعالم، إلا ان السياسة الاميركية إزاء سورية تناقض نفسها. ففي شهادات أمام الكونغرس، حذر وزير الدفاع تشاك هاغل ورئيس الاركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي من التعامل مع المعارضة السورية لتسلل ارهابيين اليها، وركزا على ارسال الادوية والاغذية. ولكن وزير الخارجية جون كيري تحدث عن تعاون وثيق مع المعارضة ولعب الولايات المتحدة دوراً ايجابياً في ايصال السلاح، من مصادر غير اميركية، الى المقاتلين ضد النظام.
من نصدق من رجال إدارة اوباما؟ هل نستطيع ان نصدق أياً منهم؟ انا لا اصدقهم ثم ارفض ان يتدخلوا في شؤون سورية لأنهم لو تدخلوا فسيكون الهدف خدمة مصالح إسرائيل.
وإسرائيل تعيدني إلى بداية هذه السطور، وهل استعمل النظام اسلحة كيماوية ضد الشعب السوري. اقول ان ثبوت استعمال مثل هذه الاسلحة يعني نهاية النظام.
وليام هيغ، وزير خارجية بريطانيا، هو آخر مسؤول من المحافظين الجدد في الغرب، و «واشنطن بوست» نقلت عنه في 15 من هذا الشهر قلقه إزاء ادلة على استعمال النظام السوري اسلحة كيماوية، وفي اليوم التالي نشرت «التايمز» خبراً مشابهاً ونسبت الى هيغ قوله ان النظام يجب ان يحاسب على استعماله الاسلحة الكيماوية، فهو قرر ان النظام استعملها لأن هذا يناسب بريطانيا، وأيضاً فرنسا التي صدرت عنها بيانات مماثلة شرحها خبر في «واشنطن بوست» بتاريخ 19 الجاري عنوانه «بريطانيا وفرنسا تزعمان ان سورية استخدمت أسلحة كيماوية».
بقيت بريطانيا وفرنسا وحدهما في توجيه التهمة حتى طلع علينا جنرال اسرائيلي هو ايتاي برون بمحاضرة في إسرائيل تناقلتها وسائل الميديا كافة يومي الثلثاء والاربعاء الماضيين، خلاصتها ان لدى اسرائيل معلومات عن استخدام النظام السوري اسلحة الدمار الشامل.
جنرال إسرائيلي يعني «دجال» و«مجرم حرب»، وأمامي خبران أميركيان يعبران عن الموقف الأميركي عنواناهما يغنيان عن شرح هما «الولايات المتحدة لا تزال تدرس ادعاءات ان حكومة سورية استخدمت السلاح الكيماوي» و «الولايات المتحدة تشكك في ادعاءات اسرائيل ان سورية استخدمت الكيماوي». وأمس كان عنوان فيديو على الموقع الإلكتروني لـ«نيويورك تايمز» هو «بحثاً عن دليل على (استعمال) سورية أسلحة كيماوية».
لا أمثّل سوى نفسي وأتكلم عن نفسي فقط، فأقول انني اريد معرفة الحقيقة، وهي لن تأتي من طريق جنرال اسرائيلي، واذا استعمل النظام السوري الاسلحة الكيماوية فعلاً، يكون امام نهايته، فهو بذلك تجاوز الخط الاحمر الذي رسمته الادارة الاميركية قبل غيرها، ويبقى التنفيذ.
[email protected]
نقلاً عن الحياة اللندنية