الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كريمة عودة تكتب: إن لم تستطع أن تحب فلا تكره

صدى البلد

عوّد قلبك الحب وجاهد نفسك في ألا تمارس الكره على من لم تحب، ففطرة الله أننا مختلفون في الظاهر والباطن، وأرواح البشر قد تتآلف أو تتناكر، كما أخبرتنا أمنا عائشة ـــ رضي الله عنها ــــ عن رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف" (أخرجه الشيخان).


أحيانًا تجد من يشبهك فتتلاقى روحكما، وتسعدا بالتعامل معًا، وأحيانًا أخرى تفرض عليك الظروف التعامل مع من يشق على قلبك التعايش معه، هنا يأتي دورك في مجاهدة نفسك في أن تحسن عشرته، وترجو له الخير، ويعينك على هذا صدق العزم في أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك؛ كي يكتمل إيمانك؛ مصداقًا لقوله ــ صلى الله عليه وسلم ــــ "لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (أخرجه الشيخان). وبهذا تستشعر السكينة وتتمكن من ضبط أهوائك، ولا تنشغل بالشحناء والغضب، فتصفوا روحك وتهنأ بوقتك، مما يعينك على قضاء مهامك بقدرات أفضل.


اِسعَ دائمًا للارتقاء بمواهبك النفسية والذهنية، وتنمية مهاراتك الاجتماعية؛ لأنك حتمًا ستتعامل مع من يختلفون عنك في خصائصهم، فإن لم تتقبلهم وتتعايش معهم بقدر الحاجة ستصاب بألم نفسي وتفقد توازنك الروحي؛ لما تجده من مشقة في التعامل معهم. والأمر يحتاج لمران كي تتخلص من شوائبك، ولا تعش في حدود مطالبك دون اكتراث بحقوق غيرك، وبهذا ترتقي في خلقك، فحسن الخلق لا ينبعث في النفس فجأة، بل يتكون وينضج على مراحل، وأرقى درجات حسن الخلق هي التي تظهر مع مخالفيك.  


وإن كان التآلف والتناكر بين الأرواح أمر جبلي لا تستطيع التحكم فيه، فلا تجعله سببًا لعدواة أو كره أو جور على حق، حرر قلبك وعقلك من قيود رغباتك، واجعل العدل وحب الخير باعثًا لقراراتك دون النظر إلى ميولك، وبهذا تتجرد أعمالك من أي ملابسة تخدش إخلاصك، وتدرك الفرق بين مطالب النفس المشروعة وأهوائها المذمومة.


واعلم جيدًا بأن القلوب متقلبة فمن كنت تحبه بالأمس قد تنفر منه غدًا، وقد تتآلف مع من كان يفزعك أن تتعامل معه سابقًا، فكن معتدلًا ولا تُفرط في مشاعرك، واعمل بنهج حبيبك المصطفى ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ حيث قال: "أحبب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما، عسى أن يكون حبيبك يومًا ما"، (سنن الترمذي). وفي هذا المعنى قال  الحسن البصري ـــ رحمه الله ــــ :"أحبوا هونًا وأبغضوا هونًا، فقد أفرط قوم في حب قوم فهلكوا، وأفرط قوم في بغض قوم فهلكوا". (شعب الإيمان).