قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

التيارات الإسلامية والأعياد المسيحية


غريب جدا على مجتمعنا المصري المعروف بمودته وتعضيده لبعضه البعض.. هذا الخطاب الذي أصبح يظهر في تصريحات ووسائل الإعلام من بعض الجماعات السلفية والتى تحرم معايدة المسيحيين في أعيادهم، ويكون موسم هذه التصريحات كلما كان هناك عيد للمسيحيين، وتحرم على رئيس الجمهورية أو قيادات الدولة حضور أي احتفال ديني للمسيحيين بدعوى أنه لا يتوافق مع العقيدة الإسلامية رغم أن الفقهاء يؤكدون أن الأصل في الأشياء الحِل ما لم يأت نص صريح بالتحريم، حيث إن الله سبحانه وتعالى أمر أن يعامل المسلم مع جميع الناس بالحسنى دون تمييز مسلم وغير مسلم، بالإضافة إلى أن تُرد التحية بأحسن منها وكان هذا نهج الرسول في معاملة أهل الكتاب.
إذن لماذا يصدر البعض وفي هذا التوقيت الذي تشهد فيه مصر توترا "دينيا" هذا الخطاب المتشدد الرافض للشريك الآخر في الوطن والعمل على إقصائه لدرجة توزيع منشورات محرضة في المساجد بعدم تهنئة المسيحيين في أعيادهم.. هذا الخطاب المخالف للتقاليد الاجتماعية المصرية كان له أثر إيجابي في عيد الميلاد الماضي، حيث إن المسلمين الرافضين لذلك الخطاب بذلوا مجهودا مضاعفا لتهنئة إخوانهم المسيحيين في العيد.
إن المسيحيين مواطنون من الدرجة الأولى ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات ورغم أنهم مختلفون عقائديا مع المسلمين، حيث يؤمنون أن في السيد المسيح تم ملء الوحي الإلهي، إلا أنهم يهنئون إخوتهم المسلمين بأعيادهم ويشاركونهم أفراحهم مثلما يحدث في موائد الإفطار الرمضانية على سبيل المثال، كما أن رئيس الجمهورية هو رئيس لكل المصريين مسلمين ومسيحيين وليس رئيسا لدين بعينه.
ثم يخرج علينا من يبرر عدم تهنئة المسيحيين بأن الطوائف المسيحية لاتهنئ بعضها البعض، وهذا الادعاء قول مغلوط، لأن المسيحيين بجميع طوائفهم يهنئون بعضهم البعض على المستوى الرسمي وأيضا على المستوى الشخصي، ولا تنسوا أن كثيرا من العائلات المسيحية مختلطة الطوائف، كما أن المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث كان يزور ويهنئ جميع الكنائس بالأعياد وسار على نهجه قداسة البابا تواضروس الثاني وأيضا في كنائس العالم كله يهنئون بعضهم البعض والكنيسة الكاثوليكية في مصر منذ ستينيات القرن الماضي أصبحت تعيد عيد القيامة مع الكنيسة الأرثوذكسية رغم اختلاف تاريخ الاحتفال كخطوة محبة.
فعلى من يصرح أن يقرأ ويسأل ويتعلم قبل أن ينطق ويضيف على التوتر الديني توترا لا لزوم له، وقد اختبرت شخصيا في عيد الميلاد من العام الماضي، أنه رغم أن بعض التيارات الإسلامية، خاصة السلفية، علا صوتها رافضة تهنئة المسيحيين في أعيادهم، إلا أنني تلقيت التهنئة من زملائي وهم شخصيات سلفية مرموقة الذين شاركوا معي جلسات الحوار الوطني فجاؤوا مشكورين لتهنئتي بالعيد بكل مودة ومحبة صادقة، هذه هى مصر الحقيقية التي تحت جلد كل مسيحي هناك مسلم وتحت جلد كل مسلم هناك مسيحي.
فلا داعي لتصدير خطاب متشدد لأغراض سياسية أو كما قال الدكتور بكر عوض، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، "نعيش عصر استفزاز الآخر" وكل عام وجميع المصريين بخير.