الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد الغنام يكتب: مصر ومياه النيل

صدى البلد

يبدو أننا على مقربة من اندلاع حرب قد حذر منها الكثيرون بسبب التعنت الإثيوبي، عشر سنوات من المفاوضات المتعثرة بين مصر والسودان وإثيوبيا للتوصل إلى توافق حول خطوات ملء السد، وتشغيله، ستكون مصيرية ولها انعكاساتها على مستقبل البلدان الثلاثة وتداعياتها في المنطقة كلها، فخروج الرئيس عبد الفتاح السيسي وحديثه هو إنذار شديد اللهجة بفشل المفاوضات وإنذار باللجوء إلى الخيار العسكري وبأن ملف سد النهضة دخل مرحلة حاسمة وخطيرة ما دام المفاوضات متعثرة ولا مبالغة في القول بأن مصر تسعى لاسترداد حقها وهو حق مشروع.


ويرى كثيرون أن تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي مفاجأة للجميع، ونسي أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان قد حذر في أكتوبر الماضي من الغموض والتعثر في مفاوضات سد النهضة، واصفا الوضع بالخطير لأنه يهدد الأمن المائي، وقال إن مصر لا يمكنها أن تعيش هكذا وإنها قد تلجأ للخيار العسكري إذا لم تحل القضية بالتفاوض، ووجه اللوم إلى إثيوبيا قائلا إنها أخلت باتفاق تم التفاوض عليه خمس سنوات، وعندما حانت لحظة التوقيع في فبراير«2020» وشارك في هذه المفاوضات إلى جانب مصر والسودان وإثيوبيا الولايات المتحدة والبنك الدولي، ورغم أن إثيوبيا ردت يومها برفضها لما وصفته بالتهديدات العدائية، قائلة إن الاتفاق كان منحازا ضدها وأكد إصرارها على مواصلة بناء وملء السد.
 
هذا الموقف يلخص في الواقع الطريقة التي تعاملت بها أديس أبابا مع المفاوضات، فهي تنخرط في المحادثات لكنها تمضي في إجراءاتها وخطواتها قبل التوصل إلى اتفاق، وهو ما اعتبره الرئيس عبد الفتاح السيسي تعمدا للمماطلة ومحاولة لفرض سياسة الأمر الواقع في تنفيذ خطوات ملء السد وتشغيله.

لقد صبرت مصر ونفد صبرها لأن الملء الثاني يعد فرض أمر واقع جديد، فقد حددت مصر والخرطوم منتصف شهر ابريل الحالي موعدا اقصي للمحادثات المتعثرة مع إثيوبيا قبل النظر إلي خيارات أخرى، وربما في هذا الإطار يمكن قراءة تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي صرح فيها باللجوء إلى الخيار العسكري بأن مياه النيل خط أحمر، وأن المساس بحصة مصر سيؤدي إلى رد سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل، وهناك إدراك دولي وإقليمي لخطورة الوضع ومخاوف من انزلاق الأمور نحو الحرب، وأتوقع أن تتكثف التحركات للتوصل إلى حل رغم الإدراك بأن المهلة الزمنية المتاحة تضيق.

وكانت السودان اقترحت رعاية رباعية للمفاوضات تضم كلا من: الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي، لكن حتى الآن ترفض إثيوبيا توسع دائرة المفاوضات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبي إن بلاده ملتزمة بالمحادثات التي يشارك فيها الاتحاد الأفريقي، وأبلغت موقفها هذا إلى مبعوث واشنطن الخاص، وجدد المتحدث التزام بلاده بالقوانين الدوليه المنظمة للأنهار العابرة للدول وعدم إلحاق أي ضرر بدول المصب جراء بناء السد، لكنه رد قائلا إن إثيوبيا تسهم بنسبة 85 في المائة من مياه النيل ولها حق قانوني وسيادي، وأقول لهم إن نهر النيل لا يخضع لمنطق سيادي تقليدي لأنه لا سيادة مطلقة في مياه النيل والتي تتقاسمها دول عدة، وأنه يخضع للقواعد والقوانين الدولية المنظمة لاستغلال وتقاسم المياه بما يحفظ حقوق ومصالح جميع الأطراف.

وفي نهاية مقالتي وللتاريخ، أكتب قبل هجر أو فراق قبل وضع السهم في كبد الهلاك قبل حرب إن رست أركست، فلنا جنود أوفيا، من تكونوا لكي يجف نهر نيلي، صمتنا صبر لقوة ضعفنا، ما زلنا نسعى للبقاء وللأخوة، فالضعيف من ذاك ناح وعلا صوته وفي الأرجاء باح، لن نكون دعاة حرب وفي الحقوق لا تراجع ولا انكسار، اسألوا التارىخ عنا قبل أن يصدع صوت السلاح نصرنا صبر ساعة، وجنودنا تهوي الكفاح لا مطامع في ازدياد، فالسعي خلف الحق زاد، لن نكون غزاة أرض كما يفعل الأغبياء، فشموخنا وعزنا يأبى أن يقتل في الشعوب الأبرياء، تاريخنا وحقوقنا قد ورثناها جدودا عن جدود إيماننا بالحق موتى أو حياة فحقوقنا ماء وماء بدماء، إن أردتم التذمر والتحجر والفراق فالتاريخ يكتب، فالماء قطر السماء
«والسماء رفعها ووضع الميزان».