سجل التاريخ أن مصر كانت أول بلد حفر قناة عبر أراضيها بهدف تنشيط التجارة العالمية، حيث تعتبر قناة السويس أقصر الطرق بين الشرق والغرب ونظرا لموقعها الجغرافي الفريد، فهي قناة ملاحية دولية هامة حيث إنها تربط بين البحر الأبيض المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس.
وقناة السويس تفصل بين قارتي آسيا وأفريقيا وتعد أقصر الطرق البحرية بين أوروبا والبلدان الواقعة حول المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي وهي أكثر القنوات الملاحية كثافة من حيث الاستخدام.
وتستخدمها السفن الحديثة بكثرة عددية كبيرة لأنها الأسرع والأقصر للمرور من المحيط الأطلنطي إلى المحيط الهندي، وتمثل الرسوم التي تدفعها السفن نظير عبور القناة مصدرا هامًا للدخل في مصر.
تاريخ إنشاء القناة
في عام 1854 نجح الدبلوماسى الفرنسى المهندس "فرديناند ماري دي ليسبس" في حشد إهتمام نائب الوالي سعيد باشا للمشروع وفي عام 1858 تشكلت الشركة العالمية لقناة السويس البحرية وحصلت على امتياز لحفر قناة وتشغيلها لمدة 99 عاما على أن تؤول ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة المصرية.
وتأسست الشركة على أنها مؤسسة مصرية خاصة ويملك معظم أسهمها مستثمرين مصريين وفرنسيين وفي عام 1875 قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم الحكومة المصرية وأشارت الدراسة التجريبية بأن مجموع 2,613 مليون قدم مكعب من التراب يجب أن تزال، بما فيها 600 مليون من اليابسة، و 2,013 مليون تكريك من المياه ومجموع تقديرات التكلفة الأصلية هي 200 مليون فرنك.
إنشاء القناة في البداية عندما واجهت الشركة مشاكل مالية للتمويل، اشترى سعيد باشا 44% من الشركة للإبقاء على تشغيلها ومع ذلك كان البريطانيين والأتراك يشعرون بالقلق من هذا المشروع ورتبوا لوقف المشروع ولو لفترة قصيرة، حتى تدخل نابليون الثالث وبدأ حفر القناة بالفعل في 25 أبريل لعام 1859.
وبين ذلك إلى 1862 تم الإنتهاء من الجزء الأول من القناة ومع ذلك ومع تولى إسماعيل الحكم خلفا لسعيد باشا توقف العمل من جديد فلجأ "فرديناند دي لسبس" مرة أخرى لنابليون الثالث، وتشكلت لجنة دولية في مارس من عام 1864، وقامت اللجنة بحل المشاكل وفي غضون ثلاث سنوات إكتملت القناة في يوم 17 نوفمبر 1869 حيث أزيل الحاجز عند السويس وتدفقت مياه البحر الأبيض المتوسط الى البحر الأحمر وافتتحت قناة السويس للملاحة العالمية.
وأخذ الإنتهاء من 160 كم على طول المجرى المائي للقناة عشر سنوات مؤلمة وجهد شاق من قبل العمال المصريين الذين تم إستدعائهم بمعدل 20,000 كل عشرة أشهر من بين طبقة الفلاحين.
الاحتفال بانتهاء حفر قناة السويس وافتتحهاوالإنتهاء من قناة السويس كان سببا كبيرا للإحتفال في بورسعيد بدأ الاحتفال المبالغ فيه بالألعاب النارية وحفلة حضرها ستة الاف متفرج شملت العديد من رؤساء الدول، بما فيها الإمبراطور "أوجينى" وإمبراطور النمسا وأمير ويلز وأمير بروسيا وأمير هولندا ودخلت قافلتين من السفن فى القناة من المداخل الجنوبية والشمالية، وإلتقتا في الإسماعيلية، وقد استمرت الحفلات لأسابيع، وتميز الاحتفال بافتتاح دار أوبرا إسماعيل العتيقة في القاهرة والتي لم تعد موجودة الآن.
في عام 1875 وبسبب الديون الخارجية، قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم المستثمرين المصريين وخاصة أسهم سعيد باشا بنحو 400,000 جنيه إسترليني، ومع ذلك لازالت فرنسا صاحب الإمتياز الأكبر وبموجب شروط الإتفاقية الدولية التي وقعت في عام 1888 "إتفاقية القسطنطينية"، افتتحت القناة لسفن جميع الدول دون تمييز، في السلم والحرب.
ومع ذلك فإن بريطانيا إعتبرت القناة ضرورية لصون قوتها البحرية ومصالحها الاستعمارية وبالتالي فإن أحكام المعاهدة "الإنجلومصرية" فى 1936 سمحت لبريطانيا للحفاظ على قوة دفاعية على طول منطقة قناة السويس ولكن القوميين في مصر طالبوا مرارا وتكرارا بإخلاء بريطانيا من منطقة قناة السويس.
وفي عام 1954 وقعت الدولتان على إتفاق يأخذ سبع سنوات ليحل محل معاهدة 1936 وينص على الإنسحاب التدريجي لجميع القوات البريطانية من المنطقة.
واستمرت القناة تحت سيطرة القوتين حتى تأميم جمال عبدالناصر للقناة في عام 1956، ومنذ ذلك الحين تديرها هيئة قناة السويس وبعد ثورة يوليو 1952، أعلن الرئيس جمال عبد الناصر فى 26 يوليو 1956 قرارا بجعل قناة السويس تحت الإدارة المصرية 100%، مما أثار غضب الدول الكبرى الذي أدى بدوره إلى العدوان الثلاثى على مصر في 29 أكتوبر 1956 الذي تسبب فى إغلاق قناة السويس، وأعيد فتحها في مارس 1957.
إغلاق قناة السويس
أغلقت قناة السويس أمام الملاحة مرتين في الفترة المعاصرة الإغلاق الأول كان وجيز وذلك بعد العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر في عام 1956، وكان الدافع الرئيسي للغزو هو تأميم المجرى المائي للقناة وقد أعيد فتح القناة في عام 1957.
والإغلاق الثاني وقع بعد حرب يونيو 1967 مع إسرائيل واستمر حتى عام 1975، عندما وقعت مصر وإسرائيل إتفاق فك الاشتباك الثاني وقام الرئيس الراحل أنور السادات بإعادة فتحها في ٥ يونيو عام ١٩٧٥.
اختيار السادات ٥ يونيو لإعادة افتتاح القناة
أعطى الرئيس الراحل أنور السادات أوامرهُ لهيئة قناة السويس وللقوات المسلحة بالبدء في عمليات التطهير للمجرى الملاحى لقناة السويس، وذلك عقب حرب أكتوبر المجيدة؛ حيث قامت الجهات المختصة بتطهيرالمجرى الملاحى .
واختار الرئيس الراحل أنور السادات 5 يونيو 1975، لافتتاح قناةالسويس للملاحة الدولية وذلك نظرا لحرب يونيو ١٩٦٧ والتي كانت في ٥ يونيو؛ وبذلك كان يوم الحرب هو يوم عيد لافتتاح الملاحة لقناة السويس.
وقد تم إزالة أجسام متفجر من مياه قناة السويس، كذلك الألغام وإزالة الأتربة وشمعات الرباط للسفن، كما أنه كان هناك عدد كبير من المعدات والمهمات الغارقة في المجرى الملاحى، وقسمت هذه العوائق لعوائق كبيرة وعوائق متوسطة وعوائق صغيرة من حيث الوزن، وكان من الضرورى الاستعانة بوسائل رفع خاصة ومعدات انتشال مناسبة.
وشارك في تلك الملحمة هيئة قناة السويس و الهيئة الهندسية والقوات البحرية والإنقاذ النهرى.
أهمية قناة السويس
تعتبر قناة السويس أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب وذلك بسبب موقعها الجغرافي الفريد وهي قناة ملاحية عالمية هامة تصل بين البحر المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس ويصبغ عليها هذا الموقع الفريد طابعا من الأهمية الخاصة للعالم ولمصر كذلك.
وتتعاظم أهمية القناة بقدر تطور وتنامي النقل البحري والتجارة العالمية؛ حيث يعد النقل البحري أرخص وسائل النقل ولذلك يتم نقل ما يزيد عن 80% من حجم التجارة العالمية عبر الطرق والقنوات البحرية "التجارة المنقولة بحرا" وتوفير الوقت والمسافة هو ما تحققه القناة وبالتالي وفر فى تكاليف تشغيل السفن العابرة لها يؤكد ما لهذه القناة من أهمية.
والموقع الجغرافي لقناة السويس يجعلها أقصر طريق بين الشرق والغرب بالمقارنة مع رأس الرجاء الصالح طريق القناة يحقق وفورات في المسافة بين موانئ الشمال والجنوب من القناة ، الأمر الذي يترجم كوفر في الوقت واستهلاك الوقود وتكاليف تشغيل السفينة.
إرشاد السفن
يحدد الطريق الملاحي علامات للإرشاد "شمندورات" منها المضيئة والعاكسة التى تحدد طريق السفن أثناء الليل.
ويوجد على الضفة الغربية للقناة 15 محطة إرشاد تقع على مسافات متساوية تقريبا "حوالي 10 كم" وذلك لمتابعة حركة السفن بالقناة وتقديم خدمات في حالات الطوارئ.
كما يوجد في كل من بورسعيد والسويس والإسماعيلية مكاتب حركة تعمل على تنظيم حركة الملاحة في القناة وترتبط مكاتب الحركة بعضها ببعض وبالمحطات البحرية وكذلك بالسفن العابرة من خلال شبكة اتصالات سلكية ولاسلكية يجرى تطويرها بأحدث شبكات الاتصال باستخدام كوابل الألياف الضوئية.
كما تم تطوير وسائل الاتصالات بالسفن عن طريق وحدة اتصال عبر الأقمار الصناعية وكذلك استكمال التغطية الرادارية لتشمل منطقة قناة السويس وهذا يساعد على التعرف على السفن أتوماتيكيا بمجرد دخولها منطقة الرادار على مسافة 35 كم من بورسعيد والسويس وكذلك متابعة السفن أثناء عبورها مع إمكانية تسجيل واسترجاع صور وتوقيتات عبور السفن.
قناة السويس الجديدة ومشروع التنمية
قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء قناة جديدة موازية لقناة السويس القديمة من أجل تعظيم الإستفادة من القناة وتفريعاتها الحالية بهدف تحقيق أكبر نسبه من الأزدواجيه لتسيير السفن في الاتجاهين بدون توقف فى مناطق انتظار داخل القناة ويقلل من زمن عبور السفن المارة.
كذلك يزيذ من قدرتها الأستيعابيه لمرور السفن في ظل النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية فى المستقبل وارتباطا بمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس ويرفع درجة الثقة فى القناه كأفضل ممر ملاحى عالمى ويقلل من قيمة الفكر فى قنوات بديلة تنافسية بالعالم والمنطقة.
وبلغت مدة تنفيذ المشروع 12 شهر "سنة واحدة" وبلغت كمية أعمال الحفر على الناشف 258 مليون متر مكعب بتكلفه تقديرية 4 مليار جنيه وبلغت أعمــال التكســـيات أطوال 100 كيلومتر طولي بتكلفه تقديرية 500 مليون جنيه كما بلغت إجالي أعمال التكريك 242 مليون متر مكعب بتكلفه تقديرية 15 مليار جنيه.
كما يرفع أيضا درجة الثقة فى إستعداد مصر لإنجاح مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس وينعكس كل ما سبق على زيادة الدخل القومى المصرى من العملة الصعبة ويصب فى خزينة الدولة مباشرة بالإضافة إلى إتاحة أكبر عدد من فرص العمل للشباب المصري وخلق مجتمعات عمرانية جديدة.
ويهدف المشروع لزيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة تحقيق أكبر نسبة من الإزدواجية فى قناة السويس وزيادتها لنسبة 50% من طول المجرى الملاحي وتقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لقافلة الشمال وتقليل زمن الإنتظار للسفن ليكون 3 ساعات في أسوء الظروف بدلًا من "8 إلى 11 ساعة" مما ينعكس على تقليل تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن و يرفع من درجة تثمين قناة السويس.
بالإضافة إلى الإسهام فى زيادة الطلب على استخدام القناة كممر ملاحى رئيسى عالمى ويرفع من درجة تصنيفها وزيادة القدرة الأستيعابية لمرور السفن فى القناة لمجابهة النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية فى المستقبل.
والقناة الجديدة خطوة هامة على الطريق لإنجاح مشروع محور التنميه بمنطقة قناة السويس ودفع عجلة الإقتصاد القومى المصرى لتحويل مصر إلى مركز تجاري ولوجيستى عالمى والعائد و النتائج من المشروع زيادة القدرة الإستيعابية للقناة لتكون 97 سفينة قياسية عام 2023 بدلا من 49 سفينة عام 2014 وتحقيق العبور المباشر دون توقف لـ 45 سفينة فى كلا الأتجاهين مع إمكانية السماح لعبور السفن حتى غاطس 66 قدم في جميع أجزاء القناة.
وزيادة عائد قناة السويس بنسبة 259% عام 2023 ليكون 13.226 مليار دولار مقارنة بالعائد الحالى 5.3 مليار دولار مما يؤدي إلى الإنعكاس الإيجابي المباشر على الدخل القومي المصري من العملة الصعبة وزيادة فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاورة.
مع خلق مجتمعات عمرانية جديدة وتعظيم القدرات التنافسية للقناة وتميزها على القنوات المماثلة رفع درجة التصنيف العالمي للمجرى الملاحي نتيجة زيادة معدلات الأمان الملاحي أثناء مرور السفن.
مميزات قناة السويس
= أطول قناة ملاحية في العالم بدون أهوسة وتتم حركة الملاحة فيها ليلًا و نهارًا.
= نسبة الحوادث فيها تكاد تكون معدومة بمقارانتها بالقنوات الأخرى.
= مهيأة لعمليات التوسيع والتعميق لمجابهة ما يحدث من تطوير في أحجام وحمولات السفن.
= مزودة بنظام إدارة حركة السفن VTMS ويقوم على استخدام أحدث شبكات الردار والكمبيوتر.
= تستوعب القناة عبور السفن بحمولة مخففة لحاملات النفط الخام الكبيرة جدًا "VLCCs" والضخمة "ULCCs" وكل السفن الفارغة مهما كانت حمولتها.