تحل علينا اليوم الذكرى الـ 76 لإعلان ميثاق منظمة الأمم المتحدة والذي تم توقيعه بين الدول الأعضاء عام 1945 في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، وتحديدا بمسرح "هيربست" في سيفيك سنتر، بجوار المركز المدني بالمدينة، وسمي المكان فيما يعد بـ "ساحة الأمم المتحدة"، إحياءا لذكرى المؤتمر.
ممثلو 80% من سكان الكوكب
وتمكن المجتمعون في ذلك اليوم وهم ممثلون عن 50 دولة حول العالم، بنسبة 80% من سكان كوكب الأرض، من كل الأعراق والأديان والقارة، بهدف إنشاء منظمة تحمي السلم وتساعد في بناء عالم أفضل بعد ويلات الحروب التي ذاقها سكان العالم إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية و خسائرهم في الأرواح وتشريد الملايين وهدم مدن كاملة بوسط أوروبا وحول العالم.
حضور دولي كبير
ونجح ممثلو الـ 50 دولة في صياغة ميثاق الأمم المتحدة والذي حظي بالقبول لدى جميع البلدان، ليصبح مؤتمر سان فرانسيسكو من أهم الفعاليات التاريخية وأكبرها خاصة بعدما بلغ عدد الحاضرين 3500 فردا، منهم 850 من الأعضاء والمستشارين والموظفين، بجانب 2500 صحفيي ومراسلي وكالات الإذاعة والمراقبين من الجمعيات والمنظمات الأخرى.
أقسام الميثاق
تم تقسيم الميثاق المقترح إلى 4 أقسام، وفوضت لجان للنظر في كل قسم، وكانت الأقسام كالتالي:
- القسم الأول: مختص بالمقاصد العامة للمنظمة ومبادئها وعضويتها وأمانتها والتعديلات المقترحة على الميثاق.
- القسم الثاني: مختص بمراجعة قواعد ولوائح السلطات والمسؤوليات.
- القسم الثالث: مختص بمجلس الأمن.
- القسم الرابع: مسودة النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
دور مصر
كان لمصر دورا ملموسا في إخراج منظمة الأمم المتحدة إلى النور، ففي 27 من فبراير انضمت القاهرة إلى تصريح الأمم المتحدة الذي تم توقيعه في أول يناير عام عام 1942، وتضمنت الموافقة على إنشاء تنظيم دولي معني بالدفاع عن الحياة والحرية والإستقلال وصيانة الحقوق الإنسانية والعدل.
لجنة قانونية
في ديسمبر عام 1944، شكلت مصر لجنة للنظر في التحضير للنظام الدولي، والحقت تلك اللجنة بمجلس الوزراء، وكان أعضاؤها هم الدكتور محمد حامد فهمي، والدكتور حامد سلطان ، الأستاذان بكلية الحقوق، والدكتور علي الجريتلي والدكتور عبدالمنعم القيسوني، المدرسان بكلية التجارة.
الوفد المصري
وفي مثل هذا اليوم من عام 1945 شاركت مصر بفاعلية في مؤتمر سان فرانسيسكو، بوفد رفيع المستوى برئاسة الدكتور محمد حسين هيكل باشا، رئيس حزب الأحرار الدستوريين، ورئيس مجلس الشيوخ وقتها، وضم الوفد مجموعة من السياسيين والعلماء المصريين المتخصصين فى مجال القانون الدولى البارزين.
أبرز مطالب القاهرة
وساهمت مصر في تأطير كافة القضايا البنود التي تناولها مؤتمر سان فرانسيسكو، خاصة في بناء صياغة المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على اتخاذ التدابير الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم وتتذرع بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التى قد تؤدى إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.
كما وطالب الوفد المصري بأن تمثل فى مجلس الأمن مناطق العالم المختلفة إلى جانب الدول الخمس الكبرى، واقترحت القاهرة أن يكون للدول الكبرى مقاعد دائمة فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى.
توقيع الميثاق
وفي 16 أكتوبر عام 1948 جاءت موافقة القاهرة على ميثاق الأمم المتحدة دون تحفظ، وصدق مجلس الشيوخ على الميثاق بأغلبية 94 صوتا مقابل عضوين، ثم تم توقيع بعد ذلك على النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية في 18 يوليو 1957.
نص الميثاق التاريخي:
ينص ميثاق الأمم المتحدة على: "نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح".
"وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار، وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي، وأن نكفل بقبولنا مبادئ معيّنة ورسم الخطط اللازمة لها ألاّ تستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة، وأن نستخدم الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها، قد قرّرنا أن نوحّد جهودنا لتحقيق هذه الأغراض ولهذا فإن حكوماتنا المختلفة على يد مندوبيها المجتمعين في مدينة سان فرانسيسكو الذين قدّموا وثائق التفويض المستوفية للشرائط، قد ارتضت ميثاق الأمم المتحدة هذا، وأنشأت بمقتضاه هيئة دولية تُسمّى "الأمم المتحدة".