الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رانيا الفولي تكتب: «سقوط حنين» (1)

صدى البلد

“إن هذه جريمة كبرى لابد أن يحاسب من تسبب فيها، انى لا اطلب سوى محاسبة المسئولين الحقيقيين عن قتل عشرين تلميذا لم يجنوا شيئا سوى أنهم أبناؤنا أبناء العجز والإهمال والتردي، كلنا فاسدون كلنا فاسدون لا استثنى أحدا، حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة”.
سيدي الرئيس،،،
كل ما أطالب به أن نصلى جميعا صلاة واحدة لله الواحد اله العدل الواحد الأحد القهار ،لست صاحب مصلحة خاصة وليست لي سابق معرفة بالشخوص الذين اطلب مساءلتهم، ولكن لدى علاقة ومصلحة في هذا البلد، لدى مستقبل هنا أريد أن احميه أنا لا أدين احد بشكل مسبق، ولكنى أطالب المسئولين عن هذه الكارثة بالمثول أمامكم فهل هذا كثير ؟ أليسوا بشراً خطائين مثلنا ؟ أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقي البشر؟؟!!
سيدي الرئيس،
أنا ومعي المستقبل كله نلوذ بكم ونلجأ إليكم فأغيثونا .. أغيثونا والله الموفق."
سيمفونية مرئية ومحاضرة قانونية من أهم وأروع وأقوى الحوارات والمرافعات التي دارت داخل جدران المحكمة في السينما المصرية وربما في السينما العالمية أيضا. قادها المايسترو عاطف الطيب وكتبها الرائع وجيه أبو ذكري وأطرب آذاننا بحوارها البديع بشير الديك وأداها ببراعة وجدارة الفنان أحمد زكي في فيلم ضد الحكومة.
كانت تلك الكلمات هي أول ما قفز إلى ذهني واستحوذ على تفكيري واحتل أذني بمنتهى القوة بعد سماع قصة "حنين حسام" ذات 19 عاماً، وبعد القراءة أكثر والبحث أكثر ومعرفة ملابسات القضية فوجئت أنها ليست الأولى من "فتيات التيك توك" اللاتي سقطن وتم القبض والحكم عليهن في ساحات القضاء، فقد سبقتها العديد من الفتيات وهن: مودة الأدهم 22 سنة، منة عبد العزيز 18 سنة، منار سامي 30 سنة، ريناد عماد 27 سنة، هدير الهادي 23 سنة، شيري هانم وابنتها زمردة.
أنا لست قاضية أو محامية لأناقش أو أجادل في أي إجراءات قانونية أو أي أحكام قضائية يقرها السادة القضاة، ولا أنا فقيهة في أمور الدين "عشان أفتي" وأصدر أحكاماً بتحريم أو تحليل أي أمر من أمور الحياة أو أن أقحم نفسي في نقاش عابث حول من ستدخل الجنة ومن ستدخل النار، ولا أدعي أيضاً أنني خبيرة في البرمجة لكي أتحدث فيما يتعلق بالتقنيات والبرمجيات التكنولوجية للموبايل ومدى إن كانت جيدة أم غير ذلك، والأكثر من هذا أنني لست متابعة "للتيك توك"، ولولا أبنائي ما عرفت إيه يعني "بلوجر وإنفلوينسر ويوتيوبر" وما تعنيه هذه المصطلحات الحديثة وما تجنيه من دولارات كثيرة.
أنا مجرد سيدة رزقها الله بالأمومة لشابين وطفلة، عندما قرأت مثل باقي المتابعين للفيسبوك قضية حنين حسام كان من الطبيعي علي كأم أن تثير تلك القضية مخاوفي ورعبي من احتمال وقوع أبنائي في مثل هذه الجرائم أو دخول هذه المتاهات، أو أقل القليل هو أن تكون هناك علاقة بينهم وبين من هم في دائرة الشبهات، أو حتى أن تجمعهم بهم مكان واحد " مدرسة – جامعة – نادي".
إنه ناقوس الخطر يدق في بيوتنا بكل قوته، حرب شرسة نخوضها ويعيشها أبناؤنا، فيروسات دقيقة وقاتلة لن يجدي نفعاً معها الكحول والمطهرات.
كيف وصلنا لهذه المرحلة؟ من هم الجناة والمسئولون الحقيقيون؟ هل حنين وغيرها هن من يتحملن المسئولية وحدهن في هذه القضية؟ أم أنهن مجرد ترس من تروس عديدة "خربانة" ومتهالكة في مجتمعنا؟ 
وأكرر أنا لا أدين ولا أدافع، أنا فقط أتساءل، أبحث، أحاول أن أسلط الضوء على هذه الكارثة لمعرفة الجناة الحقيقيين ولإيجاد حلول جذرية لهذه الظاهرة وهذا التدني والسقوط الذي حدث لعدد من بناتنا قد يتزايد إن لم نجد الحلول السريعة والمفيدة. 
من الذي أقنع هؤلاء الفتيات أن ارتداء ملابس ضيقة جداً ووضع مساحيق تجميل كثيفة والغناء والتمايل بشكل فج جداً جداً  "إن كل دا عادي جدا؟"، وأن الشهرة مهمة جداً والدولارات مغرية جداً والجراءة مفيدة أيضاً وأن برقع الحياء موضة قديمة جداً وحان وقت سقوطه "عشان أكون بنت كلاس جداً!؟". 
قلة التربية؟ انهيار التعليم؟ قصور دور المؤسسات الدينية في توجيه ورعاية الشباب؟ غياب دور المنظمات المجتمعية "أين أساتذة علم الاجتماع ؟!" ندرة الإعلام الواعي؟ موقف المؤسسات الثقافية والفنية؟ إذن من الجاني؟
الإجابة هي: 
أيتها السيدات الفضليات وأيها السادة الكرام، إن المتهم الأول في هذه القضية هي الأسرة، تفكك أركانها الرئيسية، انشغالها في أمور دنيوية أنستها الدور والواجب الرئيسي لها وهو تربية أبنائها؟ سقوط هيبة الأب، ضياع حضن الأم، اضطراب علاقة الأخوة والأخوات "كل واحد مشغول في موبايله"، الفهم الخاطئ والخلط بين أمرين إما الدلع والعطاء المفرط أو القسوة والحزم غير المبرر في بعض الأحيان، متى تقال كلمة نعم موافق ومتى تكون كلمة لا هي المتصدرة للموقف.  
الخلاصة: الكلمة السحرية "الأسرة" لابد أن نربي أبناءنا بمزيج عاقل من الحنان والحزم، العطاء والمنع، لابد أن نحملهم المسئولية حسب فئتهم العمرية، لابد أن نعطيهم القدر الواعي من الحرية ولكنها حرية تحميها أعيننا. وكما قال الفنان الراحل فؤاد المهندس: "سك على بناتك بس إديهم المفتاح" وللحديث بقية.
مع أطيب المنى وأرق تحياتي