الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جريمة وهزيمة من طرف واحد.. هل يقاوم آبي أحمد فيضان التمرد في تيجراي بـ سد النهضة؟ دويتشه فيله: أزمات إثيوبيا تمزق سمعة صانع السلام.. والسودان يدفع ثمن جيرة الديكتاتور

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

جبهة تحرير تيجراي تستعرض أسرى الجيش الإثيوبي في موكب مذل لآبي أحمد
تونس تقدم مشروع قرار في مجلس الأمن للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة خلال 6 أشهر
46 ألف نازح من الصراع في تيجراي يعبرون الحدود إلى السودان

 

خلال أقل من أسبوع واحد، وجد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مائدة النقاش بين الدول الأعضاء به قضيتين كبريين، أو بالأحرى أزمتين، كلتاهما تبدأ في إثيوبيا ولا تنتهي فيها.

فالجمعة الماضية، التأم مجلس الأمن للنظر في ما انتهت إليه الأوضاع بإقليم تيجراي المتمرد شمالي إثيوبيا، بعدما عجز الجيش الإثيوبي عن إخضاع الإقليم ودحر جبهة تحرير شعب تيجراي، التي أجبرت حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد على إعلان وقف إطلاق نار من طرف واحد بعدما استردت مدن الإقليم الرئيسية تباعًا، بما فيها مدينة ميكيلي عاصمة تيجراي.

وإمعانًا في إذلال آبي أحمد والتنكيل بجيشه، نظمت جبهة تحرير شعب تيجراي موكبًا ضخمًا ضم أكثر من 7000 من أسرى الجيش الإثيوبي اخترق شوارع ميكيلي على مرأى من سكان الإقليم وعدسات الصحافة العالمية وعيون آبي أحمد ونظامه.

وأمس الخميس، اجتمع مجلس الأمن مجددًا للنظر في قضية سد النهضة هذه المرة، بعدما أعلنت حكومة آبي أحمد بدء الملء الثاني لخزان السد الأسبوع الماضي، من طرف واحد أيضًا ودون التوصل إلى اتفاق ملزم مع مصر والسودان، اللتين دعتا مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤوليته في دفع الموقف إلى حل تفاوضي، قبل أن يتطور إلى موقف يهدد الأمن والسلم الإقليميين.

وخلال جلسة أمس الخميس، أبدت الدول الأعضاء دعمها للعملية التفاوضية حول ملء وتشغيل سد النهضة بقيادة الاتحاد الأفريقي، داعية مصر والسودان وإثيوبيا إلى استئناف المباحثات.

وقدمت تونس مشروع قرار يدعو إلى التوصل إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة في غضون 6 أشهر؛ الاقتراح الذي وصفته مصر والسودان، على لسان وزيري خارجيتها المصري سامح شكري والسودانية مريم الصادق المهدي أثناء مشاركتهما بالجلسة، بالمتوازن والمقبول، فيما رفضت إثيوبيا، التي أوفدت وزير الري سيليشي بيكيلي إلى مجلس الأمن، تناول المجلس لمسألة سد النهضة أساسًا، زاعمة أنه غير ذي اختصاص بهذا الشأن.

وبحسب إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، فإن تضرر حصة السودان في مياه النيل جراء ملء خزان سد النهضة دون اتفاق مع دولتي المصب ليس الضرر الوحيد الواقع على السودان من جارته الجنوبية، فالصراع في تيجراي يطال السودان بأضرار مباشرة، جراء فرار أكثر من 46 ألف نازح من سكان الإقليم الإثيوبي إلى داخل الحدود السودانية.

وطبقا لبيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أفضى الصراع بين القوات النظامية وجبهة تحرير شعب تيجراي إلى نزوح أكثر من مليون و700 ألف شخص من مناطق سكناهم، وإن ظلت أغلبيتهم داخل حدود الإقليم.

على أن الصراع في تيجراي شهد نقطة تحول فارقة الأسبوع الماضي، عندما نجحت جبهة تحرير شعب تيجراي في استعادة مواقع رئيسية وطرد الجيش الإثيوبي من معظم المناطق التي استولى عليها، بما فيها ميكيلي عاصمة الإقليم.

مكّن هذا الانتصار جبهة تحرير شعب تيجراي من التصرف بجرأة أكبر، فأعلنت رفضها التجاول مع وقف إطلاق النار أحادي الجانب الذي أعلنته حكومة آبي أحمد، واشترطت خروق القوات الإريترية والمليشيات غير النظامية الموالية للحكومة الإثيوبية من الإقليم أولا قبل أي حديث عن وقف إطلاق النار.

وأضافت "دويتشه فيله" أن سمعة "صانع السلام" رافقت صعود آبي أحمد إلى سدة السلطة، فإلى جانب وعوده بالسلام الاجتماعي في الداخل الإثيوبي أبرم اتفاق سلام مع إريتريا أنهى حالة الحرب القائمة بين البلدين لثلاثة عقود، لكن سرعان ما مزقت الحرب في تيجراي وأزمة سد النهضة هالة "صانع السلام" تلك.

وفي الداخل الإثيوبي، خفتت الحماسة التي قوبلت بها وعود آبي أحمد الإصلاحية الكبرى، بدءًا من الإفراج عن المعتقلين السياسيين وحتى فتح المجال للإعلام الحر، أما الوعود نفسها فقد باتت ذكريات بعيدة لا أكثر.

وفي مناخ كهذا يهدد وحدة إثيوبيا الوطنية ولُحمتها السياسية والاجتماعية، لا يجد آبي أحمد متنفسًا للتعويض عن شرعيته المطعونة سوى التشدد في قضية سد النهضة، والسعي المحموم للانتهاء من بناء وتشغيل السد بأقصى سرعة، كي يتسنى تقديمه بوصفه إنجازًا شخصيًا يلتصق باسم آبي أحمد دون سواه، لكن في الطريق إلى هذا الإنجاز يظن ديكتاتور إثيوبيا أن بمقدوره سرقة حقوق مصر والسودان في مياه النيل.