الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لعبة المصالح في «سد النهضة»

سلكت مصر كل الطرق الممكنة سلما .. وتحملت التعنت الإثيوبي كثيرا .. لكي تحافظ على حقها في مياه نهر النيل .. الذي منحته لها الطبيعة .. وكفلته لها القوانين والاعراف .. ووثقته الاتفاقيات والمعاهدات .. واحترمت الوساطات الدولية .. ووصلت لأقصى درجات ضبط النفس .. ولجأت لآخر وسيط وهو مجلس الأمن .. المنوط به حفظ الأمن والسلم في العالم أجمع .. ولكنه لم يضطلع بدوره المنوط به .. ولم يكن على قدر المسئولية الملقاة على عاتقه .. ولم يقدر خطورة الوضع القائم .. الذي يهدد السلم الدولي .. وينذر باضطرابات جسيمة في المنطقة .. ستمتد آثارها إذا وقعت .. الى أبعد ما يتوقع الجميع .
مصر تعلم ان هناك مصالح لدول كبرى ودول عربية .. في إنشاء سد النهضة .. وهي لا تعارض في إنشائه .. ولكن تطالب بحفظ حقها والحصول على حصتها في مياه النهر .. وهو حق مشروع يمكن تحقيقه .. ولا يتعارض مع الهدف من إنشاء السد .. ولكن يبدو أن هناك من يتربص بمصر ويحاول عرقلة مسيرتها التنموية .. وزعزعة أمنها واستقرارها .. بعد أن فشلت كثير من المخططات والمؤامرات التي استهدفها وحاولت النيل منها .
كان يمكن للدول المشاركة في إنشاء السد والمستثمرة فيه .. حتى في ظل التعنت الإثيوبي .. أن تدرك خطورة الوضع .. وتقنع الجانب الإثيوبي بالتوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب .. حتى لا تتعرض مصالحهم للخطر .. في حالة نشوب حرب _ لا قدر الله _ لأنه مع استمرار إثيوبيا في تنفيذ مخططاتها .. ستتأثر كافة مناحي الحياة في مصر والسودان .. بشكل لا يمكن السكوت عليه .. ولن تفلح مطالبات ضبط النفس والتفاوض السلمي وغيرها من المسكنات .. التي لا تثمن من جوع ولا تغني عن عطش .
ماء النيل هو سر حياة المصريين وأصل وجودهم .. وبدونه لا حياة ولا تنمية .. والمساس به يعرض حياتهم ووجودهم للخطر .. فهم ارتبطوا به أكثر من غيرهم من شعوب حوض النيل منذ آلاف السنين .. وقامت على ضفتيه حضارتهم التي تعد أقدم وأعظم حضارات العالم .. وهذبوه ونظموا مجراه  .. وقدسوه كما لم يفعل أحد .. ولسنوات عديدة كان نهر النيل ومعظم روافده .. يجري على أرض مصرية من أقصى شمال الدلتا وحتى بحيرة فيكتوريا في أوغندا .. وظلت وما زالت البعثات المصرية هي التي تشرف على كامل مجرى النهر من منابعة حتى مصبه .
نحن قادرون على حماية حقوقنا بانفسنا .. وردع كل من تسول له نفسه المساس بها .. ونلتزم باتفاقياتنا وعهودنا .. ونحترم المجتمع الدولي الذي لم يظهر أي جدية مع الأزمة .. خاصة وأن دول كبرى كثيرة منتفعة من إنشاء السد .. كالصين والمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها .. بجانب الولايات المتحدة التي تسلمت الملف لفترة ولم تحرك ساكنا .
وفي النهاية وبعد ان سلكنا كل الطرق المشروعة .. وطرقنا كل الابواب .. ليس أمامنا سوى اختيار الخيار الذي يمكننا من الحفاظ على حقنا الطبيعي والمشروع .. ولن يستطيع أحد أن يوقف جريان النيل أويعترض سريانه .. لأن له رب يجريه وجيش يحميه وشعب يفتديه .. وسيظل نهر النيل خالدا الى أن يرث الله الأرض وما عليها .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط