الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفرق بين جمرة العقبة والجمرات الثلاث في التوقيت والعدد والمكان

جمرة العقبة
جمرة العقبة

توافد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى مع بزوغ فجر هذا اليوم العاشر من شهر ذي الحجة ، مهللين مكبرين، تملؤ قلوبهم الفرحة والسرور ، بعد أن منّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات، وقد أدوا الركن الأعظم من أركان الحج ، ثم باتوا ليلتهم في " مزدلفة " تحفهم عناية الله تعالى ورعايته ، وهم يعيشون الأجواء الإيمانية، وسط منظومة من الإجراءات الصحية والتدابير الوقائية والخدمات المتكاملة التي هيأتها حكومة خادم الحرمين الشريفين ليؤدي ضيوف الرحمن مناسكهم بسلام آمنين.


وبعد وصول الحجاج إلى مشعر منى شرعوا في رمي جمرة العقبة ، اتباعًا لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ويأتي رمي الجمار تذكيراً بعداوة الشيطان الذي اعترض نبي الله إبراهيم عليه السلام في هذه الأماكن ، فيعرفون بذلك عداوته ويحذرون منه.


الفرق بين جمرة العقبة والجمرات الثلاث

وهناك عدة فُروقات بين جمرة العقبة التي تُسمى بالجمرة الكُبرى، والتي تُرمى يوم النحر، والجمرات الثلاث التي تُرمى في أيام التشريق؛ من حيث التوقيت الذي تُرمى به، وعدد الحَصيات، والمكان التي تُلتقَط منه، والمَوقع الذي تُرمى منه.

أولًا: التوقيت

ينقسم وقت الرمي إلى قسمَين؛ قسمٌ يُبين أول وقت الرمي، وقسمٌ آخرُ يُبين آخر وقت الرمي، وبيانهما فيما يأتي:

أول وقت الرمي: اختلف الفُقهاء في بداية وقت رمي جمرة العقبة الكُبرى على قولَين، توضيحهما فيما يأتي:

‏القول الأول: يبدأ رمي جمرة العقبة الكبرى منذ مُنتصف ليلة العيد؛ وهو قول الشافعية، والحنابلة، وأسماء بنت أبي بكر، واستدلوا بإرسال النبي -عليه الصلاة والسلام- زوجته أُم سلمة يوم العيد، فرَمَت قبل الفجر.

القول الثاني: يبدأ رمي جمرة العقبة الكبرى منذ طُلوع فجر يوم العيد؛ وهو قول الحنفية، والمالكية، وفي رواية عن الإمام أحمد، واستدلوا بحديث ابن عباس -رضي الله عنه-: (قدِمْنا على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيلةَ المُزدَلِفةِ، أُغَيلِمةَ بَني عَبدِ المُطَّلِبِ، على حُمُراتِنا، فجعَلَ يَلطَحُ أَفخاذَنا بيَدِه، ويَقولُ: أَي بَنيَّ، لا تَرموا الجَمرَةَ حتى تَطلُعَ الشَّمسُ. فقال ابنُ عبَّاسٍ: ما إخالُ أَحدًا يَرمي الجَمرةَ حتى تَطلُعَ الشَّمسُ)، والنحر يبدأ بعد الفجر، وكذلك الرمي يكون بعد الفجر.

- ‏أما أول وقت الرمي للجمرات الثلاث، ففيه قولان، هما:

القول الأول: يكون الرمي بعد زوال الشمس من اليومين: الأول، والثاني من أيام التشريق؛ وذلك باتفاق أئمة المذاهب الأربعة.

القول الثاني: جواز رميها قبل الزوال، وقد ورد ذلك في بعض الروايات عن الإمام أبي حنيفة؛ واستدلوا بفِعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة الكرام وأنهم كانوا لا يرمون إلا بعد الزوال.

آخر وقت الرمي

اختلف الفقهاء في الوقت الذي ينتهي به رمي جمرة العقبة الكُبرى، وبيان آرائهم فيما يأتي:

1. الحنفية: ذهب الحنفية إلى أنّ وقتها ينتهي بفجر يوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة.

2. المالكية: يرى المالكية أن وقتها يمتد إلى مغرب اليوم ذاته، ويجب عندهم الدم بتأخير الرمْي عن ذلك الوقت.

3. الشافعية والحنابلة: ذهبوا إلى أن وقتها يمتد إلى آخر أيام التشريق.

أما في ما يتعلق برمي الجمرات الثلاث، فتفصيل الآراء في ما يأتي:

1. الحنفيّة: ذهب الحنفية إلى أن رَمي الجمرات الثلاث يكون في كل يومٍ منها، وينتهي الرمي بطلوع الفجر في اليوم الذي يَليه، فمثلًا يمتدرَمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني من العيد إلى طُلوع الفجر من اليوم الثالث، ومن أخرها عن ذلك الوقت، وجب عليه الدم، أما الوقت المسنون للرمي، فيكون منذ زوال الشمس وحتى غروبها، واستدلوا بفِعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.

‏2. المالكية: ذهب المالكية إلى التفريق بين وقت القضاء، ووقت الأداء في الرمي؛ فوقت الأداء يكون بانتهاء غروب كل يوم، وما بَعده يكون قضاءً، وينتهي الرمي رابع أيام العيد، ويجب عليه الدم بتركه حصاة، أو بتَرْكها جميعها، أو في حال أخر شيئًا من الرَّمْي إلى الليل.

3. الشافعية والحنابلة: ذهب الشافعية، والحنابلة إلى أنّ وقتها يمتد إلى غروب الشمس من اليوم الرابع من أيام العيد؛ وهو آخر أيام التشريق، ومن أخرها عن ذلك الوقت، وَجَب عليه الفِداء.

ثانيا: عدد الحصيات

‏اتفق العلماء على أن مجموع ما يرميه الحاج من الجمرات سبعون حصاةً؛ إذ تُرمى جمرة العقبة يوم النحر برَمي سبعِ حصيّات، أمّا الجمرات الثلاث (الصُّغرى، والوُسطى، والكُبرى)، فُترمى على مدار ثلاثة أيام؛ وهي أيام التشريق؛ بحيث تُرمى كُل جمرة بسبع حصيات في كُل يوم؛ فيكون مجموع الجِمار الثلاث في اليوم الواحد إحدى وعشرين حصاةً، وتكون لكل جمرة على مدار الأيّام الثلاثة إحدى وعشرون حصاة، وتجدر الإشارة إلى انّه يجوز للحاجّ أن يرميَ في يومَين، وينفرَ في الثالث؛ لقوله -تعالى-: (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ).

‏ثالث: موقع الرمي
‏ 

تُرمى جمرة العقبة يوم النَّحر في مكان يقع خارج مِنى من جهة مكّة المُكرَّمة، وتُرمى من أسفل العقبة، أو أوسطها، أو أعلاها، أما المَوضع المُختار فهو من بطن الوادي، أمّا الجَمرات الثلاث، فلكلِّ واحدة منها موقع يختلف عن الأُخرى؛ إذ تكون الجمرة الصغرى -وهي الجمرة الأولى- الجمرةَ الأقرب إلى مسجد الخيف، أما الجمرة الوُسطى -وهي الجمرة الثانية-، فتكون بعد الجمرة الصغرى، وقبل جمرة العقبة، ويتم رمي كلتيهما من أي اتجاه، بينما تُرمى الجمرة الكُبرى في جهة واحدة أسفل الوادي، بحيث يكون الرامي مُستقبلًا القِبلة في آخر مِنى من جهة مكّة المُكرَّمة، وهي لا تُعَدّ جزءًا من مِنى.