الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماذا يحدث في تونس؟

فنعم البديل من الزلة الاعتذار… وبئس العوض من التوبة الإصرار

هذا ما ينطبق على إخوان تونس الذين هم جزء لا يتجزأ من إخوان مصر وغيرهم من إخوان الشتات التائهين في بلاد الدنيا والذين يخرجون عن التعريف الذي أتى به الراحل - أحمد بهاء الدين - للإنسان حين عرّف الإنسان بأنه كائن له تاريخ، يستطيع الاستفادة من أخطائه ويتجنب تكرارها، بخلاف الكائنات الأخرى التي تكرر نفس الأخطاء طوال الوقت والتي ربما تهلكها دون أن تدركها وتتجنبها!

فها هي حركة (النهضة) في تونس تستنسخ نفس الأفعال التي أتى بها إخوان مصر حين تمكنوا من اعتلاء قمة السلطة في مصر المحروسة بعد ثورة يناير، ورغم وضوح الدرس الذي تلقوه على أيدي المصريين ونبذهم ووضعهم في مكانتهم التي يستحقون، لم تقرأ تلك الحركة التابعة لهم في تونس الأحداث وساروا على نفس النهج البغيض الذي يُعلي مصالح الإخوان على مصالح الدولة التونسية ويعمل على إفقار الشعب التونسي بشتى السبل لصالح ثرائهم وتشبثهم بالسلطة التي تمكنوا من الوصول لها بالكذب والتدليس وإقصاء المعارضين لهم ولو بالقتل كما فعلوا مع "شكري بلعيد" مؤسس تيار الجبهة الشعبية

ولا يخفى على الجميع ما كانت تعانيه تونس في الآونة الأخيرة من انتشار حالات كورونا وازدياد عدد الوفيات وما يعانيه الاقتصاد التونسي من ضعف نتيجة انتهاج سياسات فاشلة يتبناها التيار الإخواني التابع لحركة النهضة والحكومة التي كانت تحظى بدعمهم رغم تردي الأوضاع

لكن المدهش واللافت للنظر في ظل كل هذه الظروف التي كانت تعانيها تونس، هو انشغال حركة النهضة المسيطرة على البرلمان والشريك الرئيسي في الائتلاف الحكومي في تجهيز خطة أقل ما يقال عنها إنها قمة الفجور، فقد تناسوا كل ما يحدث للشعب من حولهم وقرروا إصدار قرار بصرف تعويضات تقدر بمليارات الدولارات لمنتسبي وقيادات حركة النهضة الإخوانية الذين يزعمون بأنهم كانوا قد تضرروا من نظام الرئيس الأسبق "زين العابدين بن علي"!

فبدلاً من الوقوف في صف الشعب الذي يعاني تحت وطأة الجائحة والظروف الاقتصادية القاسية وهم في موقع المسؤولية، راحوا يبحثون عن وسيلة يستنزفون بها أموال الدولة ويطالبون بتلك التعويضات التي من المفترض أن يتحملها هذا الشعب، بل وشرعوا في تشكيل لجنة للتعويضات لتنفيذ خطتهم الحقيرة

وبعد قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد التي جمّد بها هذا البرلمان الذي يتلاعب به الإخوان وأقال الحكومة الموالية لهم وألغى تلك اللجنة البائسة المسؤولة عن تلك التعويضات المزعومة، لم يستطع الإخوان التخلي عن جيناتهم الموروثة، فحاولوا محاصرة البرلمان وعمل اعتصام أمامه أسوة باعتصام "رابعة" المشؤوم، لكن السلطات التونسية لم تمكنهم من ذلك، فراحوا يصرخون بنفس الطريقة المعهودة: الشرعية… الشرعية… الدستور … الدستور … انقلاب ... انقلاب، فلم يسمع لهم أحد فتمهلوا هنيهة ظننّا فيها أنهم عادوا للتعريف الإنساني وأنهم سيستفيدون من أخطائهم السابقة ويعترفوا بما ارتكبوه في حق الأمة التونسية ويعودوا لصفوف المواطنين، لكنهم سرعان ما عادوا إلى حظيرتهم المفضلة فجنحوا للغة التهديد والوعيد إذا لم يتراجع الرئيس عن قراراته ويعيد لهم - على الأقل - البرلمان فإنهم سيشعلون الشارع وسيعود الإرهاب!
إن ظاهرة الإخوان بالفعل تستحق الدراسة والتحليل من قِبل علماء النفس والباحثين، فبعدما حدث في مصر على مدار عقد من الزمن وما يحدث ويتكرر الآن في تونس يجعل المرء يتساءل: أهؤلاء صنف جديد من البشر لا يمكنه تأمل التاريخ ولا يستطيع قراءته ولا تجنب ما وقع فيه من أخطاء؟ أم أنهم يستمرئون ذلك؟
كما قال الأعشى:    كَناطِح صخرة يوماً ليُوهنها… فلم يضِرها وأَوْهى قَرنَه الوعِلُ!

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط