الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسراء حامد تكتب: حصان طروادة

صدى البلد

 

في عصر تحكمه منصات التواصل الاجتماعي و الكيانات الرقمية، والغلبة فيه لـ"التريند" و البيانات المغلوطة التي تتدفق بسرعة و انتشار واسعين دون رقيب أو عتيد، يكون من المنطقى أن نتابع كل يوم شائعة تجد من يصدقها ومن يسهم فى نشرها و من يتفنن فى ترويجها بصورة تناهض المنطق و تحطم الثوابت و تدغدغ المشاعر.

وتشبه الشائعات فى هذا العصر الى حد كبير برامج حصان طروادة الالكترونية، و هى لمن لا يعرف فى أصولها تعود الى أسطورة إغريقية قديمة لحصان خشبي ضخم يبلغ طوله 108 متر اختبأ به محاربين اغريق كنوع من الخدعة ما تسبب فى  سقوط مدينة طروادة في قبضة اليونان، واستخدم هذا المصطلح أيضا فى عالم السموم الإلكترونية  كشفرة خبيثة يتم تحميلها فى برامج ذات شعبية عالية أو ألعاب ترفيهية تخترق جهاز الحاسب أو الهاتف و تشل قوته الدفاعية و قدراته الادراكية .

ومن هذا المنطلق و كما درسنا في كليات الإعلام تعتمد الشائعات منذ قديم الأزل على  القليل من الحقيقة و كثير من الادعاءات التي يقصد بها بث السموم و الفتن و تقويض التنمية و احداث بلبلة و تهديد الأمن و السلام و زعزعة العقيدة الراسخة.

ولا شك أن لكل شائعة هدف و مصلحة لمن يقف ورائها لذا يختار من يطلق الشائعة او الخبر المغلوط جمهوره بعناية فائقة و يدرس أبعاده النفسية و الاجتماعية ليصيغ  رسالته السامة  بهدف  التضليل و اثارة الذعر، و لهذا تستخدم الشائعات وفقا لكل المرجعيات الفكرية في حالة الحروب و النزاعات  المعارك النفسية وتعد اشد فتكا من الأسلحة النووية  و أكثر تدميرا من المواجهات المباشرة.  

وحين تختفى الدقة و تتراجع الموضوعية ويصبح الحصول على معلومة من مصدرها دربا من الخيال تنجح الشائعة في هدفها في ظل استعداد الناس لتصديقها  وفقا للاهواء الشخصية، وهنا يتفنن مروج الشائعة فى تعميق الكذب و التضليل و يصبح المتلقى وسيط لنشر الشائعة دون وعى بتأثيراتها على الاقتصاد وتوابعها المباشرة و القوية على قوت يومه.

و الشائعة قديمة منذ ان تمهدت الارض لاستقبال البشر و تعرض لها الانبياء والرسل و أوصى ديننا الحنيف بضحد الشائعة و التحقق منها فى اكثر من آية قرآنية، كما توصل ألبورت وبوستمان  الى قانون للشائعات لقياس مدى قوتها وفقا لمدى اهميتها للمتلقى و السعي انتشارها أو نفيها علاوة على غموضها،ولذا تعد الكلمة و دقتها وموضوعيتها مسؤلية كبيرة فى ظل استهداف النفوس الضعيفة من جهات معادية باستخدام سلاح التكنولوجيا الذى بات داخل كل بيت متمثلا فى منصات التواصل .

وقد يكون مصدر الشائعة هو المتلقى ذاته وفى احصائيات  حديثة لوحظ أن 70 % من دقة المعلومة يسقط حين يتم تداوله من فرد الى آخر  منذ خروجه من مصدره مرورا بكل من تقف عنده المعلومة  وهو ما يحدث بالفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بصورة يومية .

ورغم  تناول المادة 188 من قانون العقوبات عقوبة لكل من يروج الشائعات أو الأخبار الكاذبة منها يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وغرامة لاتقل عن 5 آلاف جنيه  ولا تزيد عن 20 ألف او احدى العقوبتين كل من نشر بسوء  او قصد باحدى الطرق أخبار او بيانات او شائعات كاذبة او اوراقا مزورة او منسوبة كذبا الى الغير من شأنها تكدير السلم العام او اثارة الفزع بين الناس أو الحاق الضرر بالمصلحة العامة ، و قد تصل الى الاعدام اذا وقعت في وقت الحرب لكن يظل هناك صعوبة في احكام القبضة على المصادر المجهولة المتواترة التى تروج الى تلك الشائعات عبر مواقع التواصل و المنصات الافتراضية التى أصبحت مصدر ثقة لبعض البسطاء أو الجهلاء .