الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أهداف الحرب في الإسلام والآثار المترتبة عليها.. علي جمعة يوضح

 أهداف الحرب في الإسلام
أهداف الحرب في الإسلام والآثار المترتبة عليها

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، إن القتال الذي يضطر المسلمون لخوضه دفاعا عن حقهم وردا للظالم هو أنقى أنواع الحروب، وقد وضحت هذه الحقيقة من الناحيتين: التنظرية والتطبيقية.

 

وأضاف علي جمعة، عبر صفحته على “فيس بوك”، أنه من الناحية التنظرية: قال تعالى : ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوَهُمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوَهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفَُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة : 190 : 193]

 

وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا وَقَالَ : « اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، وَلاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تُمَثِّلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا ، فَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ أَوْ خِلاَلٍ ، أَيَّتَهَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ، وَكُفَّ عَنْهُمُ ،ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَالتَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ ،وَأَخْبِرْهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ ، وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا ،فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُوا كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِى عَلَيْهِمْ مَا يَجْرِى عَلَى الأَعْرَابِ ، لَيْسَ لَهُمْ فِى الْغَنِيمَةِ وَالْفَىْءِ شَىْءٌ إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدُوا، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَيْهِمْ وَقَاتِلْهُمْ ، وَإِذَا حَاصَرْتَ حِصْنًا فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ، فَلاَ تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلاَ ذِمَّةَ نَبِيِّهِ وَاجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَمَ أَصْحَابِكَ ، لأَنَّكُمْ إِنْ تُخْفِرُوا ذِمَّتَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ ، فَلاَ تُنْزِلُوهُمْ ؛ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِى أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ ». [رواه الترمذي]

ومن هذا يتبين أن أهداف الحرب في الإسلام:

(1) رد العدوان والدفاع عن النفس.

(2) تأمين الدعوة إلى الله وإتاحة الفرصة للضعفاء الذين يريدون اعتناقها.

(3) المطالبة بالحقوق السليبة.

(4) نصرة الحق والعدل.

وأما شروط تلك الحرب فهي:

(1) النبل والوضوح في الوسيلة والهدف.

(2) لا قتال إلا مع المقاتلين ولا عدوان على المدنيين.

(3) إذا جنحوا للسلم وانتهوا عن القتال فلا عدوان إلا على الظالمين.

(4) المحافظة على الأسرى ومعاملتهم المعاملة الحسنة التي تليق بالإنسان.

(5) المحافظة على البيئة ويدخل في ذلك النهي عن قتل الحيوان لغير مصلحة وتحريق الأشجار، وإفساد الزروع والثمار، والمياه، وتلويث الآبار، وهدم البيوت.

(6) المحافظة على الحرية الدينية لأصحاب الصوامع والرهبان وعدم التعرض لهم.

 

والآثار المترتبة عليها هي:

(1) تربية النفس على الشهامة والنجدة والفروسية.

(2) إزالة الطواغيت الجاثمة فوق صدور الناس، وهو الشر الذي يؤدي إلى الإفساد في الأرض بعد إصلاحها.

(3) إقرار العدل والحرية لجميع الناس مهما كانت عقائدهم.

(4) تقديم القضايا العامة على المصلحة الشخصية.

(5) تحقيق قوة ردع مناسبة لتأمين الناس في أوطانهم.

 

أما غزوات النبي فقد اكتنفتها حقائق:

1- أن مجموع تحركاته العسكرية نحو ثمانين غزوة وسارية وتجريدة وأن القتال الفعلي لم يحدث إلا في نحو سبع مرات فقط.

2- المحاربون كانوا كلهم من قبائل مضر أولاد عمه صلى الله عليه وسلم، ولم يقاتل أحدا من ربيعة ولا قحطان.

3- أن عدد القتلى من المسلمين في كل المعارك 139 ومن المشركين 112 ومجموعهم 251، وهو عدد القتلى من حوادث السيارات في مدينة متوسطة الحجم في عام واحد، وبذلك يكون عدد القتلى في كل تحرك من تلك الثمانين 3.5 شخص، وهذا أمر مضحك مع ما جبل عليه العرب من قوة الشكيمة والعناد في الحرب أن يكون ذلك سببا لدخولهم الإسلام وتغير دينهم.

4- لقد انتشر الإسلام بعد ذلك بطريقة طبيعية لا دخل للسيف ولا القهر فيها، وإنما إقامة العائلات بين المسلمين وغيرهم وعن طريق الهجرة المنتظمة من داخل الحجاز إلى أنحاء الأرض، وهناك حقائق حول هذا الانتشار، حيث يتبين أنه في المائة عام الأولى من الهجرة كانت نسبة انتشار الإسلام في غير الجزيرة كالآتي: ففي فارس (إيران) كانت نسبة المسلمين فيها هي 5% وفي العراق 3% وفي سورية 2% وفي مصر 2% وفي الأندلس أقل من 1%، أما السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 25% من السكان فهي كالآتي:ـ

إيران سنة 185 هـ ـ العراق سنة 225 هـ ـ سوريا 275 هـ ـ مصر 275 هـ ـ الأندلس سنة 295هـ.

والسنوات التي وصلت نسبتهم فيها إلى 50% من السكان كانت كالآتي:

بلاد فارس 235 هـ ـ والعراق 280 هـ ـ وسوريا 330 هـ ـ ومصر 330هـ والأندلس 355 هـ

أما السنوات التي وصلت نسبة المسلمين فيها إلى 75% من السكان كانت كالآتي:

بلاد فارس 280 هـ ـ والعراق 320 هـ ـ وسوريا 385 هـ ـ ومصر 385 هـ والأندلس سنة 400 هـ.

تميز هذا الانتشار أيضا بخصائص منها:

(أ) عدم إبادة الشعوب.

(ب) معاملة العبيد معاملة راقية بعد تعليمهم وتدريبهم وتوليتهم الحكم في فترة اشتهرت في التاريخ الإسلامي بعصر المماليك.

(ج) الإبقاء على التعددية الدينية من يهود ونصارى ومجوس حيث نجد الهندوكية على ما هي عليه وأديان جنوب شرق آسيا كذلك.

(د) إقرار الحرية الفكرية فلم يعهد أنهم نصبوا محاكم تفتيش لأي من أصحاب الآراء المخالفة.

(هـ) ظل إقليم الحجاز مصدر الدعوة الإسلامية فقيرا حتى اكتشاف البترول في العصر الحديث.

إن هذه الحقائق ظلت باقية إلى يومنا هذا وعبر التاريخ وعلى العكس منها تعرض العالم الإسلامي للاستعمار ولإبادة الشعوب وتهجيرها ولمحاكم التفتيش والحروب الصليبية ولسرقة البشر من غرب إفريقيا وصناعة العبيد في أمريكا من ملف واسع كبير.

والغرض من ذكره المقارنة بين نقاء الإسلام والحروب عند غيرنا قديما وحديثا.