الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مسلمون ضد الإسلام

أرسل الله نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للناس كآفة , فلم يتم أرساله لقبيلة بعينها أو منطقة جغراقية محدودة بحدودها , بل للناس كآفة أينما وجدوا , ومن هنا جاءت عالمية دعوة الاسلام ونموها وانتشارها فى شتى بقاع الارض , فالاصل فى الاسلام هو انه دين لا حدود جغرافية له , دين منفتح على كل الحضارات والثقافات ومحتضن لكل رسالات السماء السابقة له , فلا توجد رسالة سماوية سابقة والا أعترف الاسلام بها , بل ان من ضمن شروط الايمان أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله , لا نفرق بين أحد من رسله .

لذا فأن أى دعاوى للتقوقع أو أنفصال المسلمين عن المجتمعات التى يعيشون فيها هى دعاوى ضد الاسلام تماما , لأنها ببساطة تتعارض مباشرة مع ما كان يفعله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى حياته من أنفتاحه على كل الشعوب والقبائل التى أستطاع الوصول اليها بوسائل العصر آن ذاك , وتتعارض تماماً مع ما أوامر الله لنا بالتعايش مع الناس فى قوله تعالى (  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) صدق الله العظيم .

ولو رجعنا لسيرته العطرة , صلوات الله وسلامه عليه , لوجدناه عاش مع عبدة الاصنام فى قريش قبل الهجرة وتعايش معهم , فلم يأخذ المسلمين اللذين آمنوا معه خارج مكة وينشئ لنفسه ولأصحابه منازل وخيام خاصة بهم تعزلهم عن الكفار والمشركين فى مكة تحت أى دعاوى مثلما نسمع اليوم من بعض الناس , بل عاش بينهم وتعامل معهم اشترى منهم وباع لهم , ولم يخرج من بينهم الا بعد أن أخرجوه ظلما , وعند خروجه من مكة وقف على أعتابها قائلاً , والله لأنك أحب بلاد الله الى الله وأحب بلاد الله الى ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت , فلم يخرج هو من آمن معه الا بعد أن أخرجوه أهل مكة .

وعندما وصل الى المدينة المنورة ونصره الانصار لم يكون بهم جيب صغير منعزل عن باقى سكان المدينة , أو يبنى سور حولها وينعزل بالمسلمين عن بقية الناس , بل عاش وتعايش مع الجميع , شارك أهلها ومنهم اليهود فى الزراعة وأقترض منهم ورهن درعه عندهم , وعندما جاؤه وفد من نصارى نجران وتحاوروا معاً فى بعض أمور عقائدهم أكرمهم وأستضافهم ثلاثة أيام فى مسجده الشريف رغم أنهم لم يؤمنوا بما جاء به , فعدم ايمانهم لم يمنعهم حقهم فى ودهم وكرم ضيافتهم  وحسن معاملتهم حتى باتوا فى مسجده ثلاث ايام متتالية  .

فأين نحن اليوم من اقوام يدعون أنهم مسلمون وأفعالهم تخالف الاسلام و سيرة سيدنا محمد خير الآنام , بدعواتهم الحمقاء للانفصال عن المجتمعات والدول التى يعيشون فيها , وتكوين دويلات أو أمارات صغيرة مغلقة عليهم , بدعوى أنهم مؤمنين وغيرهم كافرين أو مشركين , فحتى وان صدق وصفهم لغيرهم فى بعض البلدان فهم أيضاً يخالفون الله ورسوله , لأن الله يقول لنبيه (إِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ ) وذلك وقت الحرب فما بالك بوقت السلم , فهل هؤلاء أكثر أيماناً بالله من سيدنا رسول الله ؟ وهل هؤلاء أكثر حرصاً على الاسلام منه ؟ كلا والله , هم جهلاء بالدين وما يفعلونه ضد الاسلام والمسلمين .

فالاسلام دعوة عالمية موجهة لكل الناس وليست حكراً على أحد , وليست ملكاً لأحد , ولم يمنح الله أحداً صكوك الايمان والكفر يوزعها على خلق الله كيفما يشاء , بل انه سبحانه وتعالى حسم الخلاف بين المسلمين والكفار فى مسألة العقيدة بقوله سبحانه وتعالى ( لكم دينكم ولى دين ) لذا فأن أى دعوات للانفصال أو الانغلاق على النفس يرفعها بعض الناس بين المسلمين هى دعوات تحارب أنتشار الاسلام , وتقف ضد مبادئ وقيم عاش عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وطالبنا بالتمسك بها , وللحديث بقية .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط