قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

دينا شرف الدين تكتب: ضياع «القدوة» في زمن «التريند»

وما زالت تحديات و استفزازات من يحسبون علي المجتمع نجوم و من يتصدرون الصورة التي من شأنها أن تعكس درجة رقي هذا المجتمع ،

فكما تعلمنا أنه كلما ارتقي المجتمع كلما ارتقت به كل أشكال الفنون ، تلك للتي تعكس هذا الإرتقاء بوضوح .


و لكن :
في حين تسعي القيادة السياسية للنهوض الشامل بالمجتمع علي كافة المستويات و في مختلف الملفات ، نجد من يغرد دائماً خارج السرب ليتصدر هذا الهراء المسمي بالتريند و إن كان علي حساب استفزاز و تحدي الجمهور ،

فكل ما يعني هذا النجم سوي عدد المشاهدات التي باتت هي المعيار الأول و الأخير للنجومية و ضمان استمرار الحصول علي أدوار البطولة بغض النظر عن حسابات القيمة و القدوة و الرسالة المرجوة لهذا العمل الفني .


فتصدرت الرداءة وساد التدني بالمجتمع و تفشت الملوثات السمعية و البصرية بسبب تطورات العصر و تغيرات أذواق الجماهير ،
إذ أصبح المبرر الرسمي المتصدر لكافة الأنتقادات ( الجمهور عاوز كده )

فكل هذه الأسباب ليست إلا شماعات يعلق عليها الأخطاء كل مذنب مقصر ليخلي مسؤوليته أمام الآخر فحسب !

لكنها في واقع الأمر الحقيقة المرة التي علينا جميعاً التوقف أمامها و الإعتراف بها دون خجل أو تبرير إن كنا بحق نريد الإصلاح ،
ألا وهي أننا دون المستوي الذي يسمح لنا بالتنافس و إثبات الوجود بمناخ غني متنوع به لون متميز من جميع الألوان يرضي كل ذوق من جميع الأذواق .


فنحن الآن بحق نمر بأصعب أوقات انهيار الأخلاق و تصدر القدوة السيئة المشهد كله علي كافة المستويات

فكلما استنشقتنا الهواء كادت أن تخنقنا رائحة الفساد و التدني التي تنبعث من كل شئ تراه أعيننا و تسمعه آذاننا و تدركه عقولنا في الثقافة و الفنون و التربية و الأخلاق !


أما عن أحدث الأمثلة التي تدلل و بقوة علي هذالإنهيار الخلقي و تلك القدوة السيئة :

هذا النجم الجديد الذي بات قدوة و أسطورة يسير علي نهجها أكبر قطاع من شباب مصر ، صاحب الكليبات الشهيرة و الحفلات الصاخبة و التقاليع المنقولة عن ثقافات أخري و الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام و التواصل الإجتماعي بتعجب و انتقاد و لكن دون جدوي

و التي ما زالت و ستظل سلسلة تحدياته لكافة الأخلاقيات و ضربه لكل القيم مستمرة بشراسة ،

إذ كانت أحدث إصداراتها واقعة الصورة التي تسببت بالقضاء علي مستقبل و طموحات و أحلام الطيار المصري الذي تم إيقافه عن العمل مدي الحياة قبل أن يفارق هذه الحياة !

و أخيراً و ليس آخراً ، رسائله المستفزة لمشاعر الكثيرين من داخل طائرته الخاصة و مضيفاته اللاتي يرقصن معه ليشارك جمهوره هذا الهراء و يسعي جاهداً خلف أكبر كم من التعليقات و المشاركات و إن كانت أغلبها سلبية من باب البحث عن "التريند" المنشود.


أعزائي المندهشين :
لم تندهشون و تنتقدون هذا النجم لإطلاقه هذه الكليبات التي تؤكد للجميع أنه الأول بلا منازع بحسابات الأرقام ؟
ألم تكونوا أنتم من حققتم له هذه النسب من المشاهدات ، أي أنكم شركاء بالجريمة !

ألم تكونوا أنتم من دفع آلاف الجنيهات لحضور حفلاته الصاخبة .

ألم تكونوا أنتم السبب الأول و الأخير لرفع هذا الشاب علي القمة و تقاضيه أعلي أجر لفنان بنسب مشاهداتكم لأعماله و إقبالكم عليها ؟

ألم تكونوا أنتم من جعلتوا منه قدوة "سيئة" يحتذي بها الصبية و الشباب ليقلدوا سلوكها شكلاً و موضوعاً بشكل كارثي ؟

ألم تكونوا أنتم من تسببتم في إصابة هذا الشاب بهذه الحالة من الغرور و التعالي نظراً لعدم قدرته علي تصديق ما هو فيه و ما تخطي حاجز أحلامه بأيديكم و مباركتكم ؟

فقد أصبح المألوف الآن هو تصدر الأنصاف و غير المؤهلين و أشباه الموهوبين الصورة !!

في حين تتراجع جميع الكفاءات و المواهب و أصحاب الإمكانات في الصفوف الخلفية .

و لم تختص مصر و المنطقة العربية بشكل عام بهذه الظاهرة ؟؟
هل تعتبر تلك الظاهرة من أهم أسباب تراجعنا للخلف في حين يتقدم العالم للأمام باستمرار دون توقف ؟


فلم تعد الكفاءة معيار لأي شئ ، فليس بالضرورة أن يكون الطبيب الأشهر و الأعلي سعر هو الأكفأ ، و لا المغني الأشهر هو الأكثر موهبة و الأجمل صوتاً و لا الكاتب الأشهر هو الأفضل و الأبدع و لا الفنان المتربع علي عرش النجومية و الأعلي أجراً هو المستحِق عن جدارة لأسباب هذه النجومية !

لا أعلم من ذا الذي يتحمل المسؤولية المباشرة عن هذا الجرم المجتمعي الذي لم يلتفت أحد لمدي خطورته علي الأجيال الجديدة ، فقد أصاب جيلين أو ربما ثلاث و ما زالت الكارثة مستمرة بشراسة !

يا أولي الأمر في كل المجالات : أفسحوا الطرق لذوي الكفاءات ، و امنحوا الفرص لمستحقيها الذين تواروا تحت أتربة الزيف و الكذب و البالونات الممتلئة بالهواء فحسب !

فإن حقاً تمت السيطرة علي تصدر الأنصاف و عديمي الكفاءة ليخرج للنور و يفيد المجتمع كل موهوب و مؤهل في مجاله دون واسطة أو محسوبية أو خلافه ، لربما تنصلح الأحوال و تستقيم الأوضاع المقلوبة .


أمل كبير في مستقبل أفضل ولعله قريب.